بعد يوم واحد فقط من سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد ، تسارعت بعض الدول الأوروبية لوضع خطط ترحيل اللاجئين السوريين من أراضيها، في ظل مبادرات من اليمين المتطرف في تلك الدول الأوروبية التي طالبت بعودة السوريين إلى بلادهم بعد سنوات من اللجوء، ويأمل نصف أوروبا أن التغيير في سوريا سيسمح لها بالبدء في ترحيل أكثر من 1.2 مليون شخص، وهو ما يهدد "سوريا الجديدة" بمستقبل لن يكون مشرقا في ظل العديد من التحديات الآخرى التي تواجهها البلد العربى.
وعلقت 10 دول أوروبية النظر في طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد، وأعلنت ألمانيا والنمسا وبلجيكا وكرواتيا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وأيرلندا وإيطاليا ولاتفيا والنرويج وهولندا وبولندا والمملكة المتحدة وجمهورية التشيك والسويد وسويسرا في الأيام الأخيرة أنها ستجمد طلبات اللجوء في الوقت الذى قالت فيه إسبانيا أنها تستبعد شل طلبات اللجوء للسوريين.
هناك 1.2 مليون سوري لجأوا إلى القارة العجوز منذ ما يقرب من عقد من الزمن، والآن استغلت الدول الأوروبية سقوط الأسد لإعادتهم مرة آخرى إلى بلادهم في الوقت الذى تشهد البلاد حالة من عدم اليقين والاستقرار ، وهو ما يهدد بفوضى بسوريا حال عودة اللاجئين.
وبعض الدول تتسارع ولا تلتفت إلى توصية بروكسل. أعلنت النمسا أنها ستبدأ في ترحيل السوريين، رغم أنها لم توضح ما إذا كانت ستفعل ذلك فقط مع أولئك الذين ما زالوا ينتظرون قرار طلب اللجوء الخاص بهم أم أنها ستقوم أيضًا بترحيل أولئك الذين لديهم بالفعل وضع لاجئ، وأعلنت فنلندا والدنمارك والسويد ولاتفيا والنرويج أنها تفكر في السير على خطى النمسا.
وقال وزير الخارجية الإسبانية، خوسيه مانويل ألباريس ، أمس الأربعاء ، أن البلاد تستبعد معالجة طلبات اللجوء للسوريين ، حيث أن هذا القرار ليس ضروريا في الوقت الحالي ، حيث تمثل طلبات اللجوء السورية تمثل نسبة ضئيلة من الإجمالى ،مضيفا "إذا رأينا في مرحلة ما أن الوضع يتغير وأنه يجب اتخاذ قرار آخر ، فسيتم اتخاذه ، ولكن في هذا الوقت ليس ضروريا وليس مطروحا على الطاولة، وفقا لصحيفة الباييس الإسبانية.
100.000 طلب لجوء معلق
وفقاً لبيانات وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي (EUAA)، كان حوالي 100 ألف طلب لجوء في انتظار القرار في دول الاتحاد الأوروبي في سبتمبر الماضي، ويجب أن نضيف إليها حوالي 6500 طلب في المملكة المتحدة، و استخدمت دول أوروبية مختلفة صيغًا مختلفة لتركها مؤقتًا في طي النسيان، وهكذا، في ألمانيا، على سبيل المثال، "تم تخفيض الأولوية" للطلبات المقدمة من السوريين، بحيث يتم المضي قدمًا في الطلبات المقدمة من بلدان أخرى. وفي هولندا، تمت الموافقة على وقف لمدة ستة أشهر فيما يتعلق بـ "القرارات والعودة" فيما يتعلق باللاجئين السوريين، بينما في بلجيكا، تم تعليق الملفات المعلقة والمقابلات المقررة.
وكان مبرر هذا القرار في مختلف الدول شائعاً: "ليس هناك ما يكفي من المعلومات أو الوضوح" حول الوضع في سوريا لاتخاذ قرار بشأن اللجوء، وفي انتظار تشكيل حكومة جديدة في الدولة الآسيوية وتقييم الاستقرار السياسي في البلاد، فإن إمكانية ترحيل السوريين المقيمين في الاتحاد الأوروبي تحوم أيضاً، وهي فكرة لم يتطرق إليها سوى وزير الداخلية النمساوي، المحافظ جيرهارد كارنر، الذي أوضح في بيان له أنه كلف بوضع "برنامج الإعادة والترحيل في سوريا".
وأعلنت وزارة الداخلية النمساوية أنها تعمل على تسريع ترحيل اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الدولة الواقعة في أوروبا الوسطى، وإعادة تقييم وضع حوالى 40 ألف مواطن من أصل 95 ألف يعيشون في النمسا أى أكثر من 40% من المجتمع.
وأشارت صحيفة لابانجورديا الإسبانية إلى أن هذا القرار إلى تعليق الحكومة بقيادة حزب ÖVP، الحزب المحافظ الرئيسي في الدولة الواقعة عبر جبال الألب، طلبات اللجوء للاجئين السوريين، ويأتي بعد سقوط نظام بشار الأسد ، وقالت وزارة الداخلية إن عملية إعادة التقييم قد بدأت للمواطنين الذين منحوا وضع اللاجئ في السنوات الخمس الماضية.
واعتبر زعيم كتلة ديموقراطيي السويد (يمين متطرف) المشاركة في الائتلاف الحكومي أنه ينبغي "مراجعة" تراخيص الاقامة التي منحت للاجئين أتوا من سوريا في ضوء إسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الاسد.
والسويد هي البلد الثاني في الاتحاد الاوروبي الذي استقبل أكبر عدد من السوريين الفارين من الحرب الاهلية خلال 2015 و2016 بعد ألمانيا.
واظهرت أرقام سلطات الإحصاءات السويدية أنه من اصل 162 الفا و877 من طالبي اللجوء العام 2015، أحصي 51 الفا و338 شخصا من سوريا.
كما علقت ألمانيا، الدولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والتي تستضيف أكبر جالية سورية، قراراتها بشأن طلبات اللجوء المقدمة من المنفيين السوريين بعد سقوط نظام الأسد، كما أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر.
كما تعمل المملكة المتحدة والسويد وفرنسا وإيطاليا أيضًا على شل طلبات اللجوء، وقال الوزير الألماني: "إن نهاية الطغيان الوحشي للديكتاتور السوري هي مصدر ارتياح كبير للعديد من الأشخاص الذين عانوا من التعذيب والقتل والإرهاب".
وطالبت الأمم المتحدة "بالصبر واليقظة" عقب التصريحات الصادرة عن جميع هذه الدول. من جانبها، تأمل اليونان أن تسمح الإطاحة بنظام الأسد في النهاية "بالعودة الآمنة للاجئين السوريين" إلى بلادهم، كما أعلن اليوم المتحدث الرسمي باسم الحكومة. وكانت اليونان إحدى دول العبور للنازحين خلال أزمة الهجرة عام 2015، التي خلفت صورا صدمت الرأي العام، مثل جثة إيلان كردي، القاصر البالغ من العمر خمس سنوات، على شاطئ بحر إيجه.
وفي الدنمارك، قررت لجنة منح صفة اللاجئ "تعليق معالجة ملفات الأشخاص القادمين من سوريا، بسبب حالة عدم اليقين الكبيرة التي تعيشها البلاد بعد سقوط نظام الأسد.
كما أعلنت السويد، وهي دولة شمالية أخرى، أنها ستعلق معالجة طلبات اللجوء، فضلاً عن عمليات الترحيل. وقال كارل بيكسيليوس، رئيس الشؤون القانونية في وكالة الهجرة الوطنية السويدية، في بيان: "بالنظر إلى الوضع، من غير الممكن ببساطة تقييم أسباب الحماية في الوقت الحالي".
وستنتظر النرويج أيضًا حتى تستقر الدولة الشرق أوسطية، وكتبت مديرية الهجرة النرويجية في بيان "الوضع في البلاد لا يزال مربكا للغاية ولم يتم حله".
من جانبها، أشارت الحكومة الفرنسية إلى أنها تدرس تعليق طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين السوريين. وقالت وزارة الداخلية: "من المقرر اتخاذ القرار خلال الساعات القليلة المقبلة".
وتعتبر المؤسسات الأوروبية، بحسب مصادر مجتمعية، أنه يجب الانتظار حتى يتم وضوح فكرة كيفية تصرف السلطات السورية الجديدة، وتعتقد أن وضع ترحيل السوريين غير موجود حالياً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة