- الأطفال الأوكرانيون يتعرضون للتهجير والفقد وخطر الموت مع العيش لفترات تحت الأرض
يختتم "اليوم السابع" حلقات سلسلة "لوحات الألم.. الحرب في عيون الأطفال"، برصد معاناة أبناء أوكرانيا مع الحرب، ففي لوحاتهم، نرى انعكاساً صادقاً لوجوه الحرب التي تشوه البراءة وتسرق الأحلام، أن الأطفال هم الضحايا الأبرياء للحروب في كل مكان، برغم اختلاف جنسياتهم، يتحدثون بلغة واحدة هي لغة الألم، لكنهم أيضاً يرسلون رسالة أمل، بأن الفن هو سلاحهم في مواجهة الظلم، وأن أحلامهم ستظل تضيء المستقبل، ميراث الحرب تتقاسمه مختلف الدول، فننتقل من فلسطين إلى السودان حتى نصل في الحلقة الأخيرة إلى أوكرانيا، التي إن اختلفت عن سابقتها من مناطق الصراع، فبفضل إمكانية وصول المساعدات الدولية لها، ولكن أطفالها مازالوا يتعرضون للإساءة والعنف والحرمان والفقد.
تتميز لوحات أطفال أوكرانيا بألوانها الزاهية وأوراقها المقوية، تبدو هذه اللوحات وكأنها لفنانين مهرة يتوفر لديهم الأدوات ومساحة التعلم، تبدو وكأنها نابعة من عالم مختلف عن غيره من مناطق الصراع، إلا أنها تتشابه في الحمل الثقيل الذى يحملونه الأطفال إزاء وطنهم بينما يعبرون عن دواخلهم، تتشابه في الصرخات المكتومة، في البكاء الصامت، وفى الوجع الباقى من فقد الأحبة، وفى الغربة التي تعتصر الروح بعد اضطرارهم للنزوح، فقد تجسدت هذه المعاناة المشتركة في رسومات الأطفال، التي تحمل في طياتها رسالة واضحة: "الحرب لا تعرف حدوداً، وأطفال العالم هم ضحاياها الأبرياء."
لوحة الفقد والسلام
حمامة سلام وأيدى متشابكة وأعلام طرفى الصراع تغطى كل ذراع تمتد لتمسك بالأخرى، في لوحة واحدة تعكس رغبة عميقة في السلام والوحدة بين الشعوب، هكذا عبرت الطفلة "أريانا"، التي تبلغ الآن من العمر تسع سنوات، عن أمنيتها بعد أن غيرت الحرب عالمها المستقر بين عائلة محبة إلى أسرة بدون أب، فقد تطوع والدها للدفاع عن الوطن، ورغم أنه كان يعود إلى المنزل بين الحين والآخر ليعيد إليهم شعور الأمل والطمأنينة إلا أنه قتل أثناء تأديته لمهمة قتالية.
لوحة الفقد والسلام
وعلى الرغم من الألم، لا تزال أريانا تأمل أن يعم السلام في المستقبل، مؤمنة أن روح والدها معها في كل خطوة، تدعمها وتلهمها لمد يد الخير في العالم.
فى حضن السترة.. وطن يتيم
أصبح والد أولينا ماتولا، طفلة الثالثة عشر، ذكرى سترة ملطخة بالدماء بالنسبة لها، عندما عبرت عن والدها بلوحة، رسمت سترة عليها بقعة دماء بينما تقف أمامها تنظر في الاتجاه المعاكس وتبكى.
انضم والد أولينا إلى القوات المسلحة، وكان دائما ما يخبر أبنائه إنه يقاتل من أجل مستقبلهم، وكانت ابنته فخورة بوالدها، على الرغم من أنها كانت تعاني في غيابه وتفتقده بشدة، لكن وقعت مأساة عندما أسفر قصف مدفعي من العدو عن مقتل والدها.
فى حضن السترة.. وطن يتيم
تم منح والد أولينا وسام "فارس الواجب الوطني" تقديراً لشجاعته وبطولته، وتنتظر عائلتها أيضا منحه وسام الشجاعة من الدرجة الثالثة في تكريم لتضحياته الكبيرة.
الحب ينتصر.. قلب أوكرانيا النابض
ليس هناك أقوى من مشاعر حب الوطن خاصة في قلب طفلة لا تحمل سوى المشاعر الصادقة البريئة، وبدت هذه الأحاسيس من قلب لوحة الطفلة دارينا سفيتسيتسكا، التي تبلغ عامها الثالث عشر، حيث تضم خريطة أوكرانيا ملونة بألوان زاهية تتماثل مع ألون العلم الأوكرانى، ومع ذلك، توجد عليها علامات تدل على الدمار والحرب، مثل الندوب، وفى المنتصف وضعت قلب أحمر كبير، وهو رمز للحب والوطنية، ويبدو وكأنه ينبض بالحياة.
الحب ينتصر.. قلب أوكرانيا النابض
دبابة وسط حقل من الزهور
طفل في السادسة من عمره يسمى تيموفيي بودان، رسم لوحة يعبر بها عن الحرب وهو في هذا العمر الصغير، فرسم شمس ساطعة وبذور تنبت وطبيعة ساحرة من زهور متنوعة، بينما وضع دبابة في مقدمة اللوحة، ليعكس لنا من خلال رسمة بسيطة ما تشوهه الحرب وتهدد بقاءه.
ولا يزال تيموفي يعيش في مقاطعة فولين مع والدته، معبرًا عن أمله في عودة السلام حتى يتمكن الجميع من عيش عالم يملأه الجمال كما كانوا في السابق.
دبابة وسط حقل من الزهور
عالم يخفت وأمل يضىء
رسمت الطفلة "زلاتا" وجه فتاه قوية ذات شعر ذهبى ولكنها تضع على وجهها قناع لا يوجد به أي فتحات للرؤية، لتعبر عن حالها في الحرب، فهى تعانى من ضمور في العصب البصري، مما يهدد قدرتها على الرؤية بشكل متزايد، خاصة بعد الحرب، حيث كانت تتلقى العلاج مرتين في السنة في مستشفى في خاركيف، وهو أمر أصبح غير ممكن بسبب القتال والصراع المستمر.
تحب "زلاتا" الرسم، لذلك عبرت عن مشكلتها بالفن، بما تبقى لها من ضوء ترى من خلاله لوحتها، وتشعر بالأمل وسط ضغط الحرب.
عالم يخفت وأمل يضىء
الوطن على خط النار
تميزت لوحة "ماريا"، البالغة من العمر أربع عشرة سنة، بألوانها الزاهية والنار التي تلتهم كل شيء بينما كتبت في وسط اللوحة "الوطن" باللغة الإنجليزية.
عاشت ماريا تجربة صعبة عندما اضطرت للهرب سريعاً مع والدتها وأختها الصغيرة إلى بولندا، تاركين خلفهم كل شيء دون أن تتاح لهم الفرصة لتوديع أحد، تحملت والدتها أعباء الحياة، حيث عملت في وظيفتين لدعمهما بينما انضم والدها إلى القوات المسلحة الأوكرانية، مما زاد من قلق ماريا، وبعد مرور عام عادت العائلة إلى ميكولايف لتواجه خبرًا مؤلما، فقد كان والد ماريا مفقودا في المعركة، وعُثر عليه لاحقا متوفيا.
الوطن على خط النار
أجنحة الحلم تطير بعيداً
رسم بودان ماكارينكووهي، وهو طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، طائرة تبتعد عن الوطن ويخرج منها ألوان علم أوكرانيا، في إشارة لحاله وما حدث له من تهجير، حيث كان يقطن في مدينة كوبينسك بمنطقة خاركيف، فيما عانت عائلته من التهجير واضطروا للفرار إلى كييف عندما بدأت الحرب.
لا يزال بودان محباً للحياة مدفوعاً بالفضول والنشاط، فهو يحب الرسم، ويمارس الكاراتيه، وكثيراً ما يقوم بجمع المستلزمات لمساعدة الجيش، وقد حصل مؤخراً على شارة "متطوع"، والتي يرتديها بفخر، معبرا عن التزامه ودعمه لوطنه.
أجنحة الحلم تطير بعيداً
إكليل النصر والفراق
عبرت كيرا فيليبينكو، ابنة العشر سنوات من سيسلاف عن مشاعرها تجاه الحرب، من خلال لوحة لإكليل، حيث يمثل الإكليل في هذه الرسمة رمزية قوية، فهو يرمز للحياة، التجدد، والنصر، وكان مصدر إلهامها في ذلك هو والدها الذى انضم للقوات المسلحة وكان رمزا للشجاعة ولكنه غادر الحياه نتيجة لغم مضاد للدبابات.
ومازالت كيرا تستمد قوتها مما خلفه لها من ذكريات، متعهدة بأن تعيش حياتها بشرف وكبرياء.
إكليل النصر والفراق
وضع أطفال أوكرانيا.. وقائع وأرقام
وثقت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 2406 حالة وفاة وإصابة بين الأطفال منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 حتى ديسمبر 2024، تشمل مقتل 659 طفلاً وإصابة 1,747 طفلاً، مما يعنى أنه يُقتل أو يصاب ما معدله 16 طفلاً على الأقل في أوكرانيا في كل أسبوع.
كما أنه بعد مرور أكثر من ألف يوم على الحرب في أوكرانيا، قالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لليونيسف على الموقع الرسمي للمنظمة، إن ما يقرب من 3.6 مليون شخص ما زالوا نازحين داخل أوكرانيا، وأصبح أكثر من 6.75 ملايين شخص لاجئين.
وكشفت أن العديد من العائلات أجبروا على العيش تحت الأرض بسبب خطر الهجمات المستمر، موضحة "يقضي الأطفال ما يصل إلى ست ساعات كل يوم يحتمون في الأقبية وغيرها من الأماكن الرطبة المظلمة وسط صفارات الإنذار الصاخبة للغارات الجوية، خوفا على حياتهم".
كما أنه بجانب ذلك، تضررت ما يقرب من 1500 مؤسسة تعليمية وأكثر من 660 منشأة صحية، ولم يحصل حوالي 1.7 مليون طفل على مصادر مياه مأمونة، إضافة إلى 3.4 ملايين طفل يفتقرون إلى إمكانية الحصول على خدمات صرف صحي مركزية.
وتعرض الأطفال إلى محنة حقيقية تتمثل في الانفصال عن عائلاتهم، واتخاذ إجراءات من شأنها تغيير جنسية الطفل أو جعل لم شمله أكثر صعوبة.