أصبح الذهب لعنة النساء فى منطقة الأمازون، من استخدامه مقابل الجنس فى المناجم البرازيلية والعثور على جثث من عاملات تم استغلالهن، إلى الأمراض التى يسببها للنساء فى المناجم البوليفية.
تفاقمت أزمة استغلال النساء فى مناجم الأمازون للذهب، مع التوسع القوى فى استخراج المعادن فى هذه المنطقة، ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة (UNODC)، فإن انتهاكات حقوق المرأة فى مناطق التعدين تظل فى معظم الأحيان تحت رادار السلطات.
وحذرت مارسيلا أولهوا، منسقة مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، قائلة: "فى التعدين، تتعرض النساء لجميع أنواع العنف: الجسدى والعاطفى والممتلكات والجنسى أيضًا، وذلك مقابل الذهب.
نساء المناجم
فى العقد الماضى، شهدت البرازيل انفجارًا في تعدين الذهب غير القانونى فى منطقة الأمازون، وسط ارتفاع أسعار المعادن فى السوق الدولية، والأزمة الاقتصادية التى تفاقمت بسبب وباء كوفيد-19، ومرونة إجراءات التفتيش فى عهد حكومة البرازيل ،فى الفترة (2019-2022)، حسبما قالت صحيفة انفوباى الأرجنتينية.
وأشارت الصحيفة فى تقرير لها إلى أن الأراضى التى يشغلها تعدين الذهب فى منطقة الأمازون البرازيلية تضاعفت أكثر من الضعف بين عامى 2014 و2023، حيث ارتفعت من 92 ألف هكتار إلى 220 ألف هكتار - وهى مساحة تعادل 229 ألف ملعب كرة قدم - وفقًا لأرقام MapBiomas، وهى مبادرة من مرصد المناخ من أجل حماية البيئة.
وفقًا لدراسة أجرتها جامعة ميناس جيرايس الفيدرالية (UFMG)، فإن حوالى 20% من إنتاج الذهب البرازيلى لديه أدلة على عدم قانونيته، مثل التنقيب فى المناطق المحمية أو المناطق الأصلية، ونقص التوثيق واستخدام المواد الكيميائية الملوثة، مثل الزئبق.
وعلى الرغم من أن الإجراءات الأخيرة التى اتخذتها حكومة لولا دا سيلفا ساعدت فى السيطرة على التوسع فى التعدين، وفقا للخبراء، فإن ارتفاع أسعار المعدن فى السوق الدولية بمثابة حافز لآلاف من الناس، ويجب على البرازيليين الاستمرار فى تجربة حظهم فى مناطق استخراج الذهب غير القانونى فى وسط الغابة.
النساء فى الأمازون
وبينما يستمر نشاط التعدين، تستمر الدعارة والاستغلال الجنسى فى هذه المناطق، بعد إغراء الوعد بالثروة فى المناطق التى تفتقر إلى فرص العمل الأخرى ذات الأجر الجيد، تخاطر آلاف النساء بحياتهن.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على سبيل المثال، تم العثور على جثة رايلى دا سيلفا سانتوس، 26 عاما، فى Cuiú-Cuiú، أحد المناجم فى منطقة إيتايتوبا الريفية، فى ولاية بارا، شمال البرازيل، كانت قد اختفت بالفعل لمدة ثلاثة أيام، حيث تم العثور عليها ميتة فى غرفتها "فى حالة متقدمة من التعفن، نصف عارية، وعليها علامات عنف واحتمال اغتصاب"، بحسب وثيقة من الشرطة المحلية فى ذلك الوقت.
لم تكن وفاة رايلى الحالة الأخيرة الوحيدة لامرأة عُثر عليها ميتة وعليها علامات عنف وحشية فى منجم Cuiú-Cuiú. وقبل ذلك بعام، تعرضت لوسيانا دو ناسيمنتو، للضرب حتى الموت على يد رجل أثناء عملها هناك كعاهرة، وفقًا للوثائق الرسمية.
وأوضحت مارسيلا أولهوا، من مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، أن التجنيس هو أحد العوامل التى تعيق عمل السلطات المحلية فى مكافحة العنف ضد المرأة فى مجال التعدين.
وتقول: "تجد المؤسسات صعوبة فى رؤية وضع هؤلاء النساء من خلال عدسة الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي".
وتشير إلى أن هذه الحركة النسائية لا تحدث فى البرازيل فحسب، بل أيضا فى البلدان المجاورة مثل جيانا وسورينام وجويانا الفرنسية، حيث تعمل العديد من النساء الفنزويليات أيضا على ممارسة الدعارة.
فى البرازيل، لا تعتبر الدعارة جريمة، ولكن إغراء شخص ما لممارسة الدعارة أو تسهيل ذلك أو الحفاظ على بيت للدعارة هى جرائم يغطيها قانون العقوبات.
أما فى بوليفيا تتعرض النساء العاملات فى المناجم لخطر صحى كبير، حيث أنهن يستخرجن شذرات الذهب الصغيرة جدا من نفايات الشركات، وهو بالتالى يؤثر على صحة النساء فى المنطقة.
ويروج خوان كارلوس ألمانزا هو المسؤول عن مشروع لاستخراج الذهب الخالى من الزئبق فى بوليفيا، الذى تنفذه مؤسسة بلاجبول بتمويل من منظمة ديالوجوس، وقال إنه قلق للغاية بشأن عواقب صناعة تعدين الذهب فى بوليفيا، مضيفا "المشكلة هى أن الذهب ينفد، كما رأينا فى بعض المجتمعات. والناس إما يهاجرون إلى المدينة أو يعيشون فى ظروف محفوفة بالمخاطر، لذا فهو وضع معقد للغاية.
من بين الأمراض التى تم الإبلاغ عنها من قبل أولئك الذين يتعاملون مع الزئبق هشاشة العظام، التى تشوه أيدى النساء من بارانكويلا مثل تلك المرأة من مجتمع الاكارنى، يؤثر بخار هذا المعدن على الجهاز العصبى والجهاز الهضمى وجهاز المناعة، وكذلك الرئتين والكليتين، ويمكن أن يكون قاتلاً، ويكفى أن تستنشقها أو تبتلعها أو حتى تلمسها لتبدأ فى الشعور بآثارها. الأعراض الأكثر شيوعًا التى أبلغت عنها هؤلاء النساء هى الرعشة وصعوبة النوم وفقدان الذاكرة والصداع وفقدان المهارات الحركية، ومع ذلك، فإن معظم سكان مناطق الذهب فى بوليفيا غير مدركين لمخاطر الوظيفة.
ونُشرت إحدى الدراسات حول التلوث بالزئبق فى بوليفيا فى يونيو 2021 من قبل الشبكة الدولية للقضاء على الملوثات (IPEN) وكشفت أن النساء الأصليات اللائى يتعاملن مع الزئبق لديهن مستويات عالية من هذا المعدن السام فى أجسادهن، فحصت الدراسة النساء فى سن الإنجاب فى هذا البلد والبرازيل وكولومبيا وفنزويلا. تجاوز أكثر من نصف المشاركين فى الدراسة العتبة التى وضعتها وكالة حماية البيئة الأمريكية، والتى تبدأ منها الآثار السلبية على نمو الجنين.
كما يعد تعدين الذهب فى منطقة الأمازون أحد الأزمات البيئية الرئيسية فى أمريكا اللاتينية، حيث تأثرت مناطق البرازيل والاكوادور وبوليفيا بالتعدين الغير قانونى وذلك بسبب استخدام الزئبق الذى يؤثر بشكل مباشر على الصحة ويؤدى إلى عواقب وخيمة لآولئك الذين يتعاملون معه. ففى البرازيل تتعرض أسماك الأمازون للتسمم بسبب تلوث المياه بالزئبق الذى يستخدم لاستخراج الذهب والذى يعتبر شديد السمية ويسبب مشاكل صحية خطيرة، وأصدرت مؤسسة فيوكروز البرازيلية دراسة قالت فيها أن الأسماك فى منطقة الأمازون البرازيلية ملوثة بمستويات من الزئبق عالية مما أدى إلى اطلاق أجراس الإنذار حول المخاطر على سلامة الأغذية فى المنطقة.
وفى الأسماك، تم العثور على آثار الزئبق، والمعدن الذى يستخدمه عمال المناجم للاستخراج غير القانونى للذهب فى المنطقة الأحيائية، ووفقًا للخبراء، فإن استخدامه المفرط يهدد الأمن الغذائى فى المنطقة.
وفى الاكوادور، توسع التعدين الغير قانونى بنسبة 300% فى الأمازون، مما تسبب فى إزالة أكثر من 145 هكتارا على الأقل من الغابات، وهو ما يؤثر على خطط مكافحة المناخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة