سألنى أحد المقتنعين بالبحث الذى قدمته عن عمر زواج السيدة عائشة بالنبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً هاماً، وقال لي أنا قرأت مجموع أبحاثك المقدمة فى اليوم السابع، ولكنني ورغم إحساسي بصدق توجهك احترت فى استبيان الهدف والمرمى من أبحاثك؟
وللإجابة على هذا السؤال ومن هذا المنطلق فكرت ملياً أن أكتب هذه المقالة ليس رداً على محمد عمارة أستاذ الأزهر، ولكن كما سميتها مقالة فى حب النبى، فكل أبحاثي ومقالاتي لا تهدف على الإطلاق إلى هدم التراث بل إلى التنقيح فقط، ولكن التنقيح الذى لا يتعثر فى عقبات مصطنعة، فمقبول أن ننقح الطبرى وليس مقبولاً أن نقترب ولو بالهمس من البخاري، ورغم أن البخاري أو غيره ليس هو قضية أى باحث جاد إلا أنني كنت أتمنى أن تتسع الرؤية أكبر من ذلك.
يا سادة نحن نتحدث عن "محمد" صلى الله عليه وسلم هذا الإنسان العظيم الذى كان قرآناً يمشي على الأرض كما وصفته أم المؤمنين عائشة، "محمد" الذى رسمته كتب التراث رسماً شائهاً ورسمت دعوته وحياته بخط معوج لا يستقيم، كيف يقول لنا الله فى القرآن يخبرنا عنه"وإنك لعلى خلق عظيم"، ثم يأتي من أنار لهم الطريق وأنقذهم من غيابة الجب المظلم ليحشوا كتبهم بكل السقيم والقبيح والمستهجن واللامعقول عنه، كيف يقول الله له "والله يعصمك من الناس"، ثم نقول إن يهودياً فى المدينة تلاعب، معاذ الله، بعقل النبى وسحره حتى كان يتخيل أنه فعل الشىء وهو لم يفعله، كيف يقول الله له فى القرآن "إنك بأعيينا" ثم يقول البخارى إن النبي مات من أثر السم الذى دسته له المرأة اليهودية فأين الحفظ والعصمة، وكيف؟وكيف؟وكيف؟
آلاف الأسئلة التى جاء أوان الكتابة عنها ونقضها بالحجة والدليل لا فرق فيها بين البخاري أو مسلم أو غيرهما، أما لو تخطينا فكرة الدس والوضع فى وعلى أحاديث النبى الكريم، وانتقلنا لوجدنا فى كتب التراث "الحديث- التفسير- السيرة- التاريخ" ثم تراثنا الفقهى لوجدنا إرثاً ثقيلاً يحتاج إلى مراجعة شاملة لا تستثنى أحداً من أهل التراث ولا تستعظم إلا الهدف الذى نسعى إليه جميعاً أن يعود الإسلام دين العقل والحرية وأن يعرف المسلم قبل غيره عندما يتكلم عن "محمد" من هو محمد صلى الله عليه وسلم.
ولهذا صدمت عندما وجدت بعض رجالات الأزهر يسبون ويشتمون البحث المقدم عن عمر السيدة عائشة وصاحبه، ولو أنهم ناقشوا بالعقل والحكمة والدليل لكان خيراً لنا جميعاً، ولكن هذا ما أرادوه وكأننا لو أثبتنا بالدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج طفلة تلعب بالعرائس على سريرها فكأن هذه هى الإدانة والإهانة لرسول الله، وكأننا لو صدقنا أنه تزوجها –حسب رواية البخاري- ودخل بها وهى لا تميز الفرح من البكاء وتلعب بعرائسها على مضجع الزواج لكان ذلك هو التعظيم والتبجيل للنبي، سبحان الله يا أهل العقل كيف تحكمون ألهذا الحد وصل الاختلال فى الموازين؟ ألهذا الحد بلغت حرقة القلب على بضعة أسطر دونها البخاري ولم يحرق القلب على سيرة وحياة إنسان ونبي أوصانا الله به فى القرآن وقال "قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى" المودة له والقربى له وليس أحداً آخر، ولكن هذا ما جناه علينا تراثنا ونحن نحاول ألا نجني على أحد.
ولكل هذا وتقديراً لجلال النبي الذى قدمت البحث فيه وعنه وليس لقيمة البحث ولا لصاحبه أرد على محمد عمارة أستاذ الأزهر لا لكي يتأكد الجميع أن البحث متين وراسخ، ولكن لكي يوقن الجميع أن نبيهم تزوج من امرأة ناضجة شابة أحبت هذا العظيم وبادلها هو حباً ومات عنها وهي أستاذة أشياخ الصحابة، مات عنها وهي أمنا التى لا تلعب بالعرائس بل أمنا الفقيهة العالمة أم المؤمنين عائشة.
فإليك يا أستاذ الأزهر أقول:
1) قلت:"يظهر فى هذا البحث الكذب والاختلاق والجهل".
وأقول:
وهذه البداية الأسوأ لأي شيء أكاديمي وليس بحثاً فحسب، والبداية الأخطأ لأى باحث، فضلاً عن أنه أستاذ، فقد حكمت وشتمت وجهَّلت وكذَّبت، وإذا نظرنا للدليل على ذلك فلن نجده كما سأبين.
2) وتعقيباً على الكلام الذى كتبه الأستاذ جمال البنا فى المصرى اليوم، وهو "وجد الباحث فى نفسه حمية للدفاع عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- لعلها لم توجد فى غيره" ، قلت أنت يا أستاذ الأزهر:"وهذا محض كذب وافتراء، وفعله ليس دفاعًا عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- ولا حمية له، بل هذه محاولة من محاولات القضاء على سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من خلال التشكيك فى الأحاديث الواردة، وبث الريبة فى نفوس العامة نحو الأئمة الأعلام".
وأقول لك:
من أين لك أن تعرف أنني أحاول القضاء على سنة المصطفى هل تتبعت أبحاثي؟ هل قرأتني؟ هل عرفت أو حاولت أن تعرف ما هي أبحاثي السابقة التى تنشر منذ تسع سنوات، ولكنك ماذا فعلت ظننت بغير حق وجزمت بدون حجة وتكلمت بما لم تحط به خبراً.
3) ثم قلت: "ذكر الباحث نقلاً من كتب (الكامل، وسير أعلام النبلاء، وتاريخ الطبرى، ووفيات الأعيان، والبداية والنهاية، وتاريخ بغداد، وتاريخ دمشق)، ما يؤكد أن عائشة قد ولدت قبل البعثة، بانيًا وهمه هذا على ما روى من فارق السن بينها وبين أختها أسماء وهو عشر سنوات، وهذا يضعف ـ فى زعم الصحفى ـ حديث البخارى الذى يثبت فيه أن النبى صلَّى الله عليه وسَلَّم، تزوج عائشة وهى بنت ست ودخل عليها وهى بنت تسع سنين وقد رجعت إلى تلك المصادر التى اعتمد عليها الصحفى وعلى غيرها من أمهات الكتب فلم أجد ما زعمه إلا روايات لا تشهد له بشىء؛ ففى كتاب معرفة الصحابة لأبى نعيم (6/ 3208)، والبداية والنهاية (3/ 131)، وسير أعلام النبلاء (3/ 427)، وأسد الغابة (7/ 7، 186، 216)، وتاريخ الإسلام (3/ 604، 698)، والسمط الثمين فى مناقب أمهات المؤمنين لمحب الدين الطبرى (صـ 36)، أضف إلى ذلك ما ذكره ابن هشام فى السيرة وهو أسبق من هؤلاء جميعًا فى عدم تمييز عائشة البكاء من الفرح قبل الهجرة لصغر سنها، جاء فى سير أعلام النبلاء أيضًا (3/ 522) وكذا تاريخ الإسلام: "وكانت -أى أسماء- أسن من عائشة ببضع عشرة سنة"، وإن كنا لا ننفى الرواية الواردة بأن الفارق بينهما عشر سنين فقط، إلا أنها لا تصح فإذا كانت كتب التاريخ تؤكد أن وفاة أسماء كان سنة 73 هـ وتوفيت عن عمر 100 سنة، وأن أسماء هاجرت وعمرها 27 سنة وهذا يعنى أنها حينما أسلمت كان عمرها 14 سنة بطرح مدة الدعوة المكية 13 من مجموع السن 27-13 =14، والثابت أنها كانت أكبر من عائشة ببضع عشرة سنة على الراجح كما ذكر ذلك الذهبى وغيره، والبضع من 3 إلى 9 فلو اعتبرنا ما بين أسماء وعائشة، لوجدنا أن البضع عشرة سنة هو ما بين 13 إلى 19 سنة، وعليه فتكون عائشة قد ولدت فى السنة الخامسة من البعثة، أى فى الإسلام وليس قبل الإسلام، وهذا ما يتفق مع الكتب السابقة".
وأقول لك يا أستاذ الأزهر:
قلت في البداية بعد ذكر الكتب التي استندت إليها أنا فى بحثي أن ذلك وهم، ثم أردفت كلاماً والله لا أعرف ماذا أقول عنه فقلت:"وقد رجعت إلى تلك المصادر التى اعتمد عليها الصحفى وعلى غيرها من أمهات الكتب فلم أجد ما زعمه إلا روايات لا تشهد له بشىء؛ ففى كتاب معرفة الصحابة لأبى نعيم (6/ 3208)، والبداية والنهاية (3/ 131)، وسير أعلام النبلاء (3/ 427)، وأسد الغابة (7/ 7، 186، 216)، وتاريخ الإسلام (3/ 604، 698)، والسمط الثمين فى مناقب أمهات المؤمنين لمحب الدين الطبرى (صـ 36)، أضف إلى ذلك ما ذكره ابن هشام فى السيرة وهو أسبق من هؤلاء جميعاً فى عدم تمييز عائشة البكاء من الفرح قبل الهجرة لصغر سنها".
وأقول لك:
أين هي المراجع التى رجعت إليها مما رجعت أنا إليه؟ ولماذا عممت الكلام وقلت هناك "روايات لا تشهد بشيء" لماذا لم تأت بالروايات لتعرضها على القراء، وانتظرت أن تفاجئنى بكتب تدحض رواياتي فجئت بما أدنت به نفسك من دون أن تدري، وأنا إمعاناً فى كشف ما سميته رداً سأتتبع الكتب التي زعمت أنها ترد بحثي، فأنت ذكرت كتاب (معرفة الصحابة لأبى نعيم (6/ 3208)، ورجعت إلى مصدرك وأنا هنا لن أكتب ما كتب، بل سأعرض للقراء صورة طبق الأصل من الكتاب والجزء والصفحة التي استشهدت بها أنت:
وأقول لك:
ماذا فعلت بنفسك يا أستاذ الأزهر لقد كررت حديث البخاري ولم تزد، أين يا أستاذ الأزهر ما قلت أنه يدحض رواياتي؟ إذا كان تكرار رواية البخاري دليلاً فأنا بحثي مقدم لينقض رواية البخاري فما لكم كيف تحكمون؟ أين يا أستاذ الأزهر الروايات الكثيرة التى تقول إن أسماء أكبر من أختها السيدة عائشة ببضع عشرة سنة؟ ثم انتقلت للكتاب الثاني الذي سيرد على رواياتي فقلت:"والبداية والنهاية (3/ 131)"، ثم قلت:"وسير أعلام النبلاء (3/ 427)"، فوجدنا نفس الروايات المكررة وبعضها لم نجد روايات من الأصل لعلك قد اختلطت عليك أرقام الأجزاء والصفحات.
ثم ختمت بقولك:"أضف إلى ذلك ما ذكره ابن هشام فى السيرة وهو أسبق من هؤلاء جميعًا فى عدم تمييز عائشة البكاء من الفرح قبل الهجرة لصغر سنها".
وأقول لك:
سبحان الله أتفرح أن تستشهد بأن زوجة النبي عندما دخل بها كانت لا تميز الفرح من البكاء، والله إن البكاء الحقيقي على كلامك وإني لأرثي لحالك، أتفرح يا أستاذ الأزهر عندما تجد رواية ضالة عن أن النبي تزوج "بطفلة بلهاء" لا تميز، سبحان الله، والله إن اليهود أنفسهم لم يفعلوا ذلك بمحمد.
كما أنك إلى حد سطرك هذا لم ترد من الكتب التى جئت أنا منها برواياتي ولم تنقل منها، كما أننا رجعنا كما بينت لكتبك لعلي أجد رواية "البضع عشرة سنة" فلم أجدها فأين ردك العلمى يا أستاذ الأزهر.
4) وسبحان الله ورغم أنك لم تأت بنقل واحد يؤيد وجهتك وتركت لنا أرقام الصفحات التي ليس بها أى دليل إلا إعادة ذكر حديث البخاري كما صورت لك الصفحة سابقاً، فلما أخيراً وجدت رواية واحدة توافق هواك قلت:"جاء فى سير أعلام النبلاء أيضاً (3/ 522) وكذا تاريخ الإسلام: "وكانت -أى أسماء- أسن من عائشة ببضع عشرة سنة"، وإن كنا لا ننفى الرواية الواردة بأن الفارق بينهما عشر سنين فقط، إلا أنها لا تصح".
وأقول لك:
إن المكابرة وصلت معك لمنتهاها فأخذت رواية واحدة فى سير أعلام النبلاء وتركت الباقين من دون أن تذكر لنا السبب ففعلت أنت بنفسك ما أنكرته علي أنا، وكأن ترجيحك رواية على الأخرى حلال لك ولكم وترجيح رواية من عندي حرام علي، ولإكمال الكبر قلت إن الرواية الأخرى لا تصح، ولم تقل للقراء ولا لي لماذا لا تصح؟ لو أنك صادق لأتيت بكلمة واحدة فى كتاب (سير أعلام النبلاء) يرجح فيها "الذهبى" رواية على الأخرى، ولكنك يا أستاذ الأزهر لن تجد فلماذا رواية العشر سنين لا تصح يا عمارة؟
وأنا آتيك بالروايات الأغلب والأكثر فى نفس الكتاب الذي استشهدت به على رواية "البضع عشرة سنة"، وكالعادة مصورة لأن الصورة تغنى عن الكلام، سير أعلام النبلاء: ج : 2 ص : 289:
وإليك الرواية الثانية أيضاً مصورة: سير أعلام النبلاء ج:3 ص:380
وحتى الرواية الثالثة لم يحدد الذهبي فيها فارق السن وأتى بها معممة وقال: سير أعلام النبلاء ج3 ص :379
وأقول لك:
إذن من الذى يدلس على الناس يا أستاذ الأزهر ؟وما الذى جعل رواية العشر سنين-من ذات الكتاب الذى احتججت واستشهدت به أنت- وهى الأكثر انتشاراً تصبح على قولك:"لا تصح"، قل لنا إن كنت تعلم لماذا لا تصح؟
5) ثم بنيت قصوراً من الوهم على حسبة "البضع عشرة سنة" التي ليست فى قوة رواية "العشر سنين" والتي لم ترد فى كتب التاريخ والسير إلا قليلاً، والغريب والذي يفهمه القارئ الفطن أن جعلت البضع فى أقصى مدى له، فلماذا يا أستاذ الأزهر جعلته 19 عاماً، لما ليس 13، 14، 15، 16 لأنك تريد أن تضبطها لتوافق رواية البخاري ومرة أخرى أبحت لنفسك ما حرمته علي أنا.
6) ثم انزلق ردك في الإثم الكبير واتهمتني أنني نقلت نقلاً غير موجود فى كتاب "البداية والنهاية" ولأن أدوات الباحث والبحث هي موهبة قبل أن تكون صنعة، فلم تعرف أن النص موجود يا أستاذ الأزهر فما كنت لأفتري على كتاب الرجل وإليك كالعادة صورة من الكتاب لكي لا تعجل برد قبل أن تبحث جيداً ولن أسوقه مختصراً ليعرف القراء الحقيقة كاملة: البداية والنهاية ج4 ص 93/95:
وأقول لك:
الحقيقة لا أعرف ماذا ستفعل عندما تقرأ أن" إسلام عائشة وهي صغيرة" فيمن أسلموا قديماً من الصحابة قبل أن يؤمر النبي بالجهر بالدعوة ولتقرأها مرة أخرى:
ثم بعد ذلك:
فما قولك يا عمارة.
والغريب أنك تقول نصاً:"ولم يذكر ابن كثير خبرًا فيه ذكر أسماء فى السابقين إلى الإسلام، فضلاً عن عائشة".
وأقول لك:
يا إلهي لماذا وضعت نفسك فى الموقف؟ لماذا تجزم أن ابن كثير لم يذكر ذلك على الإطلاق؟ لماذا يا أستاذ الأزهر تجزم بما لا تعرف؟ وماذا سيكون موقفك أمام تلامذتك والقراء عندما تجد ابن كثير، يذكر الخبر الذى أنكرته تماماً فى ثلاث صفحات كاملات، ثلاث صفحات ياعمارة وليست ثلاثة أسطر سبحان الله!!.
7) ثم تقول نصاً بعد ذلك: "والعجيب أنه من رواية البخاري الذى يزعم كذبه ويستدل به، والأعجب أنه لم يفهم فحواه، ولعل عذره أنه لم يتخرج فى الأزهر كما يقول تلميذه البنا!، والحديث عن عائشة: "لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل هجرة الحبشة..." وهذا كذب وتدليس من الصحفى ومتابعة على جهله من تلميذه البنا للوصول إلى مأرب وغرض خبيثين"، ثم بعد ذلك أوردت الحديث وقلت: "يعنى الأمر لم يتعدَّ الأيام التى خرج فيها أبو بكر يريد الحبشة، فرجع فى جوار ابن الدغنة، فلم يمتنع عن استعلانه بالقرآن فشكت قريش إلى ابن الدغنة، فخلع أبو بكر جواره فبشره النبى -صلَّى الله عليه وسَلَّم- برؤية أرض الهجرة".
وأقول لك:
ورغم كم الشتائم الهائل التي لا تليق بالبحث العلمي إلا أننى سأترفع عن ردها وأحاول أن أنتقي من بينها ما يمكن رؤيته للرد،
وأقول:
فى ماذا حرفت النص أنا ومن الذي حرفه، فأنت لم تحدد وقتاً لهذه الهجرة وتركتها هكذا ليظن القارئ أنها قريبة من الهجرة للمدينة، وهذا أكذب الكذب لأن هذه الهجرة التي قصدها الصديق كانت لاحقة بنفس هجرة الحبشة الأولى التي حددت أنا ميعادها بناءً على كتب التاريخ وسياقات الأحداث، وأنا سأبين ذلك للناس من النص ومن كتب التاريخ.
أولا النص:
أخرج البخاري: باب: جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعقده.
وأنا سأقتبس من الحديث ما يبين زيف ادعائك أن خروج الصدِّيق في هذا الوقت كان قريباً من الهجرة المدنية-:"لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار، بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون، خرج أبو بكر مهاجراً قبل الحبشة".
وأقول للعاقل فقط:
متى ابتلي المسلمون؟ مع ملاحظة أن كلام السيدة عائشة يقول "فلما" أي أن ذلك مع بداية الإيذاء الشديد، ثم تردف السيدة عائشة:"مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره، فليصل، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، قال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه فى داره، ولا يستعلن بالصلاة، ولا القراءة فى غير داره".
وأقول:
فإذا كان مشركو مكة يقولون إنهم يخشون إن أعلن الصدِّيق قراءته وصلاته يفتتن به الأبناء والنساء فى مكة، فمتى يا ترى كانت صلاة الصدِّيق تعد خشية وفتنة جديدة للمشركين يخشونها إلا فى أوائل الجهر بالدعوة في الفترة المصاحبة لهجرة الحبشة، فهل كان الكفار قبل هجرة المدينة بقليل –على زعم عمارة- أى بعد ثلاث عشرة سنة فى مكة مازالوا يخشون الفتنة على أبنائهم من قراءة الصدِّيق للقرآن. سبحان الله!!.
ثم يمضي السياق لتقول السيدة عائشة: "فابتنى مسجداً بفناء داره وبرز، فكان يصلى فيه، ويقرأ القرآن، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، يعجبون وينظرون إليه".
وأقول:
فمتى يا هل ترى كان المشركون ما زالوا يعجبون وينظرون باندهاش من قارئ القرآن؟ أليس ذلك فى أوائل الجهر بالدعوة وإعلان الإسلام ديناً جديداً للعرب أم قبل هجرة المدينة بقليل؟
أما كلام السيدة عائشة بعد ذلك، فيثبت أن الأحداث لم تقترب من الهجرة النبوية بالمرة بل كانت في التاريخ الذى حددته أنا فى البحث، لأن الرسول يقول للصديق: "قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين"، ومعنى ذلك أن الرؤيا لم تكن وضحت بعد في الهجرة، وأن ذلك بشرى بالهجرة إلى المدينة فى وقت ما، كما أنزل الله سورة الفتح على نبيه قبل الفتح بوقت تبشيراً له وللمؤمنين، وإلا لو كانت الأحداث كما تدعي قريبة من الهجرة المدينية فأين بيعة العقبة الأولى والثانية فلو كانتا قد تمتا لما كان الرسول قال إنه رأى رؤيا لمدينة يهاجرون إليها ووصفها كذا وكذا، ولكن كان قد حسم الأمر وقال له تحديداً الهجرة للمدينة فأين سنة بيعتى العقبة؟ وأين كل الأحداث المعروفة والشهيرة السابقة على الهجرة؟، وبالمناسبة يا عمارة أحيلك لتأريخ الحدث فى سنين البعثة المكية من خلال فهرس الجزء الرابع من البداية والنهاية، وكالعادة سأتحفك بصورة طبق الأصل حتى أوفر عليك عناء البحث:
فليحكم عاقل من العقلاء بيننا، فهل رأيت يا أستاذ الأزهر البعد الزمني الذي سلسله ابن كثير بين الحدثين، بين عزم الصديق على الهجرة ورجوعه وبين هجرة المدينة؟، ولا شك أن كتاب البداية والنهاية مبني بالشكل الطبيعي المعروف من تسلسل تدوين الأنباء حسب أسبقية وقوعها، فانظر يا أستاذ الأزهر إلى الأحداث التى فرقت بين الحدثين وهم 21 حدثاً ميعادهم معروف وأوقات حدوثهم جلية مؤرخة بإجماع بين علماء التاريخ والسير، فماذا تقول يا عمارة في ذلك؟
8) ثم قلت إنني تناقضت في حساب عمر السيدة عائشة، قياساً على عمر الزهراء فاطمة ولعل استعجالك المتكرر قد أودى بك ألا تقرأ جيداً ما كتبته، فقد قلت أنا نصاً فى البحث:"وعلى هذه الرواية التي أوردها ابن حجر مع أنها رواية ليست قوية"، ثم قمت أنا بحساب العمر افتراضياً فقط على هذه الرواية، أنه أيضاً ليس تسع سنوات كما يدعي البخاري ثم ختمت مقولتي التي لم تقرأها جيدا بقولي:"وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد في رواية البخاري".
أفهمت يا أستاذ الأزهر؟ أنا قصدت إيراد تلك الرواية لبيان اضطراب رواية البخاري فقط وليس للاستدلال.
9) ثم دخلت فيما لا يعنيك عندما حسبت أنت عمر السيدة عائشة قياساً على الزهراء، وأيضا رجحت ما عنَّ لك ووافق هواك البخاري وفعلت ما أنكرته علي أنا فلماذا يا عمارة كالعادة رجحت رواية فرق" الثمان سنوات" وبنيت عليها أوهامك، وما الدليل الذى رجحت به تلك الرواية يا أستاذ الأزهر فتقول:"يقول الذهبى فى السير: "وعائشة ممن ولد فى الإسلام، وهى أصغر من فاطمة بثمان سنين" (سير أعلام النبلاء 3/ 429). وتأمل هذا، وفى ترجمة فاطمة قال الذهبى: "مولدها قبل البعثة بقليل" (السير 3/ 417)، فإذا ما نظرنا إلى سن زواج النبى -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من عائشة وكان قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً، وقيل بعامين، أضف على هذا السن عمر عائشة حينها وكان ست سنوات، فيكون المجموع 2 + 6 = 8 اطرح هذا من مدة الدعوة المكية 13 - 8 = 5، فإن هذا يعنى أنها ولدت فى السنة الخامسة من الهجرة، ويؤكد هذا المعنى ما ذكره ابن الأثير فى أسد الغابة (7/ 216) إذ ذكر أن النبى -صلَّى الله عليه وسَلَّم- زوج عليًّا من فاطمة بعد أن تزوج النبى ـ صلَّى الله عليه وسَلَّم ـ عائشة بأربعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وهذا يعنى أنه بنى بها فى السنة الثانية من الهجرة، فإذا ما اعتبرنا السن المذكور لفاطمة تبين لنا أنها ولدت قبل البعث بقليل كما ذكر الذهبى وغيره".
وأقول لك:
يا عمارة انظر إلى البلية الكبيرة التي قمت بها فى حساب عمر "فاطمة" لتصل إلى هواك فانظر يا أستاذ الأزهر:
قلت أولاً:" يقول الذهبى فى السير: "وعائشة ممن ولد فى الإسلام، وهى أصغر من فاطمة بثمان سنين" (سير أعلام النبلاء 3/ 429).
وأقول:
إذن بحسبة البخاري تكون السيدة عائشة مولودة في العام الرابع من بدء البعثة النبوية-وليس الخامس كما حسبت أنت- ومعنى أن السيدة عائشة أصغر من الزهراء فاطمة بثمان سنوات، معنى ذلك أن فاطمة ولدت -حسب كلامك- في العام الرابع قبل مبعث النبى أي عام 606 م وعائشة 614م-وأنا هنا ملتزم بحسبة البخاري وحسبتك- وأنا موافق على ذلك ولن أعارض ولكن انظر ماذا فعلت بنفسك بعدها فقلت:"وفى ترجمة فاطمة قال الذهبى: "مولدها قبل البعثة بقليل" (السير 3/ 417)"، وهنا بدأت المهزلة كيف يكون الأربع سنوات قبل البعثة بقليل وما معنى كلمة قليل فى نظرك، ثم تكمل وتقول:"فإذا ما نظرنا إلى سن زواج النبى -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من عائشة وكان قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا، وقيل بعامين، أضف على هذا السن عمر عائشة حينها وكان ست سنوات، فيكون المجموع 2 + 6 = 8 اطرح هذا من مدة الدعوة المكية 13 - 8 = 5، فإن هذا يعنى أنها ولدت فى السنة الخامسة من الهجرة".
وأقول لك:
كيف تفعل ذلك بنفسك يا عمارة ورغم أن هذه الحسبة خاطئة بالكلية إلا أنني سأتركها لك هدية تلتف حول رقبة ردك فانظر بعدها ماذا بنيت على هذا فقلت:"ويؤكد هذا المعنى ما ذكره ابن الأثير فى أسد الغابة (7/ 216) إذ ذكر أن النبى -صلَّى الله عليه وسَلَّم- زوج عليّاً من فاطمة بعد أن تزوج النبى -صلَّى الله عليه وسَلَّم- عائشة بأربعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وهذا يعنى أنه بنى بها فى السنة الثانية من الهجرة، فإذا ما اعتبرنا السن المذكور لفاطمة تبين لنا أنها ولدت قبل البعثة بقليل كما ذكر الذهبى وغيره".
وأقول لك:
إذا كانت فاطمة ولدت قبل البعثة بأربع سنوات لأنها أكبر من عائشة حسب قولك أنت وليس أنا بثمان سنوات وعائشة ولدت في العام الرابع من البعثة على حسبة البخاري ونحن موافقون، ولكن إذا كانت السيدة فاطمة تزوجت –حسب حسبتك أنت- فى العام الثاني من الهجرة النبوية وتقول إنها كانت تبلغ خمس عشرة ونصفاً من العمر، فكيف ذلك يا أستاذ الأزهر فعمر فاطمة يساوي بحسابك 4 قبل مبعث النبى + 13سنة عمر الدعوة المكية + 2سنة فى المدينة فتصبح الحسبة لعمر فاطمة = 19عاما، فكيف تقول يا عمارة إن الزهراء كانت تبلغ 15عاماً، وحتى لو حسبنا بحسابك الخاطئ أن عائشة ولدت فى العام 5 من بدء البعثة وليس 4 إذن تكون فاطمة-لأنها حسب قولك أنت أكبر من عائشة بثمان سنوات - تكون فاطمة قد ولدت 3 قبل البعثة + 13فى مكة +2 سنة فى المدينة =18 عاماً أيضاً وليس 15عاما.
فانظر يا عمارة يا أستاذ الأزهر كيف فعلت بنفسك وضيعت التاريخ والجغرافيا والرياضيات لكى يعيش البخارى، ماذا فعلت بنفسك أمام القراء يا رجل؟
10)ثم ختمت ردك بما جعلني أقرض رثاءً على حال أساتذة العلم فى مصر فتقول إن نقلي من الطبري لم يكن معناه مولد عائشة فى الجاهلية بل الحديث عن الزوجات فقلت أنت نصاً: "فالحديث عن الأزواج وليس عن الأولاد، ويمكن أيضاً مراجعة تاريخ الطبرى ج 2 صـ 212 فى ذكر زواج النبى بعد خديجة، وهو يجزم بأن النبى بنى بها بعد الهجرة وكان عمرها تسع سنين".
وأقول لك:
ما هذا يا أستاذ الأزهر؟ ما هذا؟ تقول للقراء ارجعوا للطبري سبحان الله ها أنا أنقل نقل الطبري الذى لم تفهم معناه أنت ولكني أثق أن العقلاء من القراء سيفهمون من غير أصحاب الغرض والمرض، وأن آتيك كعادتي بالصفحة مصورة فالطبري يقول نصا:
والآن أشرح لك يا أستاذ الأزهر وأنا هنا أحكم العقلاء فقط والعالمين بالعربية، فأنت اعتقدت نظراً لهواك في عدم المساس بالبخاري، أن الطبري يتحدث عن الزوجات بمعنى أن الطبري يقول: "إن الأولاد الأربعة ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية"، فلو عادت التسمية على الأزواج لما استقام المعنى لأنه كان يكفي بعد أن ذكر أسماء الأزواج أن يقول: "من زوجتيه اللتين سميناهما في السابق"، ولكنه قال: "في الجاهلية" وليس المعنى أنه يقول: "اللتين تزوجهن فى الجاهلية" لأنه ذكر ذلك سابقاً، ولكن المعنى يستقيم لو تعلمنا العربية جيداً يا أستاذ الأزهر فهو يقول: إن زوجتيه التى إحداهما (أم رومان) التى ولدت له (عائشة وعبد الرحمن) وزوجته الأخرى ولدت له عبد الله وأسماء، يقول: "وكل هؤلاء الأربعة-يعنى الأولاد-ولدوا من زوجتيه التى سميناهما-التسمية هنا عائدة على الطبري أي أن الطبري سماهم وحددهم سابقاً في صفحاته السابقة، ثم قال: " فى الجاهلية " أي الأولاد الأربعة هم الذين ولدوا في الجاهلية"، بمعنى أن الجملة بدون تقديم وتأخير يقول فيها الطبري:"إن هؤلاء الأولاد الأربعة - التي منهم عائشة - ولدوا فى الجاهلية من زوجتيه اللتين سميناهما سابقا"، فهو قالها بالتقديم والتأخير هكذا:"فكل هؤلاء الأربعة من أولاده، ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما فى الجاهلية –أي الولادة هي التي تمت من زوجتيه في الجاهلية وليس الجاهلية هنا مقصود بها أزواج الجاهلية".
هل وصلت الفكرة يا أستاذ الأزهر؟ هل فهمت ماذا كان يقصد الطبري؟ فأين ردك العلمي إذن؟ ولماذا تعجلت فيه ؟ أقول لك أنا، حتى تكون أنت السابق بصون حمى وعرض البخاري، إذن حتى فى هذه أنت لست كذلك.
ثم يا أستاذ الأزهر لم أرك ترد على دليل الحديث الذى ذكرته أنا من بين الأدلة والموجود فى البخاري الذى سخَّرت حياتك لصون حماه وعرضه، فليس من الأمانة العلمية أن تغض الطرف والنظر عن الدليل الذى لايوافق هواك وتنبري للكتابة على الدليل الذي ظننته ليس صحيحا.
فالحديث فى البخاري وتقول فيه السيدة عائشة أنها كانت جارية تلعب عند نزول سورة القمر في مكة والمعلوم المتيقن بإجماع العلماء أن نزول سورة القمر كان فى بدايات التنزيل وقبل هجرة الحبشة فكيف كانت جارية تلعب يا عمارة؟ ألا لو أنها ولدت قبل مبعث النبي فما قولك ياعمارة؟
لماذا كتبت هذا الرد المتسرع؟ وليس هذا فحسب ولكنك لإكمال التدليس تركت الأدلة التى لم تستطع الرد عليها حيث مثلت لك صدمة كبيرة فتركتها وكأنك لم ترها, وما هكذا هي الأمانة العلمية يا عمارة يا أستاذ الأزهر يا مربي الأجيال فليس أمامك للرد على هذا الدليل إلا أن تختار من ثلاثة حلول.
الأول: أن ترد رواية البخاري عن سن زواج السيدة عائشة بالنبي.
الثانى: أن ترد رواية البخاري عن وجود السيدة عائشة جارية تعقل عند نزول سورة القمر.
الثالث: - والذى أرشحه لك حيث لا تستطيع أن ترد البخاري - أن تعتذر عن الرد الذى كتبته وتعاود البحث مرة أخرى. أوأنكم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض.
ألم أقل لك إن دأبك وهمك أن تكون أنت السباق تكون بصون حمى وعرض البخاري، ولذلك يشرفنى أن تحمي أنت حمى البخاري، وأذب أنا ومن معي- وأنا أقل بكثير من ذلك - عن حمى وعرض وشرف النبي والنبوة.
الخلاصة:
حسب بحثى المقدم والذى لم أر منك عليه أى رد يا أستاذ الأزهر.
فالنبى تزوج السيدة عائشة وهى فى الـ"18" من عمرها ولو كره الكارهون.
إسلام بحيرى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
بدون
اولا ممكن تكون شابة و تلعب بالعرايس عادي