أمل فوزى

مصطفى.. ماذا علمتك الحياة؟

الخميس، 18 ديسمبر 2008 05:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«مصطفى» هو ابن بطلة هذا المقال وموضوعه أما مصطفى نفسه، فهو صديقنا الذى عرفناه فى رحلة رائعة بالصحراء البيضاء، انتهت الرحلة، عدنا جميعاً وبقى مصطفى فى الصحراء وكأنه وجد المفقود فى حياته، أو، كأنه اكتشف عالما آخر يستحق أن يقضى فيه وقته.

الصحراء بالنسبة له لم تكن مجرد رحلة، والبدو، وعرب واحات مصر كلها من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها والتى تجولها مصطفى فيما بعد أصبحوا أهلاً له، وكأنه اختارهم مجتمعا له، من البشارية للجعافرة لوادى الجمال للفرافرة لمرسى علم، كان يتنقل ويعمل فى السياحة، لكنه كان ينفق كل ما يكسبه لمساعدة وتشجيع أبناء البدو، حيث كان يشترى منتجاتهم اليدوية بكل راتبه، ويقنع أمه بشراء الأغلى. شاب صغير لم يكن قد أتم عامه العشرين عندما قابلناه فى رحلة الصحراء، تلك الرحلة التى جعلت أغلب ما فى «الجروب» أصدقاء حتى يومنا هذا، من خلال مصطفى عرفنا أسرته الجميلة الخاصة جداً، أم رائعة رقيقة مثقفة كانت تدهشنى بتقبلها - أو على الأقل تعاملها مع - ابنها الذى أجل دراسته الجامعية لا كتشاف جانب آخر من الحياة، اختار عالمه بنفسه: «فلم أجد أماً منهارة تندب حظها وحظ ابنها، أو تقاطعه ليكمل تعليمه الجامعى الذى لم يتقبله رغم قدرتهم على أن ينفقوا عليه فى أغلى وأهم جامعات العالم، لم تعايره بأصدقائه الذين تخرجوا فى الجامعة، احترمت اختياره بأن يبقى فى الصحراء، يأتى لزيارة أهله كل ثلاثة أو أربعة أشهر، يقول لأمه «نفسى تعيشوا وتبطلوا تفكروا كتير فى المستقبل، نفسى تقنعى بابا بأنه لازم يستمتع أكتر من كده، الدنيا فيها حاجات كتير تستحق نشوفها غير إللى إحنا بنجرى وراه، إحنا فاكرين إننا بنعمل للمستقبل، لكن الحقيقة إننا ناسيين نعيش، كلمات مصطفى كانت أشبه بفيلسوف عاش عمراً طويلاً، وقرأ كثيراً وفهم سر الحياة، بل أصبح داعياً للحياة بزهد ورقى، كما يفعل مع أهله واصدقائه.

لم تكن تجمعنى الفرصة كثيراً بلقاء مصطفى إلا نادراً أو صدفة بسبب بقائه هناك فى «عالمه» الذى اختاره بنفسه، وبالتالى لم أكن أعرف كل هذا عنه، لم أكن أعرف أنه تقريباً تفرغ للقراءة فى كل المجالات لدرجة كانت تذهل المتخصصين سواء من أصدقاء والده أو أقاربهم، كيف تغير مصطفى بهذه السرعة وكيف تحول لدرجة أن الرضا المسكون بداخله كان يذهل بل يزعج أسرته أحياناً؟، لماذا اختار مصطفى ابن الخمسة والعشرين ربيعاً هذا الخط من الحياة؟

تساؤلات كثيرة أعجزتنى أنا شخصياً عن الفهم، أعجزتنى أمام أمه الرائعة التى كانت تحكى عنه بمنتهى الفخر والرقى والإعجاب وهى تستقبلنا فى عزائه..عزاء مصطفى.. نعم مصطفى مات....تقول: «مصطفى كان يقول، لى فى الفترة الأخيرة، بحبكم أوى بس مش حاقعد معاكم كتير، أنا عند 25 ماشى خالص«.

لقد فعلها مصطفى ومشى.. وأمام إيمان أمه وتماسكها وصبر والده وهو يقول بقوة:
«أغلب الظن أن مصطفى أتم مهمته كما ينبغى ورحل كما أراد»....





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة