إذا كانت هناك قضية دولية يتحدد مصيرها بشكل أساسى بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويُتوقع أن يختلف مسارها باختلاف من سيجلس خلف المكتب البيضاوى فى يناير المقبل، فإن هذا الأمر ينطبق تماما على الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
تقول وكالة أسوشيتدبرس إن الحرب فى أوكرانيا من بين أكثر القضايا المثيرة للانقسام فى سباق انتخابات أمريكا، فالمرشح الجمهورى، الرئيس السابق دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس يتبنيان رؤيتين مختلفتين تماما حول مقدار الدعم الذى يجب أن تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا. ووفقا للوكالة، فإن البعض فى كييف يرى أن مصير البلاد نفسها ووجودها يتعلق بمن سيفوز فى سباق البيت الأبيض.
فتتبنى هاريس نهجا مشابها لنهج الرئيس جو بايدن بضرورة مساعدة أوكرانيا ومواصلة الدعم العسكرى لها فى حربها ضد روسيا المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف، بينما يعارض منافسها ترامب استمرار هذا الدعم، ويرى أنه استنزافا للموارد الأمريكية ويتعهد بالعمل على إنهاء الحرب.
وفى حين أن هاريس قد أشارت إلى أن المساعدات العسكرية ستستمر لو وصلت إلى البيت الأبيض، فإن صلاحيتها يمكن أن تكون مقيدة فى حال فوز الجمهوريين بالأغلبية فى الكونجرس. كما يبدو أن استمرار خط الإمداد العسكرى، الذى وصل حتى الآن إلى أكثر من 50 مليار دولار، وفقا لبى بى سى، سيكون أقل احتمالا فى حال عودة ترامب إلى الرئاسة مجددا.
وأيا من سيكون الرئيس الأمريكى القادم، فإن تأثيره سيكون عميقا على أوكرانيا.
فعلى سبيل المثال، لم اضطرت أوكرانيا إلى التخلى عن أراضى وتجميد خطوطها الأمامية، فإن مناطق مثل زابورججيا يمكن أن تصبح مقسمة مثل كوريا الشمالية والجنوبية بعد وقف إطلاق النار الذى أوقف القتال، لكن لم ينه الحرب رسميا هناك أبدا فى الخمسينيات من القرن الماضى.
وقال ترامب إنه سيعمل على شىء ما لتسوية الحرب، وأشار إلى أن أوكرانيا ربما تضطر إلى التخلى عن جزء من الأرض.
أحد الخيارات الأمريكية أيضا، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية، يمكن أن يكون سحب واشنطن لدعمها تماما، وهو ما سيعنى بمرور الوقت أن تنجح روسيا فى نهاية المطاف فى محاصرة المنطقة بأكملها وربما المزيد من أراضى أوكرانيا.
أما السيناريو الآخر بأن تستعيد أوكرانيا كامل اراضيها، فيبدو أقل احتمالا بكثير.
وتشير بى بى سى إلى أن غياب التقدم الميدانى جعل مزايا دعم أوكرانيا محل جدال متزايد عبر الأطلنطى.
ترامب من جانبه لم يخف رغبته فى إنهاء الحرب وخفض تمويل أوكرانيا، وحاول مرارا منع حزم المساعدات فى الكونجرس، ووعد، أو هدد، بإجبار موسكو وكييف على الوصول إلى اتفاق قبل التنصيب الرئاسى الأمريكى فى يناير المقبل.
وتقول صحيفة الجارديان البريطانية إنه فى حين أن ترامب كان غامضا بشأن شكل الاتفاق المحتمل، فإن مرشحه لمنصب النائب جيه دى فانس، قد كشف عن خطة وصفها المنتقدون بأنها تعنى الانتصار لروسيا، حيث تحتفظ موسكو بموجبها بسيطرتها الحالية على الأراضى الخاضعة لها الآن، وتغادر أوكرانيا الناتو.
ونقلت الصحيفة عن مسئول رفيع المستوى فى كييف قوله إنهم يشعرون بالقلق من ترامب. ورغم أن ترامب وزيلينسكى يتشاركان الخلفية بالعمل فى مجال الترفيه والتلفزيون، إلا أن هذا لم يهدئ من العلاقة بينهما.
فى سبتمبر الماضى، استطاع زيلينسكى تأمين اجتماع مع ترامب فى نيويورك للدفاع عن قضية بلاده، وهو أول لقاء بينهما منذ خمس سنوات. لكن ترامب استبق اللقاء بجرعة من "الإذلال العام"، ونشر رسالة خاصة بعثها زيلينسكى له على السوشبال ميديا. وبعد أسابيع، ألقى ترامب باللوم على الرئيس الأوكرانى لبدء الحرب.
لهذا، فإن انتصار هاريس سيواجه فى أوكرانيا على الأرجح بقدر من الارتياح بأنهم سيواجهون خيارا أقل سوء، وليس حماسا كاملا.
من المتوقع أن تكون إمكانية التنبؤ بما تفعله هاريس أكبر مقارنة بترامب، وستواصل على الأرجح سياسة جو بايدن، وإن كان الأوكرانيون لا يزالوا يحاولون معرفة موقفها الشخصى من الصراع.
فلم تقم هاريس بأى زيارة لأوكرانيا منذ بداية الحرب مع روسيا فى 2022، ورغم أنها التقت بزيلينسكى العديد من المرات خلال توليها منصب نائب الرئيس، إلا أنها كانت تمرر عادة رسائل من بايدن، دون أن تضع أجندة خاصة بها.
وأنشأ مدير مكتب زيلينسكى أندريه يرماك، قناة اتصال مع فيليب جوردون، مستشار هاريس للأمن القومى، لتعزيز العلاقات وتعميق الفهم حول نقاط اتفاق سياسة بايدن وهاريس، ونقاط الاختلاف.