«أنت أخى و أنا أحبك.. أحبك ساجداً فى جامعك وراكعاً فى هيكلك، ومصلياً فى كنيستك، فأنت وأنا ابنا دين واحد هو الروح، وزعماء هذا الدين أصابع ملتصقة فى يد الألوهية المشيرة إلى كمال النفس»، كلمات سامية لجبران خليل جبران.
هل تأثراً بهذا السمو، أو حتى بأدنى مستوياته أُقيم مؤتمر حوار الأديان فى نيويورك تحت مظلة الأمم المتحدة بمبادرة من الرياض؟ دعونا ندّعى البلاهة للحظات. أفهم تماماً، بل أتمنى، أن يجتمع ممثلو كل الأديان السماوية كل يوم لإرساء حوار الأديان.. لا أفهم أن يجتمع سياسيون عرب بزعماء دول لا يعنى أنظمتها العلمانية إن كانوا حتى ملحدين، ثم يُسمون هذا اللقاء حوارا للأديان!.
أفهم أن يُدعى مسئول إسرائيلى ليمثّل حكومته على أى طاولة مباحثات سياسية من قِبل أى مسئول عربى.. لا أفهم أن يُدعى الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز ليمّثل يهود العالم وتكون الدعوة من طرف عربى.
إذن بالرغم من البلاهة أو ادعائها، يمكننا بسهولة أن نقسِم أن هذا المؤتمر سياسى بحت ولا يمت للدين بأى صلة، حتى يديعوت أحرنوت أكدت ذلك، إلا أنها لم تدّع البلاهة قط، لم تقل إن «المستوى الدينى» فى إسرائيل، بل قالت إن «المستوى السياسى» هناك نظر إلى هذه الدعوة بأهمية بالغة واعتبرها تاريخية.
إذن لسنا بلهاء، ومن حقنا أن نتساءل عن ثمرة المؤتمر.. إذا كان الغرض هو كما فى لغة الصحافة الإخبارية، تسويق المبادرة العربية، وهى المبادرة التى كانت سعودية، وتحولت إلى عربية فى بيروت 2002، فالمؤتمر لم يحقق هذا الغرض بشكل واضح. فقد صرّح وزير الخارجية السعودى سعود الفيصل، بأن الرد الذى قدمه بيريزعلى المبادرة فى كلمته أمام المؤتمر كان مخيباً للآمال.
أما إن كان الغرض كما يرى البعض، محاولة لمحاصرة إيران و سوريا و حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، هنا لنا وقفة تساؤل: هل يرقى الغرض إلى الثمن المدفوع؟ لننظر إلى الثمن..
1- هدية أبدية لتل أبيب: أول دعوة توجه لها للمشاركة فى مؤتمر تنظمه أو تدعو له الرياض.
2- تكريس لفكرة أن اسرائيل تمثل اليهودية فى العالم، وفى ذلك خلط بين اليهودية والصهيونية، و هو ما تحذر من نتائجه السلبية بعض الأطراف السياسية الفلسطينية الفاعلة.
3- تمرير وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى لرسالة خطيرة من خلال كلمتها فى المؤتمر: إن عقد المؤتمر «يشير إلى إدراك أن عدو الدول العربية ليس هو اسرائيل وإنما الإرهاب». بمنطق «شفتم أنا حلوة إزاى». إن كانت السياسة بعيدة عن عالم جبران و فات الأوان ودعَونا بيريز، ألا يمكن أن نقول له أنت أخى و أنا أحبك.. بس نفعنى و استنفع؟.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة