محمود طرشوبى

تعيين سيف الإسلام خطوة على طريق التوريث

الجمعة، 23 أكتوبر 2009 07:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد كان خبر الإعلان عن إيجاد وظيفة خالية لسيف الإسلام القذافى داخل النظام السياسى الليبى، وحسب ما طلبه قائد الثورة العقيد معمر القذافى، هو إيجاد صيغة تمكن نجله سيف الإسلام من تولى منصب واسع الصلاحيات، كى يتمكن من خدمة ليبيا وتنفيذ مشروعه الإصلاحى، صدمة داخل الشارع العربى والمشغول بقضاياه سواء الداخلية أو الخارجية، وهى التى تطغى على تفكيره وأولوياته، خاصة القضايا العربية التى لا تهدأ مثل قضية فلسطين، العراق، أو القضايا التى تشترك فيها الدول العربية مثل التوريث أو فساد العائلات الحاكمة أو قضايا حقوق الإنسان، ومنها القمع الجسدى والفكرى المنتشر فى العالم العربى، وفى هذه اللحظات الراهنة والمواطن العربى فى حالة غليان من ما يحدث فى بلاد العرب و المسلمين، من احتلال بلاد المسلمين، سواء فعلياً مثل أفغانستان والعراق أو بتمركز القواعد الأمريكية فى قطر والكويت وباكستان والقاعدة الفرنسية فى الإمارات والقاعدة البريطانية فى عمان مع ما يفعله الروس فى مسلمى القوقاز أو الهنود الهندوس فى الهند وكشمير، أو فى وسط الصراع الدائر بين الجماعات الإسلامية المسلحة والأنظمة الحاكمة فى بلادها مثل الجزائر واليمن والسعودية، والصراع المخابراتى بأيدى جماعات إسلامية فى الصومال، يخرج علينا القائد المظفر العقيد معمر القذافى بألقابه الكثيرة لكى يطلب من المؤتمرات الجماهيرية البحث عن وظيفة لابنه، لكى يستطيع أن يمارس دوره الإصلاحى فى سحق الشعب الليبى واستعباده، ولكى يكمل ما بدأه أبوه فى الخراب والدمار وإنفاق أموال الشعب الليبى فى سياسات لا يجنى منها الشعب الليبى شيئا سوى مزيد من القهر والقمع على يد نظام لا تعرف ما شكله ولا هيكله التنظيمى والإدارى وإلى أى نوع من الحكم ينسب، لا تعرف فيه غير قائد الثورة الحاكم بأمره فى كل شىء والغريب أنك لا تجد فرقاً بين أموال الشعب الليبى وعائلة القذافى.

والعجيب أن رشحت القيادات الشعبية فى ليبيا السيد سيف الإسلام القذافى لمنصب رئيس القيادة الشعبية على مستوى ليبيا، مما يضفى عليه غطاء قانونياً ويمنحه صلاحيات واسعة. وهذا بالطبع استجابة لمطلب أبوه قائد الثورة، وقالت القيادات الشعبية فى الاجتماع الذى عقد خصيصًى لمناقشة اقتراح القذافى، مؤخرا، بطرابلس إنها «تزكى كلام القائد»، موضحة أن لديها ثقة كاملة فيما يقول، وأضافت أن منصب رئيس القيادات الشعبية الاجتماعية على مستوى ليبيا هو المنصب الملائم لسيف الإسلام، لأنه يتماشى مع متطلبات المنصب التى أشار إليها القذافى فى اجتماع سابق، إذ يندرج تحته - حسب اللوائح الداخلية للقيادات - كل من مؤتمر الشعب العام (البرلمان)، واللجنة الشعبية العامة (مجلس الوزراء)، والأجهزة الأمنية.

وهكذا يبدأ تنفيذ مخطط التوريث والذى بدأ الإعداد له منذ فترة بإشراك سيف الإسلام فى بعض الأعمال التى تمس السياسة الليبية، منها موضوع الممرضات البلغاريات التى استطاع الانتهاء منها واستنزاف ملايين الدولارات من قطر وفرنسا وموضوع صفقة المقرحى وأشرف هو على كل خطوة، وهو يعلم بالنتيجة كونه على اتصال دائم بالإنجليز الذين جنوا من وراء صفقة المقرحى عقود النفط والغاز وأخيراً موضوع المراجعات التى قامت بها الجماعة الإسلامية المقاتلة، وإصدارها كتاب الدراسات التصحيحية، وذلك كبداية للإفراج عن أعضائها.
ودعم القذافى فى خطابه الذى ألقاه بمدينة سبها نجله سيف الإسلام (بأنه رجل مخلص ويحب ليبيا ومضى القذافى يقول إن سيف الإسلام سيعالج ليبيا من الفساد المتفشى ومشاكل اجتماعية أخرى. وقال إن مؤسسات الدولة فشلت فى تحقيق ذلك وفى تحقيق الحكم الرشيد. وعلل القذافى طلبه فى إيجاد منصب لابنه (إنه لا يريد أن يشتت عن دوره على الساحة العالمية بموضوعات داخلية.

إن تعيين نجل القذافى منسقا عاما للقيادات الاجتماعية الشعبية فى ليبيا، سيجعله عمليا الرئيس الشكلى للدولة الليبية، وسيمنحه صلاحيات واسعة النطاق تخول له متابعة نشاطات الهيئتين التشريعية (البرلمان والتنفيذية الحكومة)، فى آن واحد، إضافة إلى أنه سيحظى للمرة الأولى بصلاحيات واسعة النطاق تتجاوز متابعة عمل الحكومة والبرلمان، إلى الإشراف على القوات المسلحة فى ليبيا. ومن المنتظر أيضاً أن يبدأ فى عرض مسودة مشروع للدستور الليبى الذى سبق أن اقترحه العام الماضى لعرضه على المؤتمرات الشعبية الأساسية (المحليات والبلديات)، تمهيدا لإقراره من قبل مؤتمر الشعب العام (البرلمان).

إن تسليم الحكم إلى سيف الإسلام والقذافى حيى لهو إحراج كبير للمشروع المصرى فى توريث الحكم فى مصر والذى يسير فى الطريق نفسه.

ولكن هل من المنطقى والمعقول أن تبقى ليبيا رهينة ليس فقط للقذافى خلال 40 سنة، وإنما لأولاده الذين يعرفهم الليبيون بحبهم للترف والتصميم على قمع الشعب الليبى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة