الحديث مع على الحجار فى جلسة على هامش إطلاق ألبومه الأخير «حوا وآدم»، شىء مختلف ومميز، ليس لأنه صاحب تجربة غنائية شديدة الخصوصية، فهو الذى غنى للحب، وللوطن، وللمقاومة، وللحياة، وليس لأنه صاحب صوت يشبه حبات الكريستال فى وضوحها ونقائها وجمالها، أو لأنه فنان محسوب على التيار اليسارى وتحديدا الناصرى، وصاحب مشوار فنى يمتد لأكثر من 30 عاماً، قدم خلاله العديد من الأغنيات التى مازالت تعيش فى وجداننا حتى الآن،، ولكن لأنه يملك بشجاعة نادرة، جرأة الاعتراف بكل ما ارتكبه فى حق نفسه وموهبته، حيث لم يتردد أن يقول لى «غرقت فى الشرب وأهملت كل شىء، مستسلما لإحباطى الفنى، وتعاليت على كل ما يدور حولى مرددا على مسامعى، أن ما يحدث مجرد فقاقيع وستنتهى ،أما والزبد سيذهب جفاء، وسيعود للفن الحقيقى وللأغنية بهاؤها ،وسيأتيننى المنتجون من كل صوب» ولم ينف أنه كان غير راض عن تصرفاته.
فاجأنى على بقدرته على البوح بكل ما يدور بداخله، دون خوف أو خجل، مؤكدا أنه آن الأوان لكى يتطهر من كل ما يثقل روحه.. هذا هو على الحجار الذى تربيت على صوته المميز القوى، وعشقت مفرداته.. ورغم الموهبة والتفرد اللذين يميزان صوت على الحجار، إلا أنه مازال يملك خجلا شديدا يكسو ملامح وجهه، وكأنه مازال فى مرحلة البراءة يتكشف كل الأشياء، حيث لا يخجل أن يقول ضاحكا «أنا بنى آدم هلهلى ولو فكرت أبقى منظم ببوظ الدنيا».
ومن أجمل الصفات فى على، انه يحمل رائحة ذلك الزمن الجميل، صلاح جاهين، وبليغ حمدى، وعبدالرحيم منصور، وسيد حجاب، هؤلاء العباقرة الذين شكلوا وجدان جيل كامل، وقدموا لنا مواهب فى حجم الحجار، ومنير، وغيرهما من الأسماء الهامة فى عالم الطرب.. هذا الجيل الذى لا يهتم سوى بالغناء كما يقدرون بعضهم البعض، لذلك لا نندهش عندما يقول الحجار، إنه يقدر ويعتز بصوت شيرين عبد الوهاب، ووائل جسار، وغيرهما من الأصوات الشبابية، وأنه عندما يريد أن يخلو بنفسه، لا يستمع إلا لمحمد منير، فهم جيل حمل هم الوطن ولم ينفصلوا عن قضاياه، وذلك بعيداً تماما عن «نفسنة» الجيل الحالى من نجوم الغناء، الذين لا يترددون فى إشعال فتيل الحرب بينهم، ولو بإطلاق شائعات سخيفة، رغم أن ما يقدمونه من غناء لن يتذكره أحد لأنه يشبه المناديل الورقية.
يعود الحجار لجمهوره بقوة هذه الأيام، بعد أن خرج من إحباطه، مدركا أن العالم أكثر رحابة، وأن هناك كثيرين يعشقون غناءه وصوته، ومازالوا ينتظرونه، والبعض على أقل تقدير يحترم صوته وتجربته، وإن لم يكن من الأصوات المفضلة لديهم، لذلك لا نملك إلا أن نقول له «غنى يا على».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة