إذا صح القول المتواتر بأن «اللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى»، فهذا يوضح بما لا يدع مجالا للشك السبب فى فصل محافظة «حلوان» عن القاهرة، واعتبارها محافظة عريقة لها إسهاماتها فى بناء مصر الحديثة.
مصر الحديثة التى بناها رجل أتى من حلوان مستقلا مترو الأنفاق اتجاه المرج، ليست دولة بالمعنى المفهوم، هذا يظهر أكثر بمقارنتها مثلا مع دولة القانون، أو دولة جنابه، أو حتى دولت أبيض. مصر الحديثة تشبه «بالكتير» مدينة إقليمية فى الوجه البحرى أو الصعيد، تتبعها عدة مراكز، وكل مركز تتبعه عدة قرى، المجد لرئيس الحى، وعمال البلدية، والعمد (جمع عمدة وليس عمود).
مترو مصر الجديدة يختلف كثيراً عن مترو أنفاق مصر الحديثة، الأول عرباته خضراء كالح لونها تغم الناظرين، وعدد المتشعبطين خارجه يفوق عدد الركاب داخله، الثانى ملون، أزرق وأحمر وأخضر وبرتقالى، وشعاره المعروف: غير مسموح بدخول الأكسجين.
بسكو مصر الحديثة لا تختلف كثيراً عن بسكو مصر القديمة، فالكعكة طوال الوقت فى يد اليتيم عجبة.
مصر للتأمين تختلف عن الشرق للتأمين فى أن الأخيرة حصن أمان للملايين. أما «الأولة» أو الحجلة فهى لعبة شعبية تلعبها البنات باستخدام عدد من الأحجار غير الكريمة، موزعة بطريقة معينة على خطوط الطول والعرض المرسومة بالطباشير على وجه قطعة متناهية الصغر من الكرة الأرضية.
مصر التى فى خاطرى وفى دمى، طبعاً غير مصر الموجودة على أرض الواقع، الأولى تعبر عنها أغنية أم كلثوم: يا فؤادى لا تسل أين الهوى كان صرحاً من خيال فهوى، أما الثانية فلا تجسدها إلا أغنية عبد الباسط حمودة: قولى لى يا خاينة.. ليه الشيطان وزك.. وبكدبه كل عقلك.
المصرى القديم استطاع بناء الأهرامات، وابتكر فن التحنيط، وتفوق فى علم الفلك وقاد نهضة فكرية وعلمية وأدبية مازال العالم يعترف بها حتى الآن، أما المصرى اليوم فجريدة يومية مستقلة تصدر عن مؤسسة المصرى للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع.