مسافة قصيرة تلك التى تفصل ما بين قاعتى العرض فى أحد المجمعات السينمائية، حيث يعرض فيلمان الأول مصرى «البلد دى فيها حكومة» بطولة تامر هجرس وعزت أبو عوف وعلا غانم، وإخراج عبدالعزيز حشاد، والفيلم المجاور له أمريكى بعنوان «ماما ميا» للنجمة المتألقة دوما «ميريل ستريب»، وأماندا سيفريد، وبريس بوسنان، وكولين فيرث، وستيلان سكارسجارد، وإخراج فيلدا لويد.
وإذا قررت مثلى أن تجازف بدخول الفيلم المصرى من باب العلم بالشىء أو أن ترى ما يعرض فى هذا الموسم «الميت للسينما المصرية»، فستكون بالتأكيد ارتكبت خطأً تراجيدياً فادحاً فى حق نفسك مثلما فعلت تماما، خصوصاً أنك ستجد نفسك أمام فيلم يخاصم كل أصول الفن والسينما تحديدا، وبعيدا عن ثمن التذكرة التى «غرمتها»، فالأهم هو التأثير النفسى السلبى والشعور بالذنب فى حق نفسى لأننى ارتكبت مثل هذا الخطأ.
لذا أردت الاعتذار لنفسى وكان قرارى حاسماً بضرورة التطهير النفسى، وغسل روحى من الحالة السلبية والمود السيىء ببركات «البلد دى فيها حكومة»، ودخلت إلى القاعة المجاورة لأشاهد الفيلم «الرومانسى الغنائى- الكوميدى» «ماما ميا» والذى تكلف 52 مليون دولار وحقق 143 مليون دولار حتى الآن.
الجميل فى الفيلم ليس فقط إعادة إحيائه مجموعة من أهم أغانى فريق «ابا» مثل «ماما ميا»، ومانى مانى، ودانسج كوين، أو الاحتفاء بهذه الفرقة السويدية التى أحدثت ثورة فى السبعينيات من القرن الماضى، ولكنه فيلم يعيد نفسك إليك خصوصا وأنه يحفل بكل المعانى الإنسانية الرقيقة مثل مشاعر الحب والرغبة فى التمرد والرقص والغناء، والأهم أن هناك صورة سينمائية بصرية ثرية، إضاءة، وتصويرا، وملابس، ورقصات مهمة بشكل مبهر، و أداء تمثيليا شديد التمكن.
ورغم أن قصة الفيلم معتادة فى السينما الأمريكية والأوروبية، إذ أنها مأخوذة عن المسرحية التى أعدتها كاثرين جونسون وسبق أن قدمت عام 1999 فى لندن والعديد من الدول الأوروبية، فإنه استطاع الحصول على إعجاب النقاد والجماهير، حيث تدور أحداثه حول «دونا» التى اختارت أن تسكن إحدى الجزر اليونانية، وتدير فندقها الخاص مع ابنتها «صوفى» وخطيب الابنة «سكاى» واللذين يعدان ليوم زفافهما، وترغب صوفى فى عودة والدها، ولكن المشكلة أنها لا تعرفه وكلما سألت والدتها عن الاسم تخبرها «لا يهم.. لقد كان حب صيف»، و تعثر «صوفى» على يوميات والدتها لتعرف من خلالها بأنه كان لها 3 علاقات حميمية، إذن هناك 3 آباء محتملون، فترسل صوفى الدعوات إليهم ويحضر الثلاثة الفنان التشكيلى ورجل الأعمال والصحفى.
رغم أن أبطال الفيلم ليسوا مطربين فإنهم جميعا يغنون بأصواتهم ويؤدون الاستعراضات المبهجة، خصوصا أن هناك جزءا من الحوار «دراما غنائية» ولك أن تتخيل «بيرس بروسنان» وهو يغنى ويرقص أمام ستريب التى أجادت مع كل فريق العمل فى تقديم لون سينمائى مختلف..
إذا أردت أن تشعر بالتفاؤل فى الحياة فعليك بمشاهدة «ماما ميا»، أما إذا كنت تبحث عن الاكتئاب فعليك بـ «البلد دى فيها حكومة».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة