أمين البحوث الإسلامية: "علم الفلك ليس له أن يتصدى للكشف عن الغيب"

الأحد، 23 يناير 2022 12:27 م
أمين البحوث الإسلامية: "علم الفلك ليس له أن يتصدى للكشف عن الغيب" الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
كتب ـ لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن اختيار هذا العنوان جاء للتأكيد على عدة حقائق مهمة تتمثل فى احترام العقل وتوقيره وتقديره وبيان حدوده، منزلة العرف فى الشريعة الإسلامية، ودور العلوم التجريبية وما يمكن أن تسهم به فى واقع الناس.
 
وأوضح عياد خلال كلمته فى ملتقى صناعة التنجيم والتطرف الفكرى (الأبراج والتنجيم بين العرف والشرع والفلك)"، أن الله تعالى خلق الإنسان وأنعم عليه بنعمة العقل، وجعله به ومن خلاله سيد الكون، وبه ومن خلاله حمل أمانة التكليف التى عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
 
فضلا عن هذا فإن الله تعالى أعطاه مكانة عظيمة فى كتابه، ويكفى هذه الدعوات المتتالية تصريحًا وتلميحًا إعلاء لشأنه وإقرارًا بمكانه فهو موضع التأمل والنظر والاعتبار، وهو موضع التمييز بين الصواب والخطأ، وهو مصدر الأحكام والإحكام.
 
وأكد عياد على أن الله تعالى دعا إلى إعمال العقل ونهى عن التقليد الأعمى المذموم، وإلا كان المقلد كالحيوان بل أشد، مشيرًا إلى أنه نظرًا لطبيعته وقدره كان واحدًا من مصادر المعرفة؛ إذ أن مصادرها ثلاثة: الأخبار الصادقة – الحواس السليمة – العقول المستقيمة.
 
فللعقل معارف يصل إليها ويدلى فيها، ويضع فيها أحكامه، ولا يعنى هذا انفصالا بينه وبين النقل، فالعلاقة بينهما وثيقة ومستقيمة ولا يستغنى بواحد منهما عن الآخر.
 
وأوضح عياد، على الباحث أن يقوم بمراعاة عدة اعتبارات بين النقل والعقل حتى لا يؤدى ذلك إلى التناقض أو الاضطراب:
 
وهذه الاعتبارات متعددة، فمنها:
 
الاعتبار الأول من حيث دائرة الاختصاص ، فمن المعلوم أن للمعرفة طرقاً متعددة نظراً لتعدد مصادرها ، وهذه الطرق هى " الحواس السليمة، العقول النقية ، والأخبار الصادقة " وهى الوحى .
 
وهذه الطرق الثلاثة للمعرفة ينبغى عدم الغلو فى إحداها على حساب الباقى ، فلكل طريق دائرته الخاصة به التى ينبغى الالتزام بها وعدم دخوله فيما ليس من اختصاصه .
 
وتابع: إن الأولى وهى : " دائرة الحواس ، وهذه تختص بعالم المشاهدة والمادة ، والثانية : دائرة العقل التى تبدأ من حيث تنتهى دائرة الحواس، ويقوم بعملية الربط بين الجزئيات بعد تلمس العلل والأسباب ، ويأخذ من تلك الجزئيات كليات مجردة عن المادة ، والدائرة الأولى تعد مقدمة للثانية ... ، والثالثة دائرة الوحي: وهى المحيط الذى لا شاطئ له ولا يعلم مداه إلا الله ، ولا يستطيع العقل أن يجاريه فى الغيب المجهول ، ولكن يكون تابعاً له ، ومتبعاً لهدايته فى إدراك الحقائق الغيبية ، لأن العقل محدود وله مدى لا يتعداه ".
 
وأكد أمين البحوث على أن استخدام العقل فيما وراء الطبيعة لا أمن منه أو عليه، فالعقل الإنسانى فيما وراء الطبيعة لا يأتى بيقين " لأن العقل لا يستطيع أن يأتى بيقين إذا اجتاز مرحلة الإنسان ودائرته الحسية إلى دائرة أعلى منها.
 
وكل ما يأتى به عندئذ لا يخرج عن الظن والتخمين . إذ العقل بحكم أنه محدد بالبيئة وبالمكان والزمان والثقافة الخاصة والجو الطبيعى والاجتماعى والسياسى لا يستطيع أن يأتى بيقين عن الموجود غير المحدود ، وهو " الله " ... ولذلك لا يستطيع الموجود أن يتصور غير المحدد تصوراً تاما ، وكل ما يفعله أن يقيس وجوده على وجود نفسه وذلك ظن وليس بيقين ".
 
وبين عياد على أن الاعتبار الثانى يكون من حيث التعاون ، فكلاهما فى حاجة إلى الآخر ، و لا يستغنى بواحد منهما عن الثاني، كما أنه غير خفى أن العقل يعد أساساً للوحى فى فهم الأوامر والنواهى الإلهية ، فضلاً عن ذلك ، فالعقل شرط التكليف وأن المطالع لسير الأنبياء وصفاتهم نجد أن الله تعالى قد اختارهم على أعلى درجات الكمال الَخلقى والُخلقى والعقلى قال تعالى : "اللَّهُ يَصْطَفِى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ". وذلك لأداء مهمتهم وتبليغ رسالتهم و إلا كان ذلك حجة لخصومهم عليهم، فما من رسول أرسله الله إلا وكان من بين صفاته الفطانة التى هى مأخوذة من التفطن والتيقظ بمعنى حدة الذكاء وسرعة الإدراك بحيث يتمكن المتصف بها من إفحام المعاندين وإلزام المخالفين وإلا أقاموا الحجة عليه وبالتالى ضاعت الغاية من بعثته ورسالته، قال تعالى: "وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ" .
 
وفى هذا مما يساعد على دور العقل وأهميته بالنسبة الوحى الإلهى وعلى تأكيد التعاون بينهما ، وإذا كان هذا خاص بما يقدمه العقل للشرع ، فإن الشرع يتعاون أيضاً مع العقل ويكفيه أنه أراحه من عناء البحث فيما لا قبل له ، فضلاً عن ذلك كشف له أن الوجود لا ينحصر فى هذا الوجود المرئى وبذلك يكون قد فتح أمامه مجالا ت عديدة للبحث وأفاق متنوعة للمعارف وبصره بحدوده وأدواته كى لا يضل و لا يشقى ، فضلاً عن ذلك كله بصره بأدلة متنوعة وبراهين مختلفة تصلح أن تكون أساساً يهتدى بها العقل فى تفسيره للوجود ورده إلى مصدره الأول الذى صدر عنه ، وفى ذلك كله ما يوضح عمق التعاون بينهما ، فكلاهما فى حاجة إلى الآخر ، وكلاهما لا يستغنى عن الآخر ، و فى هذا دليل على وجود تعاون بينهما .
 
ولفت عياد إلى أن الاعتبار الثالث يكمن من حيث الحاكمية والمحكومية فى التشريع واعتبار المصالح . فالعقل محكوم من الوحى ، فما أتى به العقل من معارف فى مجال الغيب ، وما أدركه من مصالح فى عالم المادة يخضع لحاكمية الوحى فإن وافقه فبها ونعمت و إلا فالقول قول الوحى لأنه أشمل وأكبر إحاطة.
 
كما أنه لا يفهم من هذا إهمال العقل أو إنكار دوره، فللعقل دوره الذى لا يمكن إنكاره ومنه، ربط بين الأسباب والمسببات، وبيان صلة العلل بالمعولات، والوقوف على ألوان متعددة من الحكم فى التشريعات، وربط بين الأدلة والمدلولات إلى غير ذلك من أمور يمكن للعقل الوقوف عليها وإدراكها .
 
كما أوضح عياد على أن هناك معارف يصل إليها العقل وهناك معارف غيبية يتكفل الوحى بالإجابة عليها.
 
كما أكد عياد على أن العرف يعتد به ويعمل به وصار متفقًا عليه بين العلماء فما تعارف الناس عليه بأنه حلال فهو حلال، إلا إذا ورد الشرع بتحريمه، وما تعارف الناس عليه بأنه حرام فهو حرام، إلا إذا ورد الشرع بتحليله، وعلى هذا يكون أى عرف، يلزم عنه سلوكًا غريبًا وأفعالا شاذة، وتعارضت مع الوحى وتناقضت مع العقل، فلا يعتد به ولا يلتفت إليه ولا يعمل به.
 
وختم عياد كلمته بأن علم الفلك وإن كان علمًا تجريبيًا بالملاحظة والمشاهدة؛ إلا أن ميدانه معلوم وليس له أن يتصدى للكشف عن الغيب؛ باعتبار أن علم الغيب مكفول لله تعالى، وما يحدث فى مثل هذه العلوم إنما يكون استنادًا إلى جملة من المقدمات العلمية التى انتهت إليها الكشوف العلمية، وختمت عليه القوانين الكونية، الأمر الذى يسهم فى التنبؤ أحيانا فيما يتعلق بأمور المناخ والجو وغير ذلك من أمور مبناها التجربة، والانطلاق من مقدمات تؤدى إلى نتائج.
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة