يجري رئيس الحكومة السورية المكلف من الفصائل المسلحة المهندس محمد البشير، الثلاثاء، مشاورات مكثفة لتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد بعد اجتماعه مع أحمد الشرع رئيس ما تعرف "هيئة تحرير الشام"، وذلك استعدادا لتسلم مهامه رسميا في العاصمة دمشق للتعاطي مع التحديات التي تواجه الدولة السورية التي تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني.
وحرصت الفصائل المسلحة في سوريا على تأمين البنوك والمؤسسات النفطية وبعض المنشآت الحكومية، والعمل على ملاحقة العناصر التي أثارت الفوضى بعد سقوط العاصمة دمشق خلال الساعات الماضية، ويستمر إغلاق المدارس والجامعات بسبب حالة عدم الاستقرار التي تجري في شوارع دمشق.
وتوافقت الفصائل المسلحة في سوريا على اختيار محمد البشير لتشكيل حكومة جديدة، والبشير هو رئيس "حكومة الإنقاذ" التي كانت تدير محافظة إدلب السورية معقل الفصائل المسلحة خلال السنوات الماضية.
وقالت وسائل إعلام سورية، إن زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني اجتمع مع محمد الجلالي، رئيس الوزراء السوري السابق، ورئيس "حكومة الإنقاذ" محمد البشير بهدف تحديد ترتيبات نقل السلطة.
والأحد الماضي، أعلن الجلالي عزمه الاستمرار في تسيير الحكومة السورية حتى تسليم السلطة.
على جانب آخر، التقى وفد من الفصائل المسلحة السورية التي أطاحت بحكم بشار الأسد بشيوخ العشائر في منطقة القرداحة العلوية، مسقط رأس الرئيس السوري السابق، الإثنين، وحصلوا على دعمهم فيما قال سكان إن الخطوة بمثابة علامة مشجعة على التسامح من جانب حكام البلاد الجدد.
وقالت وسائل إعلام سورية إن وفد الفصائل المسلحة زار القرداحة الواقعة في جبال محافظة اللاذقية في شمال غرب سوريا، حيث التقى بعشرات من رجال الدين والشيوخ وغيرهم، قبل أن يوقع وجهاء العلويين على بيان دعم.
وقال سكان اللاذقية إن الوفد ضم أعضاء من هيئة تحرير الشام والجيش السوري الحر، وهما جماعتان مسلحتان كان لهما دورا رئيسيا في السيطرة على المحافظات السورية.
ويشكل السوريون من الطائفة العلوية نحو 10 % من سكان البلاد ويتمركزون في محافظة اللاذقية بالقرب من البحر المتوسط والحدود مع تركيا، ويشكل السنة نحو 70 % من السكان، وهناك أقليات كبيرة من المسيحيين والأكراد والدروز ومجموعات أخرى.
وشدد البيان الصادر عن سكان اللاذقية على التنوع الديني والثقافي في سوريا، كما دعا إلى استعادة الشرطة والخدمات الحكومية في أسرع وقت ممكن تحت إدارة الحكام الجدد، ووافق على تسليم أي أسلحة بحوزة سكان القرداحة.
وأكد البيان على تأييده للنهج الجديد وسوريا الوطنية الحرة وتعاونهم الكامل مع ما تسمى "هيئة تحرير الشام" و"الجيش السوري الحر"، للمساهمة في بناء سوريا الجديدة القائمة على الألفة والمحبة.
كان نائب قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا قد أكد أن جميع التشكيلات والفصائل المسلحة سيتم دمجها في القوات الأمنية والعسكرية السورية، مشددا أن وزارة الدفاع السورية ستتولى عملية دمج المسلحين التابعين للفصائل في صفوفها.
بدوره، أكد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك إن سفارات وبعثات سوريا الدبلوماسية تلقت تعليمات بمواصلة أداء مهامها خلال الفترة الانتقالية الحالية، مشيرا إلى أن سوريا تشهد الآن مرحلة جديدة من التغيير، مضيفا: نشهد مرحلة تاريخية جديدة في تاريخها، والسوريون يتطلعون لإقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية.
فيما، أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، جير بيدرسون، عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي "سيعيد النظر" في مسألة تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية، وذلك بعدما حرصت منذ سنوات على "إرسال رسائل مطمئنة"، على حد وصفه.
وأوضح بيدرسون، الثلاثاء، أن هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، هي "المهيمنة في دمشق حاليا، لكنها ليست الوحيدة"، مشيرًا إلى أن الترتيبات الانتقالية عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد "لا بد أن تكون شاملة قدر الإمكان".
وأشار أيضًا إلى أن كثيرا من السوريين يأملون في العودة إلى بلادهم، "لكن الوضع المعيشي لا يزال صعبا وغير مستقر في سوريا".
ولفت بيدرسون إلى أن الصراع في شمال شرق البلاد "لم ينته بعد"، في إشارة إلى القتال بين قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة، وبين فصائل مسلحة أخرى.
في دمشق، أعلن الدفاع المدني السوري انتهاء أعمال البحث عن معتقلين محتملين في أقبية سرية بسجن صيدنايا دون العثور على أي منهم في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا سيئ السمعة.
وأكد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) عدم العثور على أبواب للطوابق الأرضية لسجن صيدنايا شمالي العاصمة دمشق، موضحا أن خمس فرق مختصة، بينها وحدتان من الكلاب البوليسية المدربة "كيه 9"، شاركت في عملية البحث عن المداخل والمخارج وفتحات التهوية وأنظمة الصرف الصحي وأنابيب المياه والأسلاك الكهربائية وكابلات كاميرات المراقبة.
وأوضح مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح، إن إجمالي عدد السجناء في السجن، الذي يعرف بين السوريين باسم "المسلخ" بسبب تصرفات الحراس الوحشية وأساليب التعذيب سيئة السمعة، بلغ نحو 150 ألف شخص.
وحذرت "الخوذ البيضاء" من نشر معلومات مضللة وشائعات حول السجون والمعتقلين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وناشد الدفاع المدني السوري جميع الأطراف وذوي الضحايا "عدم الحفر في السجون أو المساس بها لأن ذلك يؤدي إلى تدمير أدلة مادية قد تكون أساسية للكشف عن الحقائق ودعم جهود العدالة والمحاسبة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة