"العم حفنى"، هى الرواية التاسعة فى مسيرة صلاح والى التى بدأت منذ ثلاثين عاماً. ويتقمص الكاتب فى هذه الرواية دور الراوى الشعبى "شاعر الربابة" الذى ينشد فى جموع القرويين، ويقص عليهم حكايات أنفسهم، نقلا عن العم حفنى الذى عاش فى هذه القرية، وألقى بتعاليمه وخبراته وحكاياته عن كل ما يتعلق بهذه القرية بداية من النشأة والتسمية مروراً بأبناء العم حفنى الأربعة، أبى الشوارب، والحارس والاتف وظاظا، حيث تتداخل الشخصيات، وتتفرع منها حكايات صغيرة لشخصيات وأحداث القرية، "إنه الراوى الشعبى الذى يمزج الحقيقى بالخرافى والحلم بالواقع، يبالغ فلا تعرف إذا ما كان يتكلم عن قرية السكاكرة، أم عن مصر كلها، أم عن نشأة الكون وما يحيط به من غموض وحكايات وأساطير".
ويتناوب السرد فى هذه الرواية ثلاثة أشخاص:الكاتب، شاعر الربابة، والعم حفنى، فى ثلاثة مستويات متداخلة، فالمقدمة، لا تعرف إذا كانت على لسان الكاتب أو الشاعر، والسرد فى هذه الليلة يكون غالباً للشاعر، غير أن الكاتب يطل برأسه فى أماكن كثيرة، ويطل العم حفنى فى أماكن أخرى. وفى مدة مقدارها ليلة واحدة فإن أحداث السرد ترجع إلى الخلف مئات وآلاف السنين، وتعود إلى الحاضر، وتنطلق إلى المستقبل، ويستلهم الكاتب فى تقنية البناء الروائى لغة الشعر الراقية، والنثر الصوفى، واللغة الشفاهية التى تلائم موضوع الرواية وشخصياتها، على نحو لا يمت بصلة لتقنية الرواية الغربية.
فالرواية أشبه بليلة من الليالى الشعبية، مخلصة بكل ما فيها لشكل هذه الليلة، أو هذا القصص الشعبى أو الشفاهى، بما فيه من حيل وألاعيب فنية تهدف إلى الإمساك بتلابيب السامع، ولا تجعله يفلت من هذا المنشد أو الشاعر الشعبى حتى مطلع الفجر. وتتجلى قدرة الروائى فى الاستفادة من وجهه الآخر كشاعر (تحفل مسيرته الشعرية بستة دواوين ومسرحية شهرية) وتوظيفه لتقنية المسرح والقصيدة داخل هذا النص الروائى البديع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة