اجتهد تشارلز داروين كثيرا حتى خرج بكتابه "أصل الأنواع". علمنا الرجل ما لم نكن نعلم.
احتفالية مكتبة الإسكندرية بالرجل الأسبوع الماضى كانت براقة، لكن الحديث كان ضئيلا عن نظرياته التى قلبت البشرية، وقلبت الدنيا .. ولم تعدلها حتى الآن.
العشرون عاما الأخيرة بدأ بعض دارسى اللاهوت فى أوروبا يميلون للاعتقاد فى أن داروين فتح أمام البشرية نافذة جديدة للتفكير فى كيفية بداية الإنسان على كوكب الأرض. وفى الشرق ما زال المشايخ مختلفين مع داروين فى أن الإنسان أصله قرد، ربما لأنهم يعتقدون أن أصله حمار، ويتعاملون معنا فى الفضائيات على هذا الأساس.
بعد عشرات السنين على وفاته، بدأت الكنيسة الأوروبية تحتفى بالرجل. وسمح الفاتيكان بتعليق صوره فى الاحتفالات المدنية، بعدما كانت محرمة هى واسمه بوصفه خارجا عن الدين عدوا للمسيح.
والبابا يوحنا قبل وفاته أصدر قراره بإلغاء قرار "حرمان" داروين، فعاد العالم الراحل إلى حظيرة الدين معززا مكرما دون أن يخرجوه بسبب، ودون أن يعلن رجال الدين السبب فى إعادته لطائفة المتدينين من جديد.
لم يقل داروين أن الإنسان كان قردا، ثم تحول إلى بشر. لكنه تكلم عن اكتشافه أن الجنس البشرى مر بعدة مراحل قبل تحوله لصورته الحالية.
وقال إن تلك المراحل استغرقت ملايين السنين، حتى انتصبت قامة الإنسان، وبدأ يفكر ويتكلم ويخترع اللغة، ويستخدم الأدوات فى الصيد والحرب.
عام 1998 قدم الباحث الأسترالى جوزيف هاورد الأستاذ فى تاريخ الأديان الشرقية ما سماه بـ "ورقة تقريب بين القرآن وبين نظرية داروين".
هاورد لم يدخل الإسلام، ولا هو مسيحى، ولا كان يهوديا .. هو يرى أنه أكثر حرية بلا دين، لكنه يعتقد فى محرك كبير للكون قال إنه الله.
ورقة هاورد معقدة إلى حد كبير، وهى أكثر إفادة للمتخصصين منها لغيرهم، لكن مثالاً بسيطاً يظهر مجهوده.
ففى الآية القرآنية "هو الذى خلقك، فسواك، فعدلك" إشارة إلى المراحل الثلاثة التى تكلم عنها داروين حتى دخل البشر طور "الأنسنة".
قال هاورد إن حرف "الفاء" فى الآية تفيد زمناً ما. والمعنى أن الله خلق الإنسان بشرا، غير مستوى الجسم، غزير الشعر، طويل اليدين .. محنى الظهر أقرب إلى القردة.
وفى مرحلة "التسوية"، قل شعره، وقصرت اليدان، قبل أن يدخل مرحلة المصطلح القرآنى "عدلك".. فانتصب جسمه، وبدأ يفكر وحاول الكلام.
داروين كان فذا، لأنه اكتشف أن كل أنواع المخلوقات على الأرض مرت بمراحل تطور، فتحولت من حال لحال.. ومن شكل لشكل.. حتى ثبتت.
قال أيضا إن هناك فرقاً بين البشر، وبين الإنسان.. فالأول بوهيميا، لا يفكر ولا يربط بين المقدمات والنتائج فى التفكير، بينما الإنسان أكثر عقلا وأكثر حضارة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة