أثار انهيار نظام بشار الأسد في سوريا خلال أسبوعين فقط مخاوف بشأن مصير حوالى 50 ألف من مقاتلي داعش السابقين المحتجزين في مخيمات شمال البلاد خاصة مع انتشار الفوضى في المنطقة والقلق المتزايد بشأن فتح مراكز الاحتجاز تلك، ما ينذر بعودة داعش الإرهابي في المنطقة.
وفقا صحيفة الجارديان، تواجه شميمة بيجوم المعروفة باسم عروس داعش والبريطانيين الـ 65 الآخرين المرتبطين بتنظيم داعش الارهابي في السجون والمخيمات في شمال شرق سوريا مستقبلًا غير مؤكد مع استمرار الجماعات المتمردة المدعومة من تركيا في شن هجوم ضد الجماعات الكردية التي تحرسهم.
سعت تركيا لاستغلال عدم الاستقرار في سوريا مع انهيار نظام الأسد بعد سقوط دمشق، من خلال مهاجمة القوات الكردية التي تحالفت مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في القتال ضد داعش لمدة عقد من الزمان.
وقالت جماعة حقوق الانسان ان هناك حوالي 50 ألف مقاتل سابق من داعش ونساء وأطفال محتجزون في السجون والمخيمات التي يسيطر عليها الأكراد، ومعظمهم من العراق وسوريا. لكن أعدادهم تشمل أيضًا بيجوم، وهناك 20 امرأة و10 رجال و35 طفلاً من المواطنين البريطانيين أو يحملون الجنسية البريطانية.
وتقول منظمة ريبريف، وهي منظمة خيرية لحقوق الإنسان تعمل كمدافع عن البريطانيين المحتجزين في سوريا، إن حالة عدم اليقين المتسارعة كانت سببًا لإعادة المحتجزين في السجون والمخيمات، على الرغم من أن البالغين كانوا في السابق من مقاتلي داعش أو، في حالة بيجوم، من مؤيدي داعش.
وقال دان دولان، مدير السياسات والدعوة في منظمة ريبريف، إن "الوضع المتقلب الحالي يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة" ودعا المملكة المتحدة إلى اتباع الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى في إعادة أتباع داعش السابقين وأطفالهم.
وتقول المنظمة ان معظم المعتقلين من الأطفال وغالبيتهم دون سن العاشرة بينما كانت ثلثي النساء بما في ذلك بيجوم ضحايا للاتجار وتم اجبارهم على السفر الى داعش في المقام الأول.
كانت المملكة المتحدة مترددة في النظر في عمليات الإعادة في معظم الحالات، وسحبت جنسية بيجوم وغيرها من البريطانيين في سوريا حيثما أمكن، على أساس أن ذلك "يصب في الصالح العام". وفشلت بيجوم في معركة قانونية مطولة للطعن في فقدان جنسيتها في وقت سابق من هذا العام، مع حكم المحكمة بأن المخاوف بشأن ما إذا كانت قد تم الاتجار بها ليست ذات صلة.
وتقع المخيمات، الهول الكبير وروج الأصغر، حيث تعيش بيجوم، على مسافة بعيدة من خطوط المواجهة الحالية، على الرغم من أن تركيا، وبدرجة أقل إسرائيل، نفذتا غارات جوية وطائرات بدون طيار في الأراضي الكردية ويعيش حوالي 4 ملايين شخص في شمال شرق سوريا تحت إدارة يقودها الأكراد.
المصير المحتمل لمحتجزي داعش في سوريا
قالت هيئة الإذاعة البريطانية، إن سقوط الأسد الذي تولي السلطة في عام 2000 بعد 29 عام من حكم والده حافظ الأسد يجلب نهاية لعقود من القمع، لكن البلاد خاصة مقاتلي ومحتجزي داعش المعتقلين في البلاد يواجهون مستقبل غير مؤكد.
قادت جماعة تحرير الشام، والتي نشأت من جناح سابق لتنظيم القاعدة، الجماعات المسلحة في الإطاحة بالأسد لكن ليس من الواضح كيف ستتعامل مع الدول الأخرى خاصة الولايات المتحدة، التي تعتبرهم جماعة إرهابية، ومن غير الواضح أيضًا ما الذي تخطط له الجماعة للبلاد وما إذا كان التحالف المتمرد سيصمد في أعقاب الإطاحة بالأسد.
وقالت الصحفية والكاتبة والأكاديمية آزاده موافيني، التي قضت عقدين من الزمان في تغطية الشرق الأوسط، لياهو نيوز إن الأشخاص المحتجزين في المعسكرات يمكن إطلاق سراحهم إذا كانت هناك اشتباكات بين مجموعات مختلفة.
وأضافت: "لقد استثمر التحالف المناهض لتنظيم داعش، وخاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بشكل كبير في تأمين المخيمات، لذلك لا أرى خطرًا كبيرًا لفرار السجناء من السجن، على سبيل المثال .. قد ينشأ الخطر من اشتباك قوات سوريا الديمقراطية مع هيئة تحرير الشام أو غيرها من الجماعات التابعة لتركيا، واستخدام المجموعة لسيطرتها على المخيمات لدرء أي محاولة لتقليص أو إغلاق سيطرتها على الشمال الشرقي"
وقالت إنه إذا تم تقسيم سوريا من المحتمل ان تحتفظ قوات سوريا الديمقراطية بسيطرتها على تلك المنطقة التي يتواجد فيها المخيمات مشيرة الى ان ذلك قد يناسب الولايات المتحدة وايران وإسرائيل، وتابعت: "سيكون هناك إعادة ترتيب غريبة للمصالح مع قوات سوريا الديمقراطية الآن بعد أن وصلت هيئة تحرير الشام إلى السلطة، حتى لو كانت هذه السيطرة فوضوية وفعلية".
أثارت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالفعل مخاوف بشأن مستوى التهديد في أماكن أبعد، حيث حذر رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني السابق السير أليكس يانجر أنه قد يكون هناك "ارتفاع خطير" في التهديد الذي يشكله داعش
وقال أليكس يانجر: "هذا هو المستقبل السوري الذي يقرره السوريون ويجب علينا بالطبع دعم أي شيء يحرك سوريا نحو دولة أكثر إيجابية .. لكن لدينا أيضًا بعض المصالح الصعبة والأساسية منها وجود عدد كبير جدًا من معتقلي داعش المتبقين من تدمير الخلافة، والتي تحتويها حاليًا الجماعات الكردية في الشرق".
وتابع: "لكن إذا تركوا العمل، فيمكنك توقع ارتفاع خطير في التهديد الذي يشكله داعش لأوروبا".