إبراهيم بطوط مخرج أفلام تسجيلية واتجه مؤخرا إلى تقديم الأفلام الروائية الطويلة، وبدأ حياته مصورا حربيا حيث جاب العالم وقام بتغطية الحروب فى أكثر من دولة، البوسنة والعراق وحتى الحروب الأهلية الأفريقية.
فاجأنى إبراهيم الذى قضى أكثر من سبعة عشر عاما فى تغطية تلك الحروب بقوله إن ما يحدث فى غزة، من قتل وتدمير لم يره فى أى مكان آخر وإن سقوط أكثر من ألف شهيد فى غضون سبعة عشر يوما يعد مجزرة بكل المقاييس، لا يجدى معها حتى الكلام. وسألنى إبراهيم «تفتكرى كلامنا ده مهم!» وسبقنى إلى الرد بالتأكيد على أن الكلام لم يعد له معنى أمام تلك المأساة، وهز رأسه أكثر من مرة مؤكدا لى: «إحنا خلاص انكسرنا ومش هتقوم لنا قومة». وهو الطرح الذى يتسق تماما مع ما قاله السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية عندما وصف الوضع العربى بأنه مخز ولم ير أسوأ من ذلك.
كلام إبراهيم أصابنى بحالة كآبة شديدة خصوصا أننى أعتبره أكثر أصدقائى قدرة على المقاومة، وباعث الأمل بالنسبة لجميع من حوله لأنه يعرف قيمة الحياة جيدا بعد أن ذاق ويلات الحروب، ووجدت نفسى أستدعى حديثه معى وأنا أتابع القمة العربية المنعقدة فى الدوحة.. وشعرت أننى أعيش فى زمن آخر، حيث أن عينى طوال وقت المشاهدة تبحث عن مصر والسعودية وفلسطين و.. و.. و..، من منطلق أنى مواطنة كانت تعتز بأنها مصرية وعربية، وفوجئت بصورة بدت لى منقوصة وغير كاملة لأمثالى من المواطنين الغلابة الذين كانت تسعدهم «رصة الزعماء العرب بجوار بعضهم البعض» حيث كنا نمنى أنفسنا مع كل قمة عربية طارئة أو عادية، أن يفك الله نحسهم ويخرجوا بموقف حاسم وموحد مرة واحدة.
ودائما كنت أمنى نفسى بأننى قد أعيش هذه اللحظة ولكن للأسف الصورة المنقوصة التى تبثها «الجزيرة» وغيرها من القنوات الفضائية أكدت لى أن هذه اللحظة كان من الممكن أعيشها وأفرح بها ولكن فى «المشمش»، خاصة أنهم استكثروا علينا إحساسنا الفخور بلمتهم.
وقضيت يومى وأنا أشعر بهزيمة حقيقية فنحن جيل لم يعش المقاومة ولا الهزيمة، وتفتحت عيناه مع حرب أكتوبر التى سمع قصصها فقط، جيل السبعينيات الذى لم يعش سوى سلام منقوص وهزائم متتالية ومستمرة بجدارة لذلك اعتدنا أن نرضى بقليلنا.. وحتى هذا القليل لم يعد موجودا.. ورغم محاولات المقاومة المنقوصة أيضا إلا أننا فعلا لا نستحق غير تلك الصورة التى تصدرها الجزيرة، أى شعوب لا تستحق سوى هؤلاء الحكام. وأصبحت على يقين من أن ما قاله إبراهيم بطوط صحيح، انكسرنا ولن تقوم لنا قومة.
فواصل
رحل منصور الرحبانى تاركا ثراثاً غنائيا شديد التنوع ولكن للأسف لم يتم الاحتفاء به بشكل لائق فى مصر. سؤال.. ألقى القبض على المنتج كامل أبو على يوم الخميس الماضى لاتهامه برشوة أحد الموظفين، وتم تحويله إلى نيابة أمن الدولة بتهمة الرشوة، وأفرجت عنه النيابة بعد اعترافه، فتحول إلى شاهد فى القضية.. يا ترى دى شدة ودن لأبوعلى لأسباب لها علاقة بعمله فى مجال السياحة؟!.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة