ذكرى إيهاب الشريف.. اللغز مازال لغزاً

الجمعة، 27 يونيو 2008 11:28 ص
ذكرى إيهاب الشريف.. اللغز مازال لغزاً السفير المصرى بالعراق إيهاب الشريف
كتب خالد ناجح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازالت ملابسات الحادث الذى راح ضحيته إيهاب الشريف السفير المصرى بالعراق غامضة، رغم مرور أكثر من 3 سنوات عليه، نظرا لعدم فتح تحقيقات جدية فى الحادث من قبل السطات العراقية.

الشريف الذى ولد فى 1954 ودرس الأدب الفرنسى قبل أن يحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون، كان قد عين مساعدا لوزير الخارجية المصرى للشئون العربية لفترة وجيزة قبل أن يتم تعيينه على رأس البعثة الدبلوماسية المصرية فى بغداد، والتى تولى مهمته فيها فى الأول من يونيو قبل أيام من رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى بين البلدين إلى درجة سفير... وهو أول سفير مصرى بعد سقوط النظام السابق، حيث قدم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية العراقية الحالى "جلال الطالبانى".

يرجع الحادث كما روته وكالة رويترز، عندما تم خطف السفير المصرى إيهاب الشريف من أمام منزله فى حى المنصور، وهو "يشترى صحيفة مساء السبت، حيث اعترضت سيارتان من طراز بى إم دبليو تقل مسلحين طريقه واختطفته". وقال أحد الشهود: "حين هجم المسلحون على الدبلوماسى بدأ بالصراخ مما حدا بأحد الخاطفين إلى ضربه بأخمص المسدس على رأسه من الخلف فسال دمه". وتابع الشاهد: "حين خرجت من محلى صاح بى أحد الخاطفين: ادخل محلك هذا أمريكى قذر". وأضاف أن "المسلحين قاموا بعد ذلك بوضعه فى صندوق السيارة". وتبنى تنظيم قاعدة الجهاد فى بلاد الرافدين بزعامة أبو مصعب الزرقاوى مسئولية خطف السفير المصرى بالعراق إيهاب الشريف فى بيان على الإنترنت.

الدكتور وحيد عبد المجيد نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام يرى أن حادثة خطف السفير المصرى السابق لدى العراق فى‏2‏ يوليو‏2005,‏ ثم قتله فى وقت لاحق‏,‏ ليست مجرد قضية تصفية جسدية فى صراع سياسى، بل هى جزء من معركة كبرى على العراق الجديد وعندما يكتب تاريخ المرحلة الراهنة فى منطقتنا‏,‏ سيشار إلى قتل السفير إيهاب الشريف فى يوليو‏2005‏ باعتباره محطة مهمة فى مسار الصراع على الشرق الأوسط‏.‏

ويرى عبد المجيد أن ما نشرته الصحف وقت الحادث استنادا إلى مصادر دبلوماسية حول مسئولية ايران عن خطف السفير الشريف‏, يثير أسئلة ظلت مكتومة على مدى نحو عام ونصف العام، وفى مقدمتها السؤال عن مصير التحقيق فى تلك القضية‏,‏ وما الذى حال دون استمراره أو إحراز تقدم فيه‏,‏ وهل كانت الحكومة العراقية القائمة فى صيف‏2005‏ هى التى عطلته أم الاحتلال الأمريكى‏,‏ ولمصلحة من حدث ذلك؟‏!.

ويقول: يترتب على هذا السؤال المركب سؤال آخر حول ما إذا كان ممكنا بعد مرور كل هذا الوقت أن نعرف الحقيقة كاملة ‏.‏ فالجرائم المتعلقة بالاغتيال السياسى هى الأصعب من حيث فرص الوصول إلى يقين فيها، حتى إذا كانت هناك شبهات قوية تحيط بجهة أو شخص ما‏,‏ كما هو الحال مثلا فى قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى.‏

يجزم عبد المجيد أن هذا النوع من الجرائم يرتبط فى العادة‏,‏ بمصالح سياسية‏,‏ وأحيانا بخطط استراتيجية‏,‏ فكثيرا ما يكون نفوذ أصحاب هذه المصالح أو الخطط معيقاً للتحقيق الذى يستهدف إجلاء الحقيقة‏.‏ ومع ذلك‏,‏ تفيد ملابسات قضية خطف وقتل الشريف احتمالات حقائقها ليست قليلة‏,‏ بل ربما تكون أكبر مما يتصور كثيرون إذا سمحت السلطات العراقية وقوات الاحتلال بإجراء تحقيق نزيه فيها‏، وأن تحقيقا فى تلك الجريمة لن يبدأ من نقطة الصفر‏,‏ لأن ثمة معلومات مهمة عنها متوافرة الآن‏.‏ وربما يكون هناك أيضا من يرغبون فى الإدلاء بشهادتهم فى مثل هذا التحقيق‏.‏ ومنهم‏,‏ مثلا‏,‏ أعضاء فى هيئة العلماء السنة فى العراق كان السفير الراحل متوجها إلى لقاء معهم فى إطار الجهد الدبلوماسى الذى كان يقوم به سعيا إلى التقريب بين القوى السياسية والدينية العراقية المتصارعة‏.‏

ويشير وحيد عبد المجيد إلى المعلومات المنسوبة إلى هيئة علماء المسلمين السنة فى العراق عن دور قامت به عناصر إيرانية فى خطف السفير الشريف وهو فى طريقه إلى لقاء مع بعض قادة تلك الهيئة‏.‏ ومن شأن مثل هذه المعلومات‏,‏ والخيوط الأخرى ذات الصلة أن توفر أساسا قويا لتحقيق يستهدف إجلاء الحقيقة‏.‏ غير أن الحكومة العراقية التى كانت قائمة برئاسة إبراهيم الجعفرى اتخذت موقفا مراوغا واصلته حكومة نورى المالكى بعد ذلك‏,‏ فجرت تحقيقا شكليا لم تبذل أى جهد لإضفاء مسحة من الجدية عليه‏,‏ بل كشفت موقفها الحقيقى عندما ألقت باللوم على السفير الشهيد وحملته المسئولية عن المصير الذى لقيه بدعوى أنه خرج من منزله دون حراسة‏.‏ وزادت على ذلك اتهاما ضمنيا له‏,‏ عندما قالت إن بعض الدبلوماسيين العرب جاءوا إلى بغداد لفتح قنوات اتصال مع الجماعات الإرهابية.

‏من جانبه يرى الكاتب الصحفى سليم عزوز أن دم إيهاب السفير فى رقبة هذه الفئة الباغية، وأيضا فى رقبة السلطة فى مصر، التى ما كان لها أن تقدم على إرساله إلى هناك، لتعطى مشروعية للاحتلال، ولترفع الحرج عن الدول العربية الأخرى فتحذو حذوها، حتى تحوز الرضا الأمريكى السامى، وتتبادل مع الأمريكان وثائق الشرعية، فهى تمنحهم شرعية احتلالهم للعراق، وهم يمنحونها شرعية البقاء على الكراسى الوثيرة، ويغضون الطرف على تنكيلها بالمعارضين، من خلال الصفقة التى أبرمتها "الحيزبون" كونداليزا رايس مؤخرا. دعك من الفيلم الهندى الخاص، بأن الارتفاع بالتمثيل الدبلوماسى المصرى فى بغداد، إنما هدف إلى حماية حقوق الجالية المصرية هناك!

فمن المعروف، للكافة، أن آخر شىء تفكر فيه الحكومة المصرية، هم المصريون العاملون فى الخارج، فالاهتمام الوحيد هنا منصب على ما ينتج عنهم من أموال وتحويلات، وآخر شئ تهتم به السفارات المصرية فى أى دولة، هم المصريون فى هذه الدولة، ولهذا فإنك تجد أن الجالية المصرية فى أى مكان يمكن أن يتعرض أفرادها للجور، دون أن يجدوا الحماية أو من يعمل على إنصافهم، وقد زرت بغداد قبل الاحتلال، وعلمت كيف أن السفارة مغلقة فى وجوه المصريين الذين كانوا يعانون الويل فى هذه الفترة، ويعيشون فى وضع اقتصادى مؤلم، ويخافون من العودة خشية أن تتعامل معهم الأجهزة الأمنية على أنهم عملاء للنظام البعثى!

لمعلوماتك
مصر أول دولة عربية تعين سفيرا فى العراق منذ الحرب التى قادتها الولايات المتحدة على العراق عام 2003.

سبق اختطاف دبلوماسى مصرى آخر هو "محمد ممدوح قطب" من قبل فى العراق فى يوليو من العام الماضى، ثم أفرج عنه دون إلحاق أى أذى به، وأصر الرهينة المحرر على عدم إبرام أى اتفاق لإطلاق سراحه. ووقتها أعلنت جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "كتائب أسود الله" أن الاختطاف جاء ردا على عرض مصرى بتدريب قوات الأمن العراقية. وقد سحبت مصر العرض بعد ذلك.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة