346 هو عدد التعليقات على ما سمى «اعتذار وفد إيرانى للقرضاوى» على موقع العربية! رقم ضخم لخبر واحد على موقع واحد، لكنه يعكس مدى اهتمام المواطن العربى بالموضوع وتفاعله معه. بسهولة تسطيع تقسيم المعلقين إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول, أصحاب تعليقات مثل «من مصلحة المسلمين سنة وشيعة أن تجمعهم كلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله... وعلى إيران أن تحقق أحلامها وطموحاتها بعيداً عن استغلال الدين والمذاهب».
تعليق مقنع لمسلم موحد بالله يعيش بالقرن الواحد والعشرين وضع خطا واضحا بين الدين والسياسة فابتعد عن الخوض فى المخططات السياسية وراء استغلال الدين, على عكس ما فعل الفريقان الآخران وهما الأغلبية. طبعا فريق سنى وآخر شيعى لايعلم كل منهما عن الآخر إلا قشورا. قرأت وأنا أسمع صليل السيوف وصهيل الخيول, فوجدت تطاوُلا: «استح على وجهك», تهديدا: «والله العظيم هنهاجم أكبر رأس عندكم واللى يزعل يزعل»، تعبئة قبل الهجوم: «سب الصحابه خط أحمر «رحم الله الصحابة الذين دكّوا حصون المجوس وأطفأوا نار الفرس إلى الأبد«, دفاع:«أنا شيعى ولا يوم فى حياتى سببت أحدا من الصحابة والعياذ بالله ما هذه الافتراءات؟» أجواء حرب عاتية وياليتنا نسمع فيها صوت الدبابات والطائرات بدلاً من السيوف والمنجنيق.
هل هذا المشهد هو بوادر الاقتتال الذى أشار إليه بيان الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الصادر فى 16/10/2008وتأكيده على حرمة دم المسلم وعدم الاقتتال على أساس مذهبى، أو طائفى؟ وكأن العلماء يتوقعون سيناريو قادما، إذا كان الأمر كذلك فهل يعتقد علماء المسلمين أن هذا الانطلاق السريع لأسوأ ما فى نفوس الشباب المسلم من تعصب يمكن أن تخمده سطور قليلة فى بيان على ورق، بعد أن أشعله الهجوم المتبادل على صفحات الجرائد؟ وإن ظهرت مشارف هذا الاقتتال، هل تبرئ هذه السطور المسبقة ذمة اتحاد علماء المسلمين من الاقتتال بين مسلم ومسلم؟ البيان ناشد أيضاً وسائل الإعلام الالتزام بالأطر الشرعية والمهنية، بعيداً عن الإثارة ،واستنكر دور بعض هذه الوسائل فى إذكاء نار الطائفية! ومن ناحية أخرى طالب البيان إيران بتحمل مسئوليتها الشرعية فى وأد الفتنة المذهبية باتخاذ التدابير اللازمة لمعاقبة وكالة الأنباء «مهر».
بالطبع لا يختلف عاقل على ضرورة وأد الفتنة ولكن اسمحوا لى بالسؤال: حتى إغلاق وكالة مهر واختفاؤها تماماً من الساحة, هل هو كفيل بوأد الفتنة؟ ما هى اقتراحات علمائنا الأجلاء وآلياتهم فى إخماد شرارة اشتعلت بالفعل قبل أن تندلع ناراً تحرق عقول فرق من المسلمين قبل أجسادهم؟ لا أريد أن أفكر أو أتخيل كيف يمكن أن تلعب تل أبيب أو واشنطن أو أى جهات أخرى بهذه الورقة الحارقة, فالورقة الدينية فى منطقتنا ورقة رابحة على طاولة اللعبة السياسية.
هل مازال بالإمكان أن يتفق علماء المسلمين بعيداً عن الإعلام على تحديد حجم الخطر وآليات الحماية منه ويخرجوا بخطاب يتوجه إلى العقل بدلاً من النزعة الطائفية فتكون نتائجه محسوبة؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة