عصام سلطان

الرئيس عضـوٌ فى البـرلمان

الجمعة، 07 نوفمبر 2008 12:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يرى البعض أنه من المستحيل على جمال مبارك الوصول إلى كرسى الحكم فى مصر فى غيبة والده، بمعنى أنه لا قدر الله إذا توفى الرئيس مبارك فإن كل الأمور ستنقلب رأساً على عقب بعد الوفاة، إن لم يكن أثناء الوفاة نفسها، ففى مصر كل شىء مرهون بوقوف الحاكم على قدميه، الكل يأتمر بأمره وينتهى بنهيه، فإذا مات تغير كل شىء واتجهت الأنظار إلى غيره، إلى مصادر القوة والمنعة والنفوذ، وقطعاً لن يكون من بينها جمال مبارك، فلا مؤسسة تحميه، ولا جهة تسانده، ولا حزب يدعمه، وربما سيكون هو نفسه فى موقفٍ لا يحسد عليه. ولذلك يرى أنصار هذا الرأى، أنه لابد أن ينتقل الحكم إلى جمال مبارك فى حياة والده، ليضمن حمايته ودعمه وتأمينه والذود عنه فى أيام حكمه الأولى، سيما وأن مصر التى نتكلم عنها، هى مصر الثمانين مليون من البشر والسبعة آلاف سنة، مصر التعقيدات والتوازنات والارتباطات الإقليمية والدولية والحسابات التى لا تنتهى.

إلا أن هذا الرأى يصطدم بطبيعة النفس البشرية، التى تحب السلطة بالفطرة والغريزة، فإذا أضفنا إليها الطبيعة الشخصية للرئيس مبارك ونظرته إلى الحكم، وما سبق وأن صرّح به، من أنه سيظل رئيساً حتى آخر نَفَس، نصل إلى نتيجة مؤداها أن الرئيس لن يفرط، ولأن معنى تفريطه فى الكرسى أيضاً، هو انحسار الحماية المقررة له بنص المادة 85 من الدستور عنه، إذ رسمت هذه المادة لمن يريد مقاضاة رئيس الدولة طريقاً واضحاً ومحدداً، يبدأ باقتراح مقدم من ثُلث أعضاء مجلس الشعب وينتهى بصدور قرار اتهام بأغلبية الثلثين، ليحاكم الرئيس أمام محكمةٍ خاصة، ينظم القانون تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب، والقانون لم يصدر بعد..! ومعنى انحسار تلك الحماية عنه، أن سيادته سيخضع للقانون شأنه شأن بقية المواطنين، بل سيكون سيادته فى وضع أسوأ، إذ عليه آنئذٍ تحمل السيل المنهمر من البلاغات والقضايا التى سترفع عليه من المواطنين العاديين، الذين ظُلِمُوا أو أُضيروا أو عُذبوا أو أُهينوا فى عهده، سواء ما اتصل منها بأرواح ذويهم التى أُزهقت على أيدى الشرطة أو فى الحوادث أو تحت الأنقاض أو فى البحار أو فى القطارات أو فى الدويقة، وسواء ما تعلق منها بالأموال والممتلكات العامة من أراض وبنوك وخصخصة وقناة السويس وبترول وغاز وإسرائيل وغير ذلك، وأسوأ ما فى هذه الموضوعات جميعاً هو إجراءاتها، إذ يصبح من حق أى وكيل نيابة، إصدار أمر أو إذن بالضبط والإحضار، كما يحق لأى قاض استدعاؤه للمحكمة واستجوابه، وطبعاً من حق الصحافة النشر والمتابعة، وحق الفضائيات فى التغطية، وبالتالى تصبح الصورة كلها غير مستساغة ولا مقبولة، وكان الأفضل لسيادته أن يستمر مستظلاً بظل حماية المادة 85 من الدستور بدلاً من هذا الإزعاج.

وهكذا نكون بصدد رؤيتين مثل الخطين المتوازيين اللذين لا يلتقيان أبداً مهما امتدا، رؤية ترى أهمية وصول جمال إلى سُدة الحكم الآن، فى مقابل تعرُّض والده لهذا الكم من الإزعاج، ورؤية ترى استمرار والده حتى النفس الأخير فى مقابل خطورة مؤكدة ستلحق بجمال حتماً إذا خرج السر الإلهى من والده لا قدر الله.

والحل التوفيقى بين هذين الرؤيتين، يكمن فى رأىٍ ثالث، وهو أن يتنازل الرئيس عن الحكم لصالح جمال، ليطمئن على مستقبله حال حياته، ولا يدعه نهباً للمناوئين الرافضين لمبدأ التوريث، ثم يصدر الرئيس الجديد قراراً بتعيين الرئيس القديم عضواً بالبرلمان ضمن العدد المصرح له بالتعيين سواء فى مجلس الشعب، أو فى مجلس الشورى، ويفضل مجلس الشورى لأن الضغط عليه أقل، والحصانة متوافرة، وصفوت الشريف أقرب من فتحى سرور.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة