يستعد العالم خلال اقل من شهر لحدوث تغير كبير فى السياسات الأمريكية بتولى دونالد ترامب منصبه فى 20 يناير المقبل بعد فوز حاسم فى الانتخابات الأمريكية 2024، وقالت وكالة بلومبرج، إن ولاية ترامب الثانية تبدأ بجدل كبير وتوتر بين حلفاء دونالد وأعدائه على حد السواء.
تسببت تصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى تأثيرات قوية على المستوى العالمى مع بقاء قرابة شهر على توليه منصبه، حيث اشعلت تهديدات الرسوم الجمركية أزمة على مستوى الوزراء فى كندا وأثرت على استقرار رئيس الوزراء جاستن ترودو فى منصبه.
وساهمت المخاوف من التعريفات الجمركية فى زيادة الضغوط على الحكومات الأوروبية التى تعانى بالفعل من مشكلات، وفى الوقت نفسه يتسابق القادة الحلفاء لإيجاد طرق لاستمرار تقديم الدعم إلى أوكرانيا، بينما يسعى الرئيس المنتخب الذى تجمعه صداقة مع الزعيم الروسى فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب.
وفى أوكرانيا، التحديات أو المخاطر ربما تكون فى أعلى مستوياتها بعد مرور نحو ثلاثة أعوام على بدء الحرب الروسية، فى ظل مؤشرات على تراجع دعم الحلفاء لكييف، ولا يعد ترامب بإبرام اتفاق لإنهاء القتال حتى قبل توليه منصبه كما فعل أثناء الحملة الانتخابية، لكن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى تخلى بالفعل عن مطلبه السابق بأن تتنازل روسيا عن كل الأراضى التى استولت عليها بموجب أى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وفى الشرق الأوسط، يسعى القادة الحلفاء الذين تربطهم علاقات جيدة مع ترامب خاصة فى إسرائيل لتحقيق مكاسب، بينما تعانى إيران، التى تعد هدفًا دائمًا للرئيس المنتخب، من النكسات التى لحقت بزعماء فى المنطقة مثل حزب الله اللبنانى وحماس فى غزة وسقوط بشار الاسد المفاجئ.
كما عزز وصول ترامب الوشيك إلى البيت الأبيض من موقف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حيث اتخذ نتنياهو موقفًا متوافقًا مع ترامب، الذى يواجه ضغوطًا سياسية أقل من تلك التى واجهها بايدن بسبب عدد الضحايا نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة، وأرسل نتنياهو قوات إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وتوسع تركيا، التى يُعد زعيمها أحد حلفاء ترامب، نفوذها فى سوريا من خلال الجماعات التى تدعمها.
وتتخذ الصين خطوات لحماية مصالحها التجارية استعداد لهجوم محتمل من ترامب رغم انها لم تكن هدف لتعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية وطوال الحملة الانتخابية التى استمرت لما يقرب من عامين.
شرعت الصين فى بذل جهود دبلوماسية منسقة تهدف إلى تحسين العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة، قبل عودة ترامب، فى حين تستعد أيضًا لأدوات حرب تجارية محتملة فى شكل فرض قيود على صادرات المعادن شديدة الأهمية إلى الولايات المتحدة، كما ترسل إشارات لتحسين العلاقات مع كل من اليابان والهند.
وقد تعود العلاقات الودية بين الرئيس الصينى شى جين بينج ونظيره المنتخب حديثًا دونالد ترامب لسابق عهدها فى 2025 لو أدار الطرفان الموقف بحكمة، قال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "خلال عام 2016، كان هناك شعور دائم بعدم اليقين والقلق".
وأضاف: "أما الآن، فلدينا مجموعة بيانات قوية نسبيًا حول سلوك ترامب، وكيف ردت الدول الأخرى حول قراراته، مما سمح بتقييم ما الذى كان ناجحًا وما الذى كان غير فعال أثناء فترة رئاسته".
فى المملكة المتحدة، أدى صعود ترامب إلى تعزيز موقف نايجل فاراج زعيم حزب "الإصلاح" الشعبوى فى المملكة المتحدة، الذى التقى ماسك فى منتجع ترامب فى بالم بيتش، فلوريدا. ويدرس أعضاء البرلمان فى المملكة المتحدة تعديل قواعد التبرعات لمنع ماسك من التدخل أو التأثير على الأمور السياسية فى بلادهم.
أجرى رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر محادثات هاتفية مع ترامب، واختار بيتر ماندلسون، وهو شخص مخضرم فى حزب العمال ومتخصص فى شؤون التجارة، سفيرًا لدى واشنطن. وقد أثار هذا الاختيار انتقادات من جانب مدير حملة ترامب السابق، كريس لاكيفيتا، الذى وصف ماندلسون بأنه "أحمق بشكل مطلق".
وفى الداخل، امضى ترامب الأسبوع الماضى فى توجيه المحادثات بشان مشروع قانون الإنفاق لتجنب إغلاق الحكومة، وقال رئيس الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول أن صانعى السياسات النقدية شرعوا يأخذون فى الحسبان بعض التحركات المحتملة للرئيس المنتخب، مثل الرسوم الجمركية حيث شهدت أسواق الأسهم الأمريكية وأسعار عملة بتكوين انتعاشًا منذ الانتخابات.
وفى هذه الأثناء، اختفى الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن تقريبًا من المشهد السياسى والإعلامي.
بالنسبة للعالم، فإن الاضطرابات السياسية والاقتصادية توفر لمحة عما قد يحدث فى ولاية ترامب الجديدة، حيث يعمل الرئيس القادم على تنفيذ سياسته "أمريكا أولًا" من دون العديد من القيود التى كانت تحد من تحركاته خلال ولايته الأولى.
وبعد نشر سلسلة من التغريدات بشكل مكثف أثرت على محادثات بشأن مشروع قانون الإنفاق فى واشنطن، وجه الملياردير إيلون ماسك المقرب من ترامب اهتمامه نحو قضايا أوروبية، حيث اعلن تأييده "حزب البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ ألمانيا.