رغم صدور حكم القضاء أمس، الخميس، بمعاقبة يوسف عبد الرحمن وكيل أول وزارة الزراعة ورئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى بالسجن المشدد عشر سنوات والعزل من منصبه، وسجن المتهمة الثانية راندا الشامى المستشارة الفنية للبورصة الزراعية 7 سنوات والعزل أيضا، إلى جانب معاقبة 18 آخرين بمدد سجن مختلفة، إلا أن ملف قضية المبيدات المسرطنة ما زال مفتوحا، حيث أوكلت هيئة المحكمة إلى النيابة العامة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن موافقة الدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق، على استيراد مبيدات زراعية مسرطنة محظور استيرادها بموجب قرار وزارى.
الأحكام الصادرة ضد المتهمين أثارت عدة تساؤلات على رأسها: هل تكفى هذه الأحكام لردع هذه الجريمة الآثمة التى ارتكبت فى حق الشعب المصرى من نشر مرض خطير كالسرطان من خلال المبيدات المسرطنة التى دخلت البلاد؟!، ولماذا تم إعفاء يوسف عبد الرحمن من تهمة توريد مبيدات مسرطنة، ووجهت إليه تهمة الموافقة فقط على التوريد والتورط فى قضية الرشوة الجنسية؟ لماذا صدر الحكم بعزل المتهمين من مناصبهم مع الحكم بالحبس؟
صلاح بديوى نائب رئيس تحرير جريدة الشعب السابق والذى قام بحملة تقارير صحفية موثقة منذ عام 1998 على وزارة الزراعة بشأن قضية المبيدات المسرطنة، يرى أن الحكم صدر لعقاب يوسف عبد الرحمن على جرائم أخرى غير جريمة المبيدات المسرطنة، سواء كانت رشاوى جنسية أو فساد وظيفى، فالمحكمة برأته من استيراد 80 ألف طن مبيدات مسرطنة، مضيفا أن القضية منذ بدايتها مليئة بالغرائب، حيث تنحت أكثر من دائرة عن نظر القضية، وذلك من أجل تبرئة يوسف والى الذى يعد المتهم الرئيسى فى هذه القضية، والتى تعد أخطر جرما من قضية الأسلحة الفاسدة التى مرت بها مصر، فالمبيدات أصابت ملايين من المصريين بالسرطان، حيث وصلت معدلات الإصابة بالفشل الكلوى والوباء الكبدى والسرطان إلى 600%.
عقوبة العزل من المنصب المصاحبة للحكم بالسجن فتحت أيضا تساؤلا آخر حول الإجراءات التى اتخذتها وزارة الزراعة طيلة فترة المحاكمة، والتى تبدأ بالتحقيق ثم الخصم من المرتب ثم الوقف عن العمل، وأخيرا إذا ثبت الاتهام الموجه للموظف بالإخلال فى عمله يتم عزله من منصبه، وهو ما اتخذته محكمة الجنايات بشأن عبد الرحمن ومعاونيه، وذلك حسبما أكد محمد عبد السلام، ناشط حقوقى، معتبرا أن الجرائم التى ارتكبها يوسف عبد الرحمن كثيرة ومتعددة ، فالشبهات تحيط بعبد الرحمن منذ اعتلائه منصب وكيل وزارة الزراعة، حيث تردد وجود "واسطة كبيرة" تدخلت فى تعيينه وهو مازال شابا صغيرا، ناهيك عن أنه كان يتقاضى مبالغ طائلة شهريا من تواجده فى عمله.
هل يوسف عبد الرحمن كبش فداء لآخرين؟ سؤال أجاب عنه كرم صابر، مدير مركز الأرض، الذى اعتبر عبد الرحمن كبش فداء فى قضية المبيدات المسرطنة، مطالبا بضرورة محاكمة الحكومة بأكملها فى هذه القضية، لأن الخطأ يقع على جميع المسئولين فى نشر هذه المبيدات، وليس يوسف عبد الرحمن وحده ، فهذه المبيدات تسببت فى انتشار أمراض عديدة أصابت المصريين من بينها الفشل الكلوى والكبد الوبائى، فهناك عشرة مليار جنيه تصرف فقط على علاج مرض الفشل الكلوى.
المهندس حسين غنيمة رئيس قطاع مكتب وزير الزراعة، رفض التعليق على الحكم بحجة عدم علمه بأى تفاصيل عن قضية المبيدات المسرطنة الشهيرة قائلا "لم أكن فى وزارة الزراعة حتى 2004، وكل ما أود ذكره بشأن هذا الموضوع هو أن ثقتنا فى القضاء المصرى تفوق الحدود".
عبد الرحيم الغول رئيس لجنة الزراعة بمجلس الشعب أكد قائلا: "الحكم عنوان الحقيقة وليس من حقنا التعقيب على أحكام القضاء، وبالنسبة لما يردده البعض بشأن صدور الحكم على جرائم أخرى ارتكبها عبد الرحمن، غير جريمة المبيدات المسرطنة فهو غير صحيح".
يذكر أن النيابة نسبت إلى راندا الشامى تقاضى رشاوى مالية من المتهمين هشام نشأت وموريس آريس اللذين يعملان مديرين بشركتى قطاع خاص، مقابل تسهيل إجراءات توريد مبيدات للبورصة الزراعية، وقدمت رشوة جنسية ليوسف عبد الرحمن مقابل تعيينها بالبورصة الزراعية.
كما نسبت النيابة العامة للمتهمين تهمة تلقى الرشوة والتربح واستغلال النفوذ واستيراد مبيدات خطرة عالميا تحتوى على مركبات مسرطنة، والإضرار العمدى بالمال العام بما يزيد على 18 مليون جنيه، وتسجيل مبيدات لصالح بعض الشركات دون اتباع الإجراءات القانونية واستغلال النفوذ والإضرار العمدى بالمال العام، وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفتهم.
لمعلوماتك..
مرضى السرطان فى مصر تبلغ نسبتهم ١٥٠ حالة لكل ١٠٠ ألف نسمة سنوياً، ويتراوح عددهم بين ١٠٠ إلى١١٠ آلاف حالة سنوياً
بعد الحكم بالسجن 10 سنوات ليوسف عبد الرحمن
هل يلاحق القضاء يوسف والى بتهمة استيراد مبيدات مسرطنة؟
الجمعة، 21 نوفمبر 2008 09:09 م
قضية المبيدات المسرطنة لا تزال مفتوحة