كانت جدتى لأمى، عندما ترانى أحياناً مُكْفَهِرّ الوجه، عبوساً، حزيناً، تدعو لى قائلة «ربنا يجعل لك من اسمك نصيب»، حيث التناقض يكون واضحاً بين اسم «سعيد»، والحالة التى كثيراً ما كانت ترانى عليها!
وعلى الرغم من يقينى بالمقولة المعروفة أن «الأسماء لا تُعلل»، مما جعل دعوة جدتى كثيراً ما لا تجدى، لكننى ما زلت متأثراً بدعوة جدتى من حيث ما تشير إليه من «نية طيبة»، ورغبة فى أن يكون حالى جيدا. ومن هنا فقد أردت استثمار ما يشير إليه اسم وزير التعليم العالى «هانى هلال»، واسم رئيس جامعة عين شمس «أحمد زكى بدر» لأدعو الله عز وجل أن يصيبنا من اسميهما نصيب من حيث «التنوير» الذى يصلح ويبنى.
إن القضية، قد تبدو أنها تخص فئة محدودة من أعضاء بعض أقسام تربية عين شمس، لكننا نشير إليها باعتبارها مؤشراً على استمرار نهج تفكير وتعاط مع الأمور بغير ما يجب أن يكون من حيث تقدير المسئولية عن مصالح الناس والخوف على حياتهم، وفى كل الأحوال، أحياناً ما تكون هناك مؤشرات تنبئ باحتمال وقوع مصيبة، فلا يحفل بالأمر أحد، حتى تقع المصيبة بالفعل، فنبدأ بذرف الدموع ولطم الخدود والولولة على صفحات الجرائد وعبر شاشات التليفزيون، دون أن يتذكر أحد قول من قال من شعراء العرب: نصحتكم ونحن بمنعرج اللوا، فلم تستبينوا النصح إلا فى ضحى الغد.. حيث تكون «مالطة» قد خربت بالفعل، ولم يعد ينفع أن ينطلق فيها أذان يدعو الناس إلى الصلاة!!
كان أحد الأقسام فى الطابق الأرضى، فى تربية عين شمس قد حصل على منحة ألمانية بتطوير مبناه، فبدأت حركة هدم لما كان وتهيئة للوضع الجديد الذى سيجعل مبنى القسم المحظوظ ذا رونق وبهاء، فى وسط مبان لأقسام تبدو صلة قرابة بينها وبين منطقة الدويقة، لكنها خطوة أخرى من الخطوات التى بدأت فى الظهور منذ عدة سنوات، عندما يتولى أحد موقعاً قيادياً، يبذل كل جهده لإعادة تهيئة القسم الذى ينتمى إليه بكل وسائل الفخامة والراحة، وتبذر بذور تميز طبقى مؤسف، وفئوية، وكأنها روح «القبلية» القديمة تعود إلينا فى صورة عصرية! يحدث هذا داخل مؤسسة مفروض أنها تعلم المعلم، وبالتالى ضرورة أن تنتهج سياسة تقوم على العدل التربوى، ليتشرب المعلمون النهج نفسه فينقلونه إلى آلاف الأجيال الجديدة. لم يتحسب القوم لما يمكن أن يترتب على سلامة المبنى الذى يضم عدة أقسام، بها عشرات من أساتذة الجامعة، فإذا بالخطر يبدأ فى الظهور بالفعل، ويصدر ما يحذر من بالطابق الثالث بخطورة وضع المبنى.
وفى يوم الأحد الماضى صعدت إلى الطابق الثالث، فوجدت غرفة من قسم أصول التربية، وقد انهارت أجزاء من سقفها، علماً بأن هذه الغرفة ضيقة المساحة يجلس بها ما لا يقل عن عشرة من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة، وسكرتارية القسم، فى الوقت الذى نجد فيه فى أماكن أخرى بالكلية نفسها اثنين فقط فى غرفة أكثر اتساعاً وأكثر فخامة، حيث أن الفئة الأولى من «أولاد الجارية» أما الفئة الثانية فمن «أولاد الحرة»!! اعدلوا بين الناس داخل مؤسسة إعداد معلم المعلم.. وسارعوا إلى تفادى الخطر الذى يحيق «بدويقة» تربية عين شمس، قبل أن يقع وإلا فسوف تكون حياتهم فى رقبتكم.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة