ليس حدثًا عابرًا.. الاحتفال بذكرى الزعيم «جمال عبد الناصر»، ليس حدثا ينتبه له معدو البرامج التليفزيونية، حين يراجعون تواريخ أجنداتهم للتحضير لحلقات أسبوعٍ جديد، لكن فى الواقع هذا هو ما حدث.
فى يوم 28 سبتمبر قدمت الإعلامية «رولا خرسا» من خلال برنامجها «الحياة والناس» حوارا مع أصغر أبناء الزعيم الراحل، «عبد الحكيم»، شىء يبدو منطقيا بمناسبة الحدث، فى اليوم التالى، قدم برنامج «الحياة اليوم» لقاءً مع «أحمد أشرف مروان» حفيد الزعيم، بمناسبة الحدث نفسه، الفقرة حملت عنوان «جمال عبد الناصر فى عيون أحفاده»، لقائان مع أفراد من الأسرة على المحطة وفى برنامجين «توك شو» مساءً، أى يفترض أن هناك جديدا، برغم ذلك ففى اليوم التالى، بدا الأمر دون ترتيب، الضيف كان يليق بالفقرة، لكن التحضير لها لم يكن كافيا فلو أن الاحتفاء بذكرى الراحل العظيم، أو حتى مجرد التناول لذكراه، اتخذ قدرا أكبر من الاستعدادات، لخرجت الحلقة بشكل أفضل بكثير. الفقرة ركزت على جوانب شخصية، لم يكن الضيف مرحبا بالخوض فيها، يرجع ذلك لشخصيته المتحفظة، ولأسباب أخرى واضح أن الأسرة تتعمدها وتجسد ذلك فى أسلوب ممثلها، أدى ذلك فى النهاية إلى أن تكون اتجاهات الحوار غير مناسبة، حتى إن الحوار نفسه بدا بلا هدف، واتضح إحساس المذيعين «لبنى عسل» و«شريف عامر» بالورطة، فالحوار الذى كان متوقعا ان يكون حميمياً اتسم بالبرودة، والمساحة الزمنية المخصصة للفقرة طويلة، فما كان منهما إلا أن استغلا الفرصة حين أتى ذكر «أشرف مروان» والد «أحمد» وواقعة مقتله، ليحولا دفة الحديث إلى ما يثير اهتمام الضيف، أو بمعنى أصح، يدفعه للحديث بحريةٍ أكبر.
الحديث عن «جمال عبد الناصر».. خاصةً أمام أجيال بعيدة زمنيا عنه، يحتاج لرؤية جديدة وتناول جديد، فقرة تصنع مع سبق الإصرار والترصد، لا على سبيل الصدفة، والمناسبات التى تمنح لصناع البرامج.. صناعة فقرات من هذه النوعية قليلة من الأصل، وسط اللهاث اليومى للجرى وراء تغطيات أصبحت متاحة فى التوقيت نفسه على محطات متعددة، هكذا يصنع أى برنامج تميزه من خلال التخطيط وامتلاك الرؤية.
من الواضح أن برامج التوك شو، وصلت لمرحلة يجب عليها فيها أن تعيد صياغة نفسها، حتى لا تخسر مشاهديها، بسبب عدم التجديد فى الأداء، حتى إنك يمكن أن تشاهد برنامجا واحدا فيغنيك عن مشاهدة الباقى، أو أن تتوقع ماذا ستشاهد مساءً: «النقد الذاتى» لهذه البرامج هو ضرورة ملحة وآتية لا محالة لمن يريد الاستمرار والتميز؛ ولكن ما يفرض نفسه هنا، أن احتفالاً يليق بزعيم من الصالح أن نفتخر به عن طريق تقديمه للشباب بما يليق به وبتاريخنا، فهذا زمن تتمسك الشعوب فيه بهوياتها قدر المستطاع، وبتواريخها.. خوف الانسحاق، ونحن نملك ما يفتخر به الآخرون.. فلم لا نمنحه ما يستحق ونقدمه كما يليق؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة