بعد ساعات من تسمية الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب لضابط الجيش السابق والمذيع البارز فى قناة "فوكس نيوز"، بيت هيجسيث، وزيرا للدفاع، سادت مشاعر الصدمة والقلق والترقب بين مسؤولى البنتاجون سريعًا، لأنه إذا أكد مجلس الشيوخ ترشيحه، فسوف يقود 1.3 مليون جندى فى الخدمة الفعلية وأكثر من 750 ألف مدنى، جميعهم يعملون بالجيش الأمريكي.
أيضًا، فور توليه مسؤولياته، يجب أن يعقد هيجسيث اجتماعات مثيرة للجدال مع حلفاء الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، ويطور خيارات الضرب ضد الحوثيين فى اليمن، والسعى لتأمين دولة الاحتلال الإسرائيلى فى مواجهة فصائل المقاومة فى فلسطين ولبنان.
ورغم أن هيجسيث يتمتع بخبرة عسكرية، إلا أنه لم يدير منظمة أكبر من منظمة صغيرة غير ربحية، لذلك تثير قدراته الشكوك. أو كما قال مسؤول عسكرى سابق لصحيفة "بوليتيكو": هل نثق فى قدرته على إدارة وولمارت (أحد أشهر المتاجر الأمريكية الكبرى)؟ لأن هذا هو عدد الموظفين لدينا".
أيضًا، قال مسؤول حالى فى وزارة الدفاع الأمريكية: "لقد أصيب الناس بالصدمة. إنه مجرد مذيع فى قناة فوكس نيوز، ولم يعمل قط فى الحكومة".
حسب تقرير "بوليتيكو" الذى استند إلى لقاءات مع ستة مسؤولين حاليين وسابقين فى البنتاجون. لم يفاجأ العسكريون، مثلهم كمثل العديد من المسؤولين الآخرين فى واشنطن، بهذه الخطوة فحسب، بل شككوا أيضًا فى قدرة هيجسيث على إدارة مثل هذه البيروقراطية المعقدة.
وقال مسؤول فى وزارة الدفاع: "إنها وظيفة خطيرة للغاية، ويبدو لى أن هذا الشخص يعتمد فى المقام الأول على الأداء البصري، وهو معروف بأنه لم يقم بأى شيء ذى معنى فيما يتعلق بالأمن القومى بعد نهاية الخدمة فى الجيش".
وأضاف: "إنها بيروقراطية ضخمة، ويتعين عليك أن تفهم كيف تعمل لدعم الأمن القومى فى مختلف أنحاء العالم. إنها عملية شاقة ومليئة بالتحديات ولا علاقة لها على الإطلاق بالظهور على قناة فوكس نيوز والتحدث".
أيضًا، أثار اختيار هيجسيث مخاوف من أن إعطاء زمام الأمور لوافد جديد نسبيًا قد يخيف المنافسين على أكثر من 80 وظيفة أخرى أكدها مجلس الشيوخ فى البنتاجون، نظرًا لأن وزير الدفاع يحتفظ عادة بسلطة اتخاذ القرار، ويمكنه تجاهل نصيحة مرؤوسيه.
وقال آخرون إنهم ما زالوا يحاولون فرز تداعيات الاختيار دون أى معرفة مسبقة بالرجل. وتحدثوا عن قيامهم بعمليات بحث محمومة على "جوجل" لمعرفة المزيد عن رئيسهم الجديد المحتمل. أو كما قال مسؤول ثانٍ فى وزارة الدفاع: "بالكاد كنت أعرف من هو".
كذلك قال العديد من الدبلوماسيين الأجانب، مساء الثلاثاء، إنهم سارعوا إلى طلب أحدث كتاب لهيجسيث عبر الإنترنت بعد الإعلان عن ترشيحه "حيث يكافح الحلفاء للتعرف على شخص لم يسمعوا به من قبل وليس لديهم أى فكرة عن أولوياته"، حسب التقرير.
كانت الحياة الشخصية لهيجسيث قد تعرضت لانتقادات شديدة فى الساعات التى أعقبت إعلان ترامب عن اختياره، حيث انخرط فى علاقات متعددة خارج نطاق الزواج.
وفى عام 2018، عندما قيل إنه كان قيد النظر لتولى منصب وزير شؤون المحاربين القدامى فى إدارة ترامب، ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أن لجنة العمل السياسى لهيجسيث فى مينيسوتا أنفقت ثلث أموالها على حفلات عيد الميلاد، وأن مقدم البرامج التلفزيونية دفع ذات مرة لأخيه -الذى لم يكن لديه أى خبرة مهنية- مبلغ 108000 دولار للعمل معه فى مؤسسة غير ربحية.
وينقل التقرير عن كورى شاك، مديرة السياسة الخارجية والدفاعية فى معهد "أمريكان إنتربرايز" للأبحاث، إن المؤهلات التى عادة ما تجعل رؤساء البنتاجون ناجحين هى الخبرة التشريعية أو البيروقراطية "فوزارة الدفاع فى نهاية المطاف عبارة عن مؤسسة تبلغ قيمتها 780 مليار دولار، ويعمل بها مليونا موظف، ومجلس إدارة كبير ومتطفل (الكونجرس)".
وتضيف: "كما أن الفوز بدعم الحزبين يشكل أصلاً قيماً نظراً للعواقب الوخيمة المترتبة على الأخطاء عند التعامل مع استخدام العنف".
ويقول إريك إيدلمان، وكيل وزارة الدفاع السابق للشؤون السياسية أثناء إدارة بوش، إن حتى المسؤولين الذين شغلوا مناصبهم لفترة طويلة مثل روبرت جيتس وليون بانيتا وجدوا أن لا شيء قد أعدهم لضخامة مهمة إدارة البنتاجون.
وأكد: "أعتقد أن هذه هى ثانى أصعب وظيفة فى السلطة التنفيذية بعد الرئاسة".