شهد المجتمع الإسرائيلى عدداً كبيراً من التحولات خلال ستين عاماً، كان أهمها أن أصبحت هجرة يهود العالم إلى فلسطين، التى كانت تمثل فيما سبق منبع تواجده، أقل من الماضى، بل وبدأت هناك مظاهر لهجرات مضادة. من ناحية أخرى، أصبح عدد سكان العرب الإسرائيليين المتزايد يشكل خطرا، من شأنه تهديد "الطابع اليهودى لإسرائيل".
كان هدف إسرائيل هو جمع أكبر عدد ممكن من شتات اليهود على "أراضيها"، ولم يتحقق هذا الحلم الصهيونى إلا جزئيا (40% فقط من يهود العالم يعيشون الآن فى إسرائيل)، فمنذ عام 1948، سار معدل هجرة اليهود إلى إسرائيل على إيقاع غير منتظم. إلا أن مؤشر هذه الهجرة الآن فى هبوط مستمر، حيث وصل فى 2007، لأول مرة منذ عشرين عاما، إلى أقل من 20 ألف يهودى فى العام. يرجع تفسير هذا الإنخفاض إلى أن "المخازن" التى كانت تختزن شتات اليهود فى الإتحاد السوفييتى السابق قد جفت، إذ هاجر معظم يهودها إلى فلسطين، فى الوقت الذى يمثل فيه يهود أهم وأكبر مراكز التجمعات اليهودية فى العالم (الولايات المتحدة وفرنسا) نسبة ضئيلة من المهاجرين، وقرر 2659 فرنسيا يهوديا فقط، فى 2007، الإقامة فى إسرائيل.
يرتكز النمو السكانى اليوم (الذى تضاعف ثمانى مرات خلال ستين عاما) على معدل خصوبة يختلف وفقا للفئات السكانية (يصل هذا المعدل إلى أقصى ارتفاع لدى الأرثوذوكس المتشددين). فقد انخفض معدل الخصوبة من 3.9 طفل لكل سيدة فى 1950 إلى 2.8 فى 2005. من ناحية أخرى، انخفض معدل الخصوبة لدى عرب إسرائيل، الذى ظل لفترة طويلة من أعلى المعدلات على مستوى العالم، ليسجل 4 أطفال لكل سيدة فى 2005.
عرب إسرائيل يشكلون خطرا على اليهود
وقت إعلان إسرائيل قيام "دولتها" فى 14 مايو 1948، قامت القوات الإسرائيلية بطرد حوالى 750 ألف فلسطينى، أما من بقى منهم فى فلسطين فقد كانوا يمثلون حينئذ 14% من السكان. وتصل نسبة عرب إسرائيل اليوم إلى 20%، أى 1.4 مليون من إجمالى عدد السكان الذى يصل إلى 7.2 مليون نسمة. ووفقا لمكتب الإحصاء المركزى الفلسطينى، ونتيجة تسجيلهم معدل نمو سكانى يصل إلى 3% (أى ضعف معدل النمو السكانى اليهودى، 1.5%)، فمن المتوقع أن يصل عدد عرب إسرائيل إلى 2.320 مليون نسمة بحلول عام 2025، أى 25% من إجمالى السكان. مما يعنى أن عرب إسرائيل يمثلون "قنبلة ديموجرافية" حقيقية، خاصة أن نصفهم تقريبا أقل من 15 عاما.
على الرغم من أن عرب إسرائيل يعدون مواطنين إسرائيليين بالدرجة الأولى، إلا أنهم يخضعون لمعاملة مواطنين من الدرجة الثانية، وينظر إليهم على أنهم خطراً يهدد الطابع اليهودى للدولة، لذلك يتعرضون للتمييز والعنصرية، خاصة من جانب ممثلى اليمين المتشدد ورجال الدين الأرثوذوكس. وقام مؤخرا إيفى إيتام، أحد النواب الإسرائيليين، بتهديد عرب إسرائيل صراحة داخل الكنسيت قائلا: "فى يوم ما سنقوم بطردكم خارج هذا المبنى وخارج أرض الشعب اليهودى كلها".
على الرغم من أن مستوى معيشة عرب إسرائيل أفضل بكثير من إخوانهم الفلسطينيين فى الضفة الغربية، إلا أن معدل الفقر لديهم كان قد وصل إلى 51.6% فى 2005 مقابل 17.1% لدى اليهود (تصل هذه النسبة إلى 59% إذا أخذنا فى الاعتبار عدد الأطفال).
يظل هؤلاء العرب الإسرائيليون يرفضون التنازل عن جواز سفرهم اليهودى، غير أنهم فى الوقت ذاته يرفضون ألا يتقدم الجنود الذين قتلوا ثلاث عشر من ذويهم فى بداية الانتفاضة الثانية، للمحاكمة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة