دائمًا ما تجد المصائب عند قوم فرح عند قوم آخرين، وهو ما يحدث الآن في أوروبا، التي جاء سقوط نظام الرئيس بشار الأسد على هوى أحزاب اليمين المتطرف لديها، التي طالما نادت بإعادة اللاجئين وترحيلهم، حيث لم يستغرق الأمر 48 ساعة حتى قررت حكومات في كل من ألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك والنروج وبلجيكا وسويسرا تعليق طلبات اللجوء للسوريين، إضافة إلى بريطانيا، وانضمت إليها إيطاليا .
ووفقًا لمفوضية اللاجئين فإن 5 ملايين لاجئ سورى موجودين في الدول الأوروبية، وأصبح مصيرهم الآن معلقًا بما سيقوم به أحمد الجولانى، قائد الجماعة المسلحة، التي تسمى هيئة تحرير الشام.
وبدأت الدول تبرر قراراتها بتجميد طلبات السورين، بعدم وضوح الرؤية حاليًا في الوضع السوري، وهو ما أعلنته وزيرة الداخلية الألمانية، نانسى فيزر، قائلة: إن نهاية استبداد الأسد هي مصدر ارتياح لكثيرين تعرضوا للتعذيب والقتل والإرهاب.
وتستقبل ألمانيا ما يناهز مليون سوري، وهو العدد الأكبر من السوريين في إحدى دول الاتحاد الأوروبي. ووصل معظمهم خلال العامين 2015 و2016 في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
وتابعت: لذلك، لا يمكن في الوقت الراهن التنبؤ بالإمكانات الملموسة للعودة، سيكون من غير المهني التكهن بشأنها في وضع مضطرب كهذا.
كما اقترح النائب المحافظ ينس سبان، استئجار طائرات وتخصيص مبلغ قدره 1000 يورو لكل من يريد العودة إلى سوريا.
فيما قالت أليس فايدل زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا إن "أي شخص يحتفل بسوريا الحرة في ألمانيا لم يعد لديه سبب للبقاء، وعليه العودة إلى سوريا فورا.
فيما أعلنت وزارة الداخلية النمساوية، أن المستشار المحافظ كارل نيهامر أصدر تعليماته، الاثنين، للوزارة "بتعليق كل طلبات اللجوء السورية المفتوحة ومراجعة" كل الحالات التي منحت حق اللجوء.
وقال وزير الداخلية جيرهارد كارنر إنه أصدر تعليمات للوزارة بإعداد برنامج ترحيل منظم إلى سوريا.
وأشارت الوزارة إلى أن الوضع السياسي في سوريا تغير جذريا، مع تسارع مفاجئ للأحداث في الأيام الأخيرة، مضيفة أنها تتابع الوضع الجديد حاليا.
ويعيش حوالى 100 ألف سوري في النمسا، في ما يشكّل إحدى أكبر مجموعات اللاجئين في أوروبا، وينتظر الآلاف الموافقة على طلبات اللجوء التي قدّموها.
وسيتم أيضا تعليق طلبات لم شمل الأسرة الذي يسمح للسوريين في النمسا بإحضار أقاربهم إلى البلاد.
وحوالى 7300 سوري تقدموا بطلبات لجوء و"سيتأثرون" بالقرار الجديد.
كما أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن لندن علقت مؤقتا درس طلبات اللجوء للسوريين إلى أن يتسنى تقييم الوضع الحالي بعد سقوط الرئيس السوري.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إنها تعمل على تعليق طلبات السوريين للجوء بعد سقوط الأسد.
فيما دعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة، إلى إظهار الصبر واليقظة في شأن قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد إسقاط نظام الأسد.
وقال المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان إن المفوضية تنصح بإبقاء التركيز على قضية العودة، وتأمل أن تسمح التطورات على الأرض ﺑعمليات عودة طوعية وآمنة ودائمة، مع لاجئين قادرين على اتخاذ قرارات واضحة .
وأضاف غراندي: نحن نراقب التطورات، وسنبدأ التواصل مع مجتمعات اللاجئين وندعم الدول في كل عودة طوعية منظمة، مشيراً إلى أن الوضع الميداني لا يزال غير واضح بعد مرور أقل من 48 ساعة على دخول الجماعات المسلحة دمشق وفرار الأسد.
وشدد المسؤول الأممي على ضرورة ألا ننسى أن الاحتياجات في سوريا تبقى هائلة في ظل الدمار الذي أصاب البلاد جراء النزاع المتواصل منذ عام 2011، مذكّراً بأن 90 % من سكان سوريا حالياً يعوّلون على المساعدات الإنسانية مع اقتراب حلول الشتاء.
وذكر غراندي كذلك الأطراف الداعمين بالحرص على أن تتوافر للمفوضية السامية للاجئين وشركائها، الموارد الضرورية للتدخل سريعاً وبشكل فاعل، خصوصاً في الدول المجاورة التي ما زالت تستضيف ملايين اللاجئين.