«أبطال من ذهب أو متحدو الصعاب» هم أبطال البارالمبية، الذين استطاعوا بجهدهم وعزيمتهم الصلبة التغلب على أصعب المواقف، وعبور العديد من الحواجز، مؤكدين، بما لا يدع مجالا للشك، أن الإعاقة الحقيقية هى عجز الفرد عن تحقيق ما يحلم به، والتذرع بحجج واهية لتبرير الإخفاق، لذلك سدوا أذانهم عن أى كلمات تشعرهم بالأحباط أو تثير الشفقة، وقرروا أن يثقوا فى إمكاناتهم التى تدعمها الإرادة القوية والتدريب الجاد، فتمكنوا برغم المنافسات الشرسة من حيازة أعظم الميداليات، والوقوف على أكبر المنصات العالمية، والحصول على أرفع الأوسمة، وهى الميداليات البارالمبية.
اقرأ أيضا:
سلمى على المقاتلة الطائرة.. حصدت 3 ذهبيات و4 فضيات.. إنفوجراف
فى هذا الملف، نتعرف على أبطال البارالمبية المصريين من خلال الاستماع إلى قصصهم التى يروونها بأنفسهم عن حياتهم العائلية، ودور الأسرة فى تنشأتهم، والمواقف التى مروا بها، وصعوبات البدايات المتمثلة فى أماكن تدريب بإمكانات بسيطة، بالتزامن مع محاولات التوفيق بين ظروف العمل وساعات التدريب، برغم اضطرار بعضهم للعمل فى أكثر من مهنة لتوفير أموال تمكنهم من الإنفاق والوفاء باحتياجاتهم اليومية.
اقرأ أيضا:
نادية فكرى صائدة البطولات ومحطمة الأرقام البارالمبية.. إنفوجراف
تاريخ مصر فى البارالمبيات
بلغ عدد المشاركات المصرية فى الدورات البارالمبية نحو 14 مشاركة منذ المشاركة فى ألمانيا 1972، وهى الدورة الوحيدة التى لم تحقق بها البعثة المصرية أى ميدالية، وشاركت مصر فيها بلاعب وحيد فى ألعاب القوى.
بينما شهدت منافسات باريس 2024، التى تصنف كأكبر مشاركة مصرية بـ54 لاعبا، تنافسوا فى 10 ألعاب، وهى «القوى، السباحة، رفع الأثقال، البوتشيا، كرة الهدف، كرة الطائرة جلوس، باراتايكندو، التجديف، الكانوى» وحصدت بها 7 ميداليات بارالمبية متنوعة.
اقرأ أيضا:
قاهر الصعاب.. حسام مسعود يعتلى منصة التتويج البارالمبية.. إنفوجراف
عدد الميداليات فى البطولات المختلفة
شهدت دورة أتلانتا 1996 أكبر إنجاز مصرى بـ30 ميدالية متنوعة، تليها دورة سيدنى بـ28 ميدالية متنوعة، بينما دورتى نيويورك 1984، وسول 1988 أقل عدد من الميداليات بميدالية وحيدة فى كل منهما.
اقرأ أيضا:
أساطير رفع الأثقال.. رحاب رضوان قاهرة الإعاقة تعتلى منصة التتويج.. إنفوجراف
صائدة المياداليات.. «نادية فكرى»
البطلة نادية فكرى
أو صائدة الميداليات البارالمبية، كما يطلق عليها، حيث شاركت فى 5 دورات، استطاعت الفوز فى 4 منها فى رفع الأثقال، الأولى كانت برونزية بارالمبياد سيدنى 2002، وفضية أثينا 2004، وبرونزية بكين عام 2008، والميدالية الفضية فى بطولة العالم عام 2014، ولم يكن ذلك إنجازها الوحيد، بل استطاعت أن تكون أكبر رياضية مصرية وعربية تفوز بمدالية بارالمبية وهى فى الخمسين من عمرها.
وتقول البطلة نادية فكرى: أفخر بلقب صائدة الميداليات، وقد لدت فى أسرة محبة مترابطة لأب يعمل موظفا وأم ربة منزل وخمسة أشقاء، كان ترتيبى الرابع بينهم، أصبت بشلل الأطفال فى عمر عام ونصف العام، مما أثر على حركتى، وكانت أمى تذهب بى مرتين يوميا لتلقى جلسات العلاج الطبيعى، وبالطبع مرررت بتجربة التنمر خلال فترة الطفولة، ولكن كانت أسرتى لها الدور الأكبر فى تجاوز أى آلام نفسية، فكانت تشعرنى باستمرار بأننى مميزة، وهو ما دفعنى لعدم الالتفات لتلك الإعاقة والعمل على تجاوزها.
وأضافت «نادية» أنها اضطرت للعمل فى سن صغيرة لرغبتها فى الاعتماد على نفسها، وعدم تحميل والدتها أعباء إضافية، خاصة بعد وفاة والدها، وهى بعمر الـ14، فاجتهدت لتوفير نفقات التدريب فى رياضة رفع الأثقال، التى اختارتها بالمصادفة، عندما انجذبت لحديث إحدى البطلات فى الإذاعة، فبدأت فى ممارستها، فامتهنت عددا من الوظائف المختلفة.
وتابعت «نادية»: فى البداية عملت فى معهد الأورام لمدة شهر واحد فقط، لأننى لم أستطع تحمل رؤية المرضى، وتكرر نفس الموقف بعد عملى فى مستوصف طبى وتركته لنفس السبب.
واستطردت «نادية»: بعد حصولى على الثانوية العامة، عملت فى إحدى شركات المقاولات بمنطقة وسط البلد بمحافظة القاهرة، وأخيرا أعمل حاليا فى إحدى شركات الاتصالات الحكومية، وانضممت لفريق الشركة ما مكننى من التدريب الجيد، بخلاف ما توفره وزارة الشباب والرياضة، ممثلة فى اللجنة البارالمبية، من دعم حقيقى بتوفير احتياجاتى، بجانب التدريب بأحدث المعدات والأساليب العلمية.
المحن تصنع الأبطال.. المواقف هى التى تصنع الرجال، وتنتج الأبطال، وهذا يصدق على حالة البطل حسام مسعود، الشقيق الأكبر لأسرة مكونة من 5 أشقاء، الذى تعرض لاختبار صعب فى طفولته، ولكن انتهى به الاختبار ليكون أحد المكرمين على منصة التتويج البارالمبية، حائزا على المركز الثالث فى الكرة الطائرة جلوس.
حسام مسعود هو ابن محافظة الفيوم، الحاصل على دبلوم تجارة، ويعمل موظفا بوزارة التربية والتعليم.
وأضاف «مسعود»: «هناك مواقف لا يمكن نسيانها، وديون لا يمكن سدادها، ومنها مواقف والدى الذى باع قطعة أرض لشراء دراجة بخارية لمساعدتى على التنقل بجانب دعمه النفسى لى خلال فترة ممارستى الرياضة، والتنقل الكثير، وحرصه على توصيلى بنفسه لمكان التدريب.
حسام مسعود
وتابع «مسعود»: ما علمته أن والدى لم يكن يعود للمنزل بعد توصيلى لملعب التدريب، بل يظل يتابعنى حتى أنتهى من تدريبى ويعود بى للمنزل مرة أخرى، وأيضا الكابتن أشرف زغلول أحد أبطال المنتخب المصرى لكرة الطائرة، أول شخص تنبأ بأن أكون بطلا.
عاشقة التحدى.. «سلمى على»
عاشقة التحدى وصائدة البطولات.. هكذا تعرف فى الوسط الرياضى، بعد أن أصبحت ضيفا دائما على منصات التتويج العالمية لحيازتها العديد من البطولات، سواء على المستوى المحلى أو القارى والعالمى فى لعبة البارا تايكندو، حيث حققت المركز الخامس فى دورة الألعاب البارالمبية بباريس 2024 وقبلها فضية أفريقيا 2019، وبرونزية آسيا 2021، وذهبية التصفية الأفريقية لدورة الألعاب البارالمبية طوكيو 2020، وبرونزية بطولة الجائزة الكبرى 2022، وفضية تركيا المفتوحة 2023، وذهبية بطولة مصر الدولية 2023، وذهبية الجائزة الكبرى 2023، وفضية بطولة عام 2023، وفضية الجائزة الكبرى2023.
كانت أول فتاة مصرية وعربية وأفريقية تتأهل لدورة الألعاب البارالمبية باريس 2024 دون الانتظار للتصفيات الأفريقية بعد تحقيقها فضية الجائزة الكبرى بإنجلترا.
سلمى على
وتقول سلمى: «بدأت ممارسة الباراتايكندو فى سن صغيرة بتشجيع من أسرتى، رغبة منى فى تعلم كيفية الدفاع عن نفسى، وصد أى عدوان، كذلك كانت شقيقتى تمارس اللعبة فانتقل لى حب التايكندو.
السمكة الذهبية.. السمكة الذهبية..
هكذا تعرف بين أقرانها نظرا لعدد البطولات والإنجازات الرياضية التى حققتها فى المنافسات العربية والأفريقية والدولية برغم صغر سنها.
بدأت آية عباس، الفتاة العشرينية، ممارسة السباحة فى عمر 6 سنوات بسبب عشقها العوم، حيث كانت البداية عند استخدامها السباحة كعلاج مائى بسبب عيب خلقى فى العامود الفقرى، فكانت تقضى أوقاتا طويلة فى المياه ومع الوقت تحولت السباحة إلى رغبة حقيقية فى ممارسة اللعبة بشكل احترافى، فاشتركت فى بطولة الجمهورية بعمر 8 سنوات فقط ثم توالى حصد البطولات، سواء على المستوى المحلى أو القارى أو الدولى.
البطلة آية عباس
وشاركت آية عباس، من موليد 2000، فى بطولة الجمهوروية بعمر 8 سنوات، وحققت كأس مصر ثلاث مرات ثم توالت إنجازاتها الدولية بعد انضمامها للمنتخب القومى عام 2014 بالفوز بـ3 ميداليات فى بطولات العالم، بجانب 5 ميداليات ذهبية فى سباقات 100 متر حرة، و100 متر صدر فى بطولة مصر للسباحة، كما شاركت فى دورتين بارالمبية، بحسب قولها، وهى أصغر وأول سباحة بارالمبية على المستوى المحلى والعربى والأفريقى، محققة ميدالتين فضية وبرونزية فى دورة الألعاب البارالمبية بالمكسيك 2017، بعمر17 عاما فقط، وكانت تلك الإنجازات سببا فى حصولها على وسام الجمهورية، لتكون أول من يحوز ذلك التكريم فى تاريخ السباحة المصرية.
تقول آية عباس: «لا يوجد هدف لا يمكن الوصول إليه أو إنجازه» مؤكدة على ضرورة التفهم الجيد لذوى الهمم، وأنهم يحتاجون لثقافة مختلفة، لأنهم ليسوا بحاجة إلى الشفقة، خاصة أن العديد منهم استطاعوا تحقيق العديد من الإنجازات، والوقوف على مختلف منصات التكريم، سواء المحلية أو الدولية، مطالبة أيضا بتطبيق كود «الإتاحة» بمعنى تهيئة المبانى لتحرك وتنقل ذوى الهمم فى المبانى والمواصلات والطرق.
قائمة الأساطير.. رحاب رضوان
أحد الأساطير المصرية فى رياضة رفع الأثقال، كتبت اسمها بحروف من ذهب فى سجل الإنجازات الرياضية المصرية، بعدما استطاعت الفوز بالعديد من البطولات الدولية رفيعة المستوى، ومنها «4 بطولات عالم المكسيك 2017، كازاخستان 2019، جورجيا2021، دبى2023».
رحاب رضوان
اقرأ أيضا..
بجانب فوزها بمداليتين فضيتين فى دورتى ريو 2016، وطوكيو 2020 البارالمبية، ومؤخرا ذهبية باريس للألعاب البرالمبية» هذه الإنجازات زينت اسمها فى قائمة الأساطير المصرية البارالمبية، حيث أصبحت تاسع لاعبة مصرية تحقق 3 ميداليات بارالمبية، كما أن تاريخها المشرف والفريد فى عالم البطولت أهلها للحصول على أوسمة جمهورية من الرئيس عبدالفتاح السيسى أعوام 2017،2019،2020.
وتقول «رحاب»: ولدت فى مركز منيا القمح بالشرقية لأسرة مكونة من 4 بنات وولد، وأنا أكبرهم، وأب على المعاش، وفى الوقت نفسه كان يعمل محاسبا بالوحدة المحلية بالقرية، وبدأت إعاقتى بعمر عام ونصف العام، وكنت قبل ذلك أسير بشكل طبيعى، ولكن أصبت بشلل الأطفال بعد ذلك، وساعدتنى أسرتنى فى تجاوز ذلك عن طريق جلسات العلاج الطبيعى بجانب الدعم النفسى الكبير، الذى حصلت عليه من أهلى.
بدأت «رحاب» التى تعمل فى إحدى شركات الاتصالات الحكومية، ممارسة رفع الأثقال بالصدفة عن طريق الكابتن عبدالحكيم فارس، بحسب تأكيدها، وهو ما توضحه بقولها: «كنت أحب مشاهدة رفع الأثقال ومتابعة منافساتها عبر التليفزيون، ولكن لم أكن أعلم كيفية الوصول إلى اللعبة، وفجأة أثناء خروجى من الكلية تقابلت مع الكابتن عبدالحكيم فارس، المدرب القومى لرفع الأثقال، الذى أمن بموهبتى وشجعنى على ممارسة اللعبة»، لافتة إلى رفض والدها لذلك الأمر فى البداية، ولكن مدربها تواصل معه، واستطاع إقناعه لتبدأ رحلة التدريب، وحصد البطولات فى رياضة رفع الأثقال محليا ودوليا.
المتحدث باسم «الشباب والرياضة»: نقدم كل أشكال الدعم للأبطال البارالمبيين
قال محمد الشاذلى، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، إن الوزارة تحرص على تقديم كل أشكال الدعم للأبطال البارالمبيين، حيث الاستعدادات الخاصة لأى بطولة أو مراكز التدريب والإقامة الداخلية والخارجية ومكافآت الجوائز والبطولات التى يحصلون عليها.
أبرز أبطال البارالمبية
وأضاف المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن الوزارة لديها مشروعات لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم وتوفير الإقامة وأماكن التدريب والرعاية الإدارية والفنية الكاملة للأبطال المؤهلين لبطولات العالم أو الدورات البارالمبية، موضحا أن الوزارة لديها المركز الأولمبى فى المعادى ويتضمن فندقا مملوكا للوزارة وتصرف عليه الوزارة بالكامل والذى يستضيف الاتحادات البارالمبية.
وأوضح «الشاذلى»، أن الفندق يتضمن صالات تدريب وكل التجهيزات والاستعدادات التى يحتاجها الأبطال قبل أى بطولة، بجانب أحدث الأجهزة المطلوبة لتدريب الأبطال سواء الأولمبيين أو البارالمبيين، مشيرا إلى أن الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، أصدر قرارا خلال السنوات الأخيرة بمساواة مكافأة الحصول على البطولة بين الأبطال الأولمبيين والبارالمبيين، بعد أن كانت المكافأة الخاصة بالأبطال الأولمبيين أكبر من البارالمبيين، ليأتى القرار الأخير كمحفز للأبطال البارالمبيين لتحقيق مزيد من البطولات.
وأشار المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، إلى أن الوزارة تدفع كل الاستحقاقات الخاصة بفوز الأبطال بشكل فورى، كما أنها قبل أى بطولة توفر كل الاستعدادات للبطل البارالمبى، وتوفر جميع المتطلبات المالية والمعسكرات والإقامة الكاملة للفرق القومية استعدادا للدورات العالمية والبطولات الأولمبية، بجانب تجهيز مكافآت الفوز لكل الأبطال الذين يحصلون على بطولة أو ميدالية.
واستطرد الشاذلى، أن هناك دعما مباشرا من الوزارة للأبطال ورعاية كاملة للجنة البارالمبية والاتحادات المعنية بها، ويتم توفير رعاية خاصة من خلال الشركات الخاصة والبنوك والكيانات الاقتصادية التى يتم توفيرها للاتحادات والأبطال ورعاية وتلبية كل الاحتياجات للاستعداد لبطولات العالم أو البارالمبية.
رئيس اللجنة البارالمبية المصرية: نعمل على تحويل المراكز الرياضية لتناسب كل أشكال الإعاقة.. الدكتور حسام الدين مصطفى: تطبيق كود الإتاحة فى المبانى والمواصلات لتسهيل حركة وتنقلات ذوى الهمم.. وبحثنا استخراج كارت الرعاية المتكاملة مع وزيرة التضامن لأعضاء البارالمبية
كشف «مصطفى» فى حواره لـ«اليوم السابع» عن أبرز الملفات، التى أثيرت خلال لقائه بالرئيس السيسى بصحبة رئيس اللجنة البارالمبية الدولية، خلال زيارته الأخيرة، وما ستعمل الدولة على تقديمه لدعم ذوى الهمم، بناء على التوجيهات الرئاسية.
الزميل أحمد جمال الدين مع الدكتور حسام الدين مصطفى رئيس اللجنة البارلمبية