قالت كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، لقد واجه لبنان الهجرة القسرية وقصف المعابر، تدمير قرى بكاملها وخسارة المواطنين بلحظة أحبائهم، بيوتهم، ذكرياتهم، استقرارهم، وحتى أوراقهم الثبوتية، ونزوح كبير جراء الحرب، وكانت الاستجابة الأولى من خلال فتح مراكز إيواء غير مجهزة لاستقبال النازحين والنازحات، كما شهدت الحرب تدمير البنى التحتية، وحرق الأراضي الزراعية وتشبيع تربتها بمادة الفوسفور مما قد يؤدي حتمًا إلى تداعيات صحية من تلوث الهواء والمياه بالمواد الكيميائية الضارة، ومن هنا أهمية دعم وزارة الصحة ووزارة البيئة في إعداد دراسة ميدانية حول هذه التداعيات.
جاء ذلك خلال ترؤسها الوفد اللبناني المشارك في المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم تحت عنوان: "تعزيز الحماية والاستجابة الشاملة لاحتياجات النساء في مناطق النزاع: النساء يواجهن الحروب"، الذى عقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بتنظيم قطاع الشؤون الاجتماعية في الجامعة بالشراكة مع المكتب الإقليمي للدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. وشاركت في وفد لبنان إلى المؤتمر المحامية غادة حمدان عضو المكتب التنفيذي في الهيئة.
وأضافت كلودين ، أن للحرب تداعيات حالية ومستقلية على الاقتصاد الوطني وعلى الصحة النفسية والجسدية للمواطنين، وأغلقت المدارس وأضحى التلاميذ والتلميذات في حالة غموض فيما يتعلق باستئناف عامهم الدراسي، فأوجاع اللبنانيين واللبنانيات لا توصف، وعيشهم في قلق دائم وخوف شديد مستمر لا يفسر، وفي ظل هذه الظروف، تابعت الهيئة الوطنية مسار إعداد الخطة وقامت برصد يومي للوضع الراهن الناتج عن الحرب، كما عقدت اجتماعاً مع اللجنة الوطنية التسييرية المؤلفة من المديرات والمدراء العاملين من الجنسين في الوزارات المعنية بتنفيذ القرار 1325 لوضع أولويات الخطّة الوطنية الثانية بحسب المحاور الأربعة للقرار، وهي: تعزيز دور المرأة في القيادة، تعزيز الأطر القانونية لحمايتها من كافة أشكال العنف، نشر ثقافة السلام، والاستجابة للأزمات من منظور النوع الاجتماعي.
واستطردت قائلة: "اليوم مع وقف إطلاق النار والاعتداءات الحربية، وعلى أمل أن يكون نهائياً، نجد أنفسنا أمام تحديات جديدة في مرحلة التعافي والاستجابة لاحتياجات النساء والفتيات خاصةً مع عودة النازحين والنازحات إلى بلداتهم المنكوبة.
وأستكملت قائلة ، من هنا ظهرت ضرورة اعتماد خطّة وطنية شاملة لإعادة الإعمار، لكننا نتساءل هل سوف تشارك النساء اللبنانيات في جهود إعادة الإعمار؟ وهل سوف تؤخذ احتياجات النساء والفتيات بعين الاعتبار؟ ، كما نتطلع لمشاركة النساء في تكوين السلطة الجديدة.
وأشارت عون إلى أنه بعد اختتام الخطة الوطنية الأولى لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، كلفت رئاسة مجلس الوزراء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بإعداد الخطة الوطنية الثانية، ومن الضروري أيضًا العمل على تمكين النساء اقتصاديًا وتعزيز استقلاليتهن المالية، من خلال برامج تدريبية مهنية وتأمين مساعدات مالية وقروض لتمكينهنّ من البدء بمشاريع اقتصادية جديدة.
وأوضحت أن من أهم التحديات في مرحلة التعافي مكافحة خطاب الكراهية ورفض الشتائم وتعزيز المصالحة، من خلال تطبيق بنود القرار 1325 حول تعزيز دور النساء ببناء سلام مستدام ومشاركتهن في عمليات الوساطة، منع نشوب النزاعات وحل النزاعات من دون اللجوء إلى العنف، مؤكد أن النساء والفتيات يدفعن خلال الحروب والنزعات أغلى الأثمان جسدياً ومعنوياً، ومن المهمّ في المرحلة المقبلة، أن يتمّ العمل على دراسة لرصد تداعيات الحرب على النساء والفتيات، كما خلق منصّة لهنّ لمشاركة آرائهنّ وتجاربهنّ.
وأضافت: "لا يمكن تأمين الحماية للنساء والفتيات إلا من خلال الوقاية وبناء ثقافة اللاعنف في أوقات السلم. وتشدد أجندة المرأة والسلام والأمن على ضرورة أن يكون العنصر النسائي أساسياً في صنع القرار وفي بناء السلام.
وأوضحت "لقد قامت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وشركائها بنشر المعرفة في مراكز إيواء النَّازحين والنَّازحات، وتعميم أرقام الخطوط الساخنة التي أوجدتْها القوى الأمنية ووزارة التربية والتعليم العالي وبعض المنظمات المدنية، للاتصال والتبليغ عند التعرض لأي شكل من أشكال العنف، ومنها التحرش جنسي والابتزاز الكتروني.
وقبل اندلاع الحرب، قامت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بإطلاق معايير دور الحماية الآمنة المؤقتة الخاصة بحماية النساء والفتيات الناجيات من العنف بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ونظمت لقاءات مع فرق عمل دور الحماية لنشر المعرفة حول هذه المعايير، كما قامت الهيئة بحملة واسعة بعد اقرار قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه لنشر المعرفة بهذا القانون الجديد لدى المحامين والمحاميات والجسم القضائي والعاملين والعاملات الاجتماعيات والطلاب والطالبات في الجامعات، كذلك عملت الهيئة الوطنية مع وزارة العمل على تضمين الأنظمة الداخلية للمؤسسات الاقتصادية، سياسة للوقاية والاستجابة ومعاقبة التحرش الجنسي في نطاق العمل، وتعمل حاليًا مع قيادة الجيش اللبناني على تطوير سياسة داخلية للوقاية والإستجابة ومعاقبة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي ومنها التحرش الجنسي، ونحن اليوم بصدد البدء بمشروع "دعم نفسي اجتماعي" بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، يستهدف النساء والفتيات النازحات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة