«لازم كل شىء يكون موثق.. أوعى تعتمدى على الكلام الشفوى».
كانت إجابتى.. بس دى صاحبتى وأنا ضامناها.
ترد: «بلاش سذاجة.. الشغل شغل.. أوعى تدخلى الصداقة فى الشغل، كله لازم يكون بالورقة والقلم», كانت هذه محادثة بينى وبين صديقة حميمة بخصوص مشروعى مع صديقة أخرى، ألقت على العديد من النصائح «البيزنسية» مثل أنه لا مجال «للصحوبية» أثناء العمل.. كلامها منطقى ورائع ومريح، فقط إذا تم تطبيقه بمنتهى الوضوح والشفافية, وضعت صديقتى كل الخطط المحكمة مثل كتابة العقد والاتفاقات المشروطة وكيفية ضمان حقوقى على أن يكون أهم اتفاق نصحتنى بتنفيذه فى أى مشروع مع المقربين هو أننا لا نأخذ الأمور بشكل شخصى مهما اختلفنا فى العمل، وأن اختلاف العمل لا يفسد للصداقة هويتها.
هى تتحدث بمنطق مقنع، كثيرا ما حسدتها عليه لدرجة أننى تمنيت أن أكون حاسمة فى عملى وعلاقاتى مثلها، لكننى داخليا أستشعر أن هناك تضخيما ما فى الأمر، وأنه لا يستحق كل هذه «الوسوسة»، فمازال صوتى الداخلى يردد «مش لازم أجادلها.. هى لا تعرف مدى العلاقة الوطيدة بينى وبين صديقتى».
أنهت كلامها ونصائحها بحسم: «عاوزة تعرفى الصح.. الشغل والشراكة مع الأصحاب فاشل، ينتهى الشغل بمشكلة وتتفركش الصداقة»، لكننى بحسم: «يبقى ماكانتش صداقة أصلا»!!
أعتقد أنها قررت هذه المرة ألا تجادلنى، ولعلها أرادت ألا تحبطنى، فاكتفت بكلمة «يمكن»!
مر على هذا الحوار ما يزيد عن عشرة أعوام، ليست هذه المرة الأولى التى أتذكر فيها كلام صديقتى الناصحة الأمينة، ولكننى كنت فى كل مرة أتعرض فيها لضربة ما «كبيرة كانت أم صغيرة» من صديق أو قريب فيما يتعلق بالعمل، أتذكرها و.. أكابر وأصر فى داخلى بأن ما حدث معى هو مجرد استثناء وليس السائد، واحتفظ برأيى فى شخصيتها بأنها «موسوسة وشكاكة»!!
لم أصدق أن صديقتى هذه وقفت منذ أيام فى المحكمة أمام زوجها تطلب الخلع منه بعد أن أجبرها على رفع الدعوى ضده حتى تتنازل عن كل حقوقها رغما وجبرا، فتترك الشقة التى جمعت ثمنها من عملها وكفاحها خلال السنوات الماضية، والتى كتبتها باسم زوجها «صديق العمر» كما كانت تصفه متباهية.
تنازلت عن المؤخر الذى كتبته إرضاء لوالدها الذى كانت تقول له دوما «هو أنا بابدأ حياتى مع الشخص إللى أمنته على نفسى بثقة ولا بتخوين يابابا؟».
كانت متحضرة، متخلية عن كل مبادئها وتعاملاتها فى الحياة العملية، فقط مع زوجها لم تكن شكاكة أو موسوسة وجاءتها الضربة منه، قد تكون القصة شخصية بعض الشئ، لكننى لم أتحمل كلماتها أثناء خروجها من المحكمة وهى تنظر لى وتقول «تصدقى إن المرة الوحيدة إللى حسبتها بقلبى.. باظت، بس الله يخليك اوعى تقولى لى زى عادتك «تلاقيه كان أصلا مش حب»، فقط أردت وبأنانية شديدة ألا أتحمل وجع كلماتها وحدى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة