عصام سلطان

وراء السنـة والشيعـة

الخميس، 30 أكتوبر 2008 03:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هدأت الفتنة ولم يهدأ ما وراءها، وضعت الحرب أوزارها، ولم تتكشف حقيقتها، أصابت الفتنة كثيراً من أهدافها، وجرحت أهل السنة والشيعة على السواء، وهدمت أواصر، وأسست لبداية عهدٍ من الخلاف، ولكنها لم تكشف حتى الآن عن أسبابها.

يقول الشيخ القرضاوى: إن عدداً من أهل السنة قد تشيع، بفعل نشاط الشيعة الإيرانيين، وحقيقة الأمر أن أحداً من أهل السنة لم يتشيع، إذ عجز الشيخ عن ذكر اسم واحد فقط ربما يكون قد تشيع، أو حتى اقترب من التشيع، وقد عرض الدكتور/عبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب الإرشاد على فضيلة الشيخ القرضاوى أن يقوم ببحث وسبر أغوار أى حالة تشيع تكون قد حدثت فى مصر، فى أى محافظة أو قرية أو نجع، لما للجماعة من انتشار قوى بين الناس، فلم يستطع الشيخ الإشارة إلى مجرد حالة واحدة، ومع ذلك استمر الشيخ يحارب التشيع.. الذى لم يحدث..!

فماذا حدث فعلاً؟ ما الذى جعل فضيلة الشيخ يتغير فى أفكاره وآرائه الوسطية، ويتراجع عن جهوده التقريبية، ويسير عكس اتجاه مشروعه الفقهىِّ التجديدىِّ البديع؟ ما الذى غيّر طبيعة الشيخ الشخصية السمحة؟! ما الذى غيّر الشيخ تجاه إخوانه من العلماء، وأنداده من المفكرين، وأصحابه من المجددين، وتلامذته من المحبين؟ ما الذى أحزن الشيخ حين راجعه الأستاذ/ فهمى هويدى بقوله «أخطأت»؟ ما الذى أفزعه من رجاء الدكتور/ كمال أبوالمجد إغلاق موضوع الفتنة؟ وما الذى فعله الشيخ فى صاحب المقام الجليل والرفيع المستشار/طارق البشرى؟، ماذا حدث للشيخ؟

كلُ الذين يعرفون فضيلته يقطعون بأن شيئاً ما قد حدث له، وأن تَغيْراً قد ألم بحياته، وأن ضغطاً ما يُمارس على أعصابه، وأن حصاراً خنيقاً يلتف حوله، يريد للشيخ أن يرى الدنيا من خلاله، أو بمعنى آخر أن يعيد رؤية الدنيا من خلاله.

إن الكل يتحسس موضع أقدامه، الكل خائف ومرتعش ومتوتر، من الخطوة التالية للضاغط على الشيخ، هل ستكون فتنة جديدة بين أهل المذاهب، أم ستكون بين أهل الأديان، وهل ستخرج فى صورة فتوى، أم فى حوارٍ صحفىٍّ كحوار فضيلته مع جريدة المصرى اليوم، أم فى برنامج تليفزيونى كالذى أجرى معه فى آخر رمضان، وكان أصحاب البرنامج ينوون قصره على دعاءٍ رمضانىٍّ جميلٍ من الشيخ، وجمع تبرعات لمستشفى وادى النيل، فإذا بشخص الضاغط يتدخل، ويشترط على أصحاب البرنامج، أن يكون الحوار عن الفتنة بين السنة والشيعة..! وإلا فلن يمكنهم من لقاء الشيخ..!

إن المنطقة مقبلة فى رأى الكثيرين على مواجهة بين مشروعين، مشروعٍ إيرانى ومشروعٍ إسرائيلىّ، قد تتعدد صور المواجهة، وأشكالها، وأماكنها، وقد تكون فى العراق، كما هو الحال القائم، وقد تكون فى لبنان، كما حدث منذ عامين، وقد تتحول الحرب الباردة فى الخليج إلى ساخنة، وغاية المُنى أن تدار هذه الحرب بالوكالة، فتصير حرباً إسلامية إسلامية، بدلاً من حرب إيرانية إسرائيلية، لتخفف بذلك الدول الإسلامية السنية عبء وتكاليف ونتائج الحرب على إسرائيل، وتضمن الحكومات السنية أن من ورائها شعوباً وجيوشاً تدخل حرباً دينية، تدافع عن دينها أو عن إسلامها، أو عن مذهبها السنىّ، إذ قطع فضيلة الشيخ القرضاوى، وهو من هو، أن الموضوع موضوع دين وعقيدة، وأنه نذير لقومه، نيط به الدفاع عن هذا الدين، والذود عن العقيدة، العقيدة السنية بالطبع، ضد العقيدة الشيعية..!

إن محنة الأمة الإسلامية ليست فى حكامها فحسب، ولكنها أيضاً فى علمائها، أسس لهم الحكام المجامع والمجـالس والهيئات، وأغدقوا عليهم من العطايا والمناصب والأضواء، حتى انسلخوا من آيات الله.. فلما منَّ الله على الأمة أخيراً بهؤلاء العلماء المخلصين الزاهدين، فأسسوا اتحاد العلماء برئاسة الشيخ القرضاوى، بعيداً عن الحكومات، استبشر الناس بهم خيراً، وأنجز هذا الاتحاد فى عمره القليل، مالم ينجزه غيره فى عقود، إلى أن أطلت تلك الفتنة برأسها، ففعلت ما فعلت، وولغ فيها من ولغ، فحسبنا الله فيمن كان فيها السبب ..!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة