بعد فيلمه «أسرار البنات» يعود المخرج مجدى أحمد على إلى السينما بفيلمه «خلطة فوزية» والذى مثل مصر حاليا فى المسابقة الرسمية لمهرجان أبوظبى السينمائى الدولى، وبطولة إلهام شاهين وفتحى عبدالوهاب وهالة صدقى وغادة عبدالرازق ومجموعة كبيرة من الفنانين.
الفيلم صاغت له السيناريو والحوار الروائية هناء عطية فى تجربتها الأولى، وتتحدث فيه عن هؤلاء الذين بتنا نطلق عليهم المهمشين، والذين يملكون قدرة التكيف مع الواقع مهما كانت ظروفهم الحياتية.. وإذا كنا اعتدنا على رؤية هذه النماذج فى سينما الثمانينيات إلا أن أهم ما يميز «خلطة فوزية» طزاجة شخصياته وتحديدًا البطلة إلهام شاهين، والتى يأخذها مجدى أحمد على إلى منطقة راقية فى الأداء دون زعيق أو صراخ مثلما تقدم فى أدوارها التليفزيونية.
أجمل ما فى فوزية أنها رغم الفقر وصعوبة المعيشة إلا أنها صاحبة القرار فى كل تفاصيل حياتها، ومنها اختيارها لأزواجها.. والوقت الذى تقرر فيه الانفصال عنهم، واحتفاظها بصداقة مع جميع أزواجها السابقين.
ومن أجمل مشاهد الفيلم تلك التى يجتمع فيها الأزواج على الغداء فى منزل فوزية كل يوم جمعة، ومع مشاهد الأفان تتر «ما قبل التترات» تظهر ملامح شخصية فوزية أكتر، حيث يضعك المخرج أمام تلك المرأة، التى تخرج من المقابر بعد أن دفنت إحدى أزواجها ورغم الحزن إلا أنها لا تتردد فى عرض الزواج على سائق النقل الذى يجسد دوره «فتحى عبدالوهاب» الذى ساعدهم فى نقل الجثمان إلى المقابر.
ورغم أنه أصغر سنا منها لكنه يدخل إلى عالم فوزية مأخوذا بتلك القيم المختلفة والتى تحكمها هى وناسها بعيدًا عن كل ما هو سائد فى مجتمعنا..لذلك لا يستطيع الفكاك من سحر تلك المرأة، والتى تبدو فى أحيان كثيرة شديدة البراءة والسذاجة، تتعامل مع الأشياء بإحساس عال.. فهى فى لحظة تشعر بالحب، وعندما ترغب فى الزواج تتزوج، وفى الوقت الذى تشعر فيه باستحالة الحياة مع زوجها تطلب الطلاق فورًا، ولا تتردد دون حسابات أو الخوف من «كلام الناس» فالجميع يعرفون أن هذه هى خلطة فوزية الخاصة جدًا والتى تعيش حياتها من أجل الاستمتاع وتربية أبنائها الذين أنجبتهم من زيجات مختلفة.
واستطاع فتحى من خلال انفعالات الوجه ونظرة العين التعامل مع تلك الشخصية شديدة التناقض فهو فى لحظات يبدو كمن لا يفهم كود هذا العالم، ولحظات يرغب فى أن يصبح واحدًا منه، وأحيانا يرغب فى التمرد على تلك الحياة التى يبدو أنها خارج قوانين العالم.
فى «خلطة فوزية» أجاد الممثلون كل فى دوره رغم صغر حجم مشاهدهم، فظهرت غادة عبدالرازق فى دور الفتاة التى تخشى أن يفوتها قطار الزواج لذلك لا تتردد فى غواية زوج فوزية ثم تسألها بعد ذلك أن تتزوجه وتشاركها فيه، بينما جسد حجاج عبدالعظيم ولطفى لبيب ومحمد شرف أدوار أزواج فوزية السابقين.
الإضاءة الدافئة لنانسى عبدالفتاح مديرة التصوير أضفت أجواء حميمية لتلك المنطقة ذات الواقع الخشن الذى تسكن فيه فوزية، لدرجة تشعرك برائحة المكان،جاء الفيلم بملامح من أفلام أمير كوستاريكا وغيره من مبدعى ما يطلق عليها «سينما أوروبا الشرقية».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة