أعشق قرارات الدولة الرسمية بغض النظر عن الجناح الذى أصدرها، فهى إما ساذجة لدرجة ترميك على الأرض من كثرة «القهقهة»، وإما صادمة لدرجة تدفعك للصمت التام وبالتالى التأمل، أو مستفزة لدرجة استفزاز أى شىء قابل للاستفزاز بداخلك، وهو كثير إن كنت تعيش فى مصر.. قد تطلق العنان لخيالك يحلم، أو للسانك يسب ويشتم، أو لأطرافك لتمارس العنف.. فهل تجد أكثر من ذلك تسلية؟
بالطبع لا، ولهذا وجب الشكر علينا للدولة ومؤسساتها المتعددة وكل ما تتحفنا به من قرارات، كان آخر حبة فى عنقودها قرار حظر النشر فى قضية هشام طلعت مصطفى، بدون شك يشعر هشام بالسعادة الآن، ويسكن بعض من الاطمئنان بقلبه، بعد شعوره بأن الدولة لم تنسه، فقد طلب هشام فى الجلسة قبل الأخيرة من المحاكمة الحفاظ على سرية معاملاته الاقتصادية بعد أن بدأت أوراق القضية تكشف فسادها مثلما حدث مع عقد مدينتى، فبادرت الدولة وفى اليوم التالى لطلب هشام بحظر النشر فى القضية كلها، وانتصرت رغبة رجل أعمال لجنة السياسات على رغبة شعب بأكمله كفل له دستوره حرية تداول المعلومات.
ولأن الناس فى الشوارع بعد أن فقدت الكثير من متع الحياة، لن تتحمل الحرمان من متعة متابعة أخبار قضية هشام طلعت مصطفى، فكان القرار الآتى بنشر كل ما يتعلق بحالة رجل الأعمال الشهير وقضيته فى الأخبار القصيرة التالية، وبذلك يكون اختراقنا لحظر النشر تم بس على الضيق شوية:
◄ احتفل هشام طلعت مصطفى بقرار حظر النشر بإطعام 60 سجينا فقيرا وإرسال sms - لشكر وتحية كبار رجال الدولة وكبار رجال القضاء.
◄ المحامون طمأنوا هشام على سير القضية بعد أن وفر لهم حظر النشر غطاء لتجهيز ما يلزم للتعامل مع القضية.
◄ عسكرى شرطة يحصل على مليون دولار مقابل مقطع فيديو صغير صوره لهشام يضحك داخل القفص أثناء جلسة المحاكمة التالية لقرار حظر النشر.
◄ القبض على مجموعة حاولت اختراق قاعة المحاكمة لتثبيت كاميرات وميكروفونات لصالح وكالة أنباء عالمية لم تفهم معنى عبارة حظر النشر.
◄ معركة بالأيدى والأقدام داخل قاعة المحكمة بين المحامين بعد اتهامات متبادلة بالرشوة والفساد وحب الشهرة.
◄ بعد كتاب «هشام برىء من دم سوزان»، محامون من الجبهة الأخرى يعرضون فيلما تسجيليا قصيرا باسم «دم سوزان فى رقبة هشام».
◄ شنطة ملابس السكرى وصلت من دبى، ولكن الإجراءات الجمركية تعطل الإفراج عنها وتوقعات بصدور قرار بحظر الإجراءات الجمركية أيضا.
◄ نصوص جديدة لمكالمات تم تسجيلها لهشام طلعت مصطفى تكشف عن عقود أخرى تشبه عقد «مدينتى».
◄ رجل أنيق بنظارة سوداء حضر الجلسة، وهمس فى أذن هشام طلعت قبل الرحيل، وأشار له هشام بعلامة النصر.
◄ ألم أقل لكم إننى أعشق قرارات الحكومة، تحظر هى النشر، فتنطلق الشائعات من هنا، وتأتى المعلومات راقصة من حيث لا تدرى، ويؤلف كل من أتعبه وقت فراغه - مثلى - سير أحداث جلسات المحاكمة على مزاجه، فتتوه الحقائق، وتتشوه صور، وتخرج الأحكام وهى خاسرة لثقة المواطنين الذين اعتادوا من هذا النظام على عدم الثقة فى كل ما يتم بعيدا عن أعينهم، فهنيئا للحكومة بحظرها.. وهنيئا للناس بخيالهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة