يبدو أن تاريخ الجماعة الإرهابية مع الأكاذيب قديم، فمنذ ظهور الجماعة عام 1928، وهى تبث الأكاذيب وتدعى البطولات الذائفة، ومنها مقاومتهم الاحتلال البريطاني لمصر، لكن بشهادة المؤرخين البريطانين والمصريين والعرب، فإن الجماعة لم تكن سوى أداة في يد الاحتلال ولم تقم بأي بطولات تذكر، ومنذ البداية دعا مؤسس الجماعة حسن البنا عناصره باستخدام العنف ضد الشعب المصرى الذى كان يدعو حينها لاستقلال مصر من الاحتلال البريطاني.
وكشفت العديد من الوثائق البريطانية، عن أنه بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، اعتقد السفير البريطاني لامبسون خطورة الوضع، فقد كان يرى أن القصر شكل تحالفًا ضد البريطانيين يستخدم فيه تنظيم الإخوان، وأن البنا وتنظيمه يمكن أن يخرجوا من تحت السيطرة لأن لهم حساباتهم الخاصة، وما كان يريده السفير البريطاني من النحاس هو مواجهة هذا الخطر، لكن آمال لامبسون في النحاس كانت قصيرة الأمد، ففي يومياته قبل أقل من أسبوع من تعيينه رئيسًا للحكومة، يصف لامبسون النحاس، في مذكراته المؤرخة 10 فبراير 1942، بـ"العنيد وصعب المراس"، فقد أراد النحاس إطلاق سراح بعض المعتقلين من بينهم أحمد حسين زعيم حزب "مصر الفتاة"، لكن البريطانيين رفضوا، كما أثار انزعاجهم أن النحاس لم يحبذ اعتقال علي ماهر باشا، بل إبقاءه رهن الإقامة في مزرعته.
ووفقا لكتاب "العلاقات السرية" للكاتب والمؤرخ مارك كيرتس، حيث أشار إلى وجود صلات قوية بين الإنجليز، والجماعة منذ النصف الأول من القرن الماضى، ويتحدث من خلال وثائق بريطانية رفعت عنها السرية مؤخرًا، حول توطيد العلاقات من خلال التمويل والتخطيط لإفشال المنطقة العربية والإسلامية.
وأوضح "كيرتس" توثيق العلاقة بداية من الحرب العالمية الثانية، حيث قال: شهدت جماعة الإخوان المسلمين نموًا ملحوظا بقيادة حسن البنا، والذى يسعى لتأسيس مجتمع إسلامى ليس فى مصر فقط، ولكن فى كل أقطار الدول العربية؛ ولذلك أنشأ العديد من الفروع لجماعته، فى كل من السودان والأردن وسوريا وفلسطين وشمال أفريقيا، وذلك بهدف إقامة دولة إسلامية تحت شعار "القرآن دستورنا"، التزم الإخوان بالتقيد الصارم لتعاليم الإسلام، وقدمت نفسها للمجتمعات الأوروبية على أنها بديلا للحركات الدينية وحركات القومية العلمانية والأحزاب الشيوعية فى مصر والشرق الأوسط، وذلك لجذب انتباه كل من بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، وهما القوتان الموجودتان على الساحة فى تلك الفترة.
ويرى المؤرخ والكاتب الصحفي حلمي النمنم، أن الاحتلال البريطاني عمد إلى إحداث نوع من التفرقة الطائفية، سواء في مصر أو الهند، موضحًا أن جماعة الإخوان تشربت هذه الفكرة من الاحتلال، وذكر أنه وفقًا لما سبق، فقد لجأ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، إلى الفقه الذي يعادي المسيحيين بشكل عام في مصر، مشيرًا إلى وجود ميراث فقهي معين يتجه نحو هذا الاتجاه في معاداة المسيحيين، نتيجة المعاداة بين الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية.
وأردف أن هذا الفكر انتقل إلى المعاصرين، مثل رشيد رضا في مصر، والذي يمكن اعتباره أستاذ حسن البنا، فقهيًا، معقبًا: "حسن البنا ما بين رشيد رضا والاحتلال البريطاني، تشرب هذه المسألة".
وبحسب منير أديب الباحث في شئون الحركات الإسلامية، فإن بريطانيا التي احتضنت هؤلاء الجهاديين لسنوات طويلة هي نفسها التي احتضنت مقر التنظيم الدولي لـ"الإخوان المسلمين"، وهي التي نسقت مع أمينه العام، إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد "الإخوان المسلمين"، فقد كانت حريصة على أن تظل المحرك الرئيسي لأكبر وأقدم تنظيم ديني باحتضانها لمقر التنظيم الدولي وباحتضانها أيضًا المقر البديل لـ"الإخوان" والذي يتولى قيادة التنظيم بعد غلق مكتب مصر ومحاكمة قيادته.
وبحسب الباحث قامت الحكومة البريطانية بالتبرع بمبلغ 500 جنيه للتنظيم، فقبلتها الجماعة على اعتبار أن هذه أموال الشعب وتعود للشعب! ولكن كان هدف "الاحتلال" وقتها هو احتضان الحركة "الإسلامية" الوليدة، بدأ ذلك في نهاية العشرينيات من القرن الماضي ولا يزال مستمرًا، والهدف هو استخدامها ضمن جماعات الضغط لتحقيق مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، فبريطانيا لم تنسَ أنها كانت تسيطر على أغلب المنطقة العربية وترغب في الاحتفاظ بهذا النفوذ.