مع الكم الهائل من الفضائيات الدينية لن أتعجب إن وجدت عشرات الفضائيات الشيعية تابعة كانت لقم ،أو للنجف ،أو لشيعة لبنان ،أو غيرها وبالطبع لا أتعجب إن وجدت على الساحة فضائيات سنة تابعة لمختلف المذاهب أو الدول أو فضائيات مسيحية ،أو حتى يهودية فلست فى حاجة لتوضيح ما لا يخفى على أحد من أن تقديم الصورة الصحيحة للإسلام، هى الأهداف المعلنة للقنوات الدينية الموجودة حاليًا على الساحة لا تخلو من تداخلات سياسية تصل فى بعض الأحيان إلى حد استغلال، أو كما يحلو للبعض أن يقول استثمار الإسلام فى تحقيق أهداف أو توازنات سياسية معينة.
ولكن ماذا عن إطلاق فضائية صوفية؟ هذا الخبر ولّد عندى مشاعر مختلطة.. فى البداية فرحت إذ إن أصحاب التجربة الروحية فى الإسلام سيكون لهم أخيرًا الكلمة، سيكون لهم منبر قد يعالجون من خلاله آفات النفوس، ويتصدون لما نعانيه من عشوائية الفتوى والنظرة الضيقة التى يتعامل من خلالها بعض المتحدثين على القنوات الدينية الإسلامية وسرعان ما دار بذهنى عدد من التساؤلات والمخاوف، إذا كانت القنوات الفضائية الحالية وسيلة تتخذها مجموعات دينية أو سياسية معينة لتحقيق هدف هو توجيه عقول المشاهدين لفكرها سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، ما الهدف الذى يريد الصوفية تحقيقه عن طريق نفس الوسيلة وهم من يتعاملون مع النفس قبل العقل؟ هل هو نشر فكر معين؟ ما هو هذا الفكر والصوفية تجربة وليست مذهبا؟ وكيف وهم أرباب أحوال وليسوا أصحاب أقوال؟ هل الهدف هو ما يراه البعض من ضرورة معالجة تراجع أعداد أتباع الصوفية خاصة فى مصر؟ وإن صحت هذه المعلومة؟ كيف، ومعروف عن الصوفية أنهم بعيدون كل البعد عن «التبشير» أو استقطاب أتباعهم؟ فلا يحاول صوفى صحيح أن يجذب مسلما للانضمام لصفوفهم.
هل يمكن أن يكون الهدف هو الدفاع عن النفس ضد كل من يريد تشويه صورة الصوفية واختزالها فى صور الموالد والبخور والدراويش؟ إذا كانت الإجابة بنعم فهل يستدعى الأمر إطلاق قناة فضائية تصل تكلفتها إلى ملايين الدولارات؟
كيف يضمن الصوفية تحقيق هذا الهدف دون تشويه فى ظل مجموعة أخرى من التساؤلات وهى: كيف ينظر الصوفية خاصة القائمين على هذه الفضائية إلى الهجوم الحاد المتوقع من خصومهم ،والذى سيزداد حتما بعد إطلاق فضائيتهم؟
وفى وسط هذا الكم من الفضائيات الدينية السياسية ،كيف سينجو الصوفية خلال العمل على فضائيتهم من أى مشاحنات سياسية حتى وإن اتخذت الغطاء الدينى؟ وإن حدث ذلك هل سنشهد أول تورط غير مقصود للصوفية فى السياسة؟
وإن كان صحيح ما يتردد عن أن خادم الدعوة وطالب العلم الشيخ الجليل الحبيب على الجفرى هو صاحب فكرة إطلاق الفضائية ،فلاشك أن لديه من أسباب وحجج أكثر مما يريحنى ويريح كل قارئ وكل غيور على قوم من المسلمين يدركون الله بقلوبهم وينظرون إلى بواطن الأمور فى زمن اقتصر فيه النظر على ظواهرها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة