شخصياً, لا أعلم ما إذا كان الرئيس السودانى عمر البشير يغلق غرفة نومه عليه ليرقص أمام المرآة, أم لا.
لكن ما أعرفه عبر أصدقاء سودانيين ثقة، أن البشير لا يفلت فرصة لممارسة الرقص, إلا ويفعل.
هو زوربا عربى ..إذاً؟
صحيح. لكن بينما كان زوربا اليونانى فى رواية كازانتاكيس الشهيرة، يعبر عن نفسه إنسانياً بالرقص, فإن زوربا السودانى يترجم نفسه سياسياً متمايلاً بعنف, كلما أتيحت له الفرصة.
فى رقصته الأخيرة بالعصا على إيقاعات أفريقية أجاد البشير، كما لم يجد من قبل, إثر طلب المدعى العام لمحكمة الجزاء الدولية اعتقاله بتهمة ارتكاب فظائع فى دارفور.. فهل كان هذا أشبه بطير يرقص مذبوحاً من الألم؟
فى الأغلب الأعم يمكن القول إن البشير لن يرقص وحده على جمر سياسة الكيل بمكيالين فى الآونة المقبلة. والأرجح أنه سيجذب معه كثيرون إلى مرقص الجمر الدولى, رئيساً وراء رئيس, وزعيما بعد زعيم.. وربما مواطناً مواطناً.
البشير ورفاقه من الإخوة والزعماء العرب لا يفعلون إلا كل ما من شأنه جرجرتنا إلى محاكم الجزاء الشمالية, رغم أننا ضحاياهم الصابرون, ويسوقون إلينا فى كل مرة مبرراتهم من عينة: ولماذا نذهب وحدنا دائما وراء القضبان؟ لماذا لا تنشأ زنازين عدل دولية على مقاس بوش ورامسفيلد وباراك؟
هاكم الإجابة يا سادتى الأماثل: الفارق بينكم وبينهم، أنهم هم المنتصرون فى حرب الإرادات الدولية. فارق ثان: هم لا ينتصرون على شعوبهم عوضاً عن معارك خارجية. وثالث: هم يختارون المرقص.. ولحظة الرقص.
أنتم, سادتى الأماثل تمارسون الرقص، كما السياسة على الطريقة الكلاسيكية: عنف وإقصاء وإزاحة.. اغتيالات وتطهير. أنتم تدوسون على أقدام مراقصيكم.
بإمكان كل راقص عربى أن يجنب نفسه وشعبه منغصات العقاب والحصار والتجويع والإذلال.. فقط لو أحسن اختيار التعبير عن نفسه (طريقة الرقص المناسبة) فى شكل مشروعات تنموية, وعدل اجتماعى, ونشر الديمقراطية, والمساواة بين أبناء الوطن الواحد.. بدلاً من إعلاء نعرات العرقية والطائفية والمصلحية والنخبوية, واللجوء الأسهل دوماً إلى القوة لتسوية أية منغصات داخلية.
والحال هكذا, سنرقص جميعاً على إيقاعات سودانية طوال الأسابيع والشهور المقبلة, ولسنوات حتى موعد إصدار الحكم ضد البشير, والتى ستنقل شاشات التليفزيون محاكمته على الهواء مباشرة, أسوة بصدام حسين.
لن يندهش أحد إذا قام البشير حينها بأداء رقصته الأخيرة داخل قفص الاتهام, عقب النطق بالحكم.
..ربما يطلق زغرودة حلوة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة