رغم احترامى العميق للمستشار طارق البشرى، فمن الصعب قبول ما كتبه فى العدد 413 من جريدة صوت الأمة بتاريخ 10-11-2008، فقد خلط بين رأيه الشخصى، وبين الإسلام وبين الأغلبية المسلمة فى مصر، بل وفى العالم كله.
والحقيقة أن هذه المغالطة الفادحة يرتكبها كل من يمارسون العمل العام انطلاقا من الإسلام السياسى، فينقلون الخلاف السياسى لخانة الدين، لأن منطقهم ضعيف، وسلاحهم الوحيد القوى هو تصوير مخالفيهم بأنهم ضد الإسلام، فهم يعطون أنفسهم قداسة لم يقرها هذا الدين العظيم لبشر.
فالمستشار يطالب بتطبيق الشريعة نيابة عن المسلمين فى مصر، رغم أنه لا يملك توكيلا منهم، ولا يرأس حزبا سياسيا يعبر عن أفكاره ويضم فى عضويته المسلمين المصريين، ومن ثم كنت أفضل أن يسبق رأيه بكلمة أعتقد أو أظن، بدلا من هذا اليقين المبالغ فيه.
وبما أن سيادة المستشار صاحب رأى مثلنا، فمن حقه أن ينتقد مخالفيه، ولكن ليس من حقه الغمز واللمز بأن يربط بينهم وبين «الهجوم الأمريكى الصهيونى علينا فى كل المجالات»،
وهذا تخويف لا يليق بالمؤرخ الكبير، فالمختلفون معه لا يقلون وطنية عنه.
كما أن كثيرا من الذين يرفضون أسلمة الدولة ليسوا كفرة كما يوحى مقال البشرى، ولكنهم مسلمون، ويؤمنون، وأنا منهم، أن موقفهم يقوى الدين، ويؤمنون بأن بلدنا لا يملكه المسلمون وحدهم، ولكنه حق لكل من يعيشون على أرضه، بمن فيهم حتى الذين لا يؤمنون بالأديان السماوية.. وهذه الحقوق كما يعرف المستشار البشرى، ليست منحة من فصيل الإسلام السياسى ولا من غيره. كما أنه يعرف، وهو رجل قانون، أنه ليس من حق الأغلبية انتهاك حقوق ولو فرد واحد فى الوطن، وبالتالى فالأصل هو حقوق وحريات متساوية للجميع.
وبالتالى يا سيادة المستشار ليس مطلوبا منى أو من أى مصرى أن ينتظر حتى يغير فصيل سياسى يريد السلطة أفكاره، فهذه مشكلتهم وليس مشكلتنا، فإذا أرادوا الانطلاق من حقوق مواطنة متساوية للجميع، فأهلا بهم.. وإذا لم يريدوا فمن حقنا الاختلاف معهم وليس مع الإسلام.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة