القاص تامر زكريا
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وجدى الكومى
جلسة حميمية بعيدة عن صخب الندوات، وجلسات المؤتمرات، وجدال المداخلات، والقضايا الجدلية التى لا تنتهى، كان لم يزل فى مقعده الذى جلس عليه منذ بدء الندوة، وكانت الكراسى أمامه خالية، باستثناء مقعد جلس عليه الروائى أحمد العايدى، وصديق آخر لم أعرف اسمه.
كانت ندوة القاص زكريا تامر التى جمعته أمس الأحد مع القاصة سهام بيومى وبسمة الخطيب ونسمة إدريس قد انتهت بالفعل، لكن زكريا تامر لم يغادر مقعده، ظل جالسا كأنه لا يريد لهذه الأمسية أن تنتهى.
كنت أريد إجراء حوار صحفى معه، لكن بداخلى كنت أريد أن ألمس كتلة الإبداع الصلبة داخله، وهى صلبة لأنه كما وصفها، لم ولن يحيد عنها.
سحبت مقعدا واقتربت، وأصبحنا ثلاثة نلتف حوله، اقترابى لم يقطع تلقائية حديثه، فقط أومأ ناحيتى بنظرة، وبعد أن كان كلامه موزعاً بين الصديق وأحمد العايدى بدأت أحصل على نصيبى من إيماءات رأسه ونظرات عينه.
حديث شائق ومثير أفضل بكثير مما يقال فى الندوات، وحينما طلبت منه أن أسجل، رفض فى لطف وقال فيما معناه "أنا بافضفض معاكم".
آراء كثيرة كان يطرحها فى كل شىء، فى سوق النشر العربية، حال الترجمة، حقوق المؤلف، مشكلات التوزيع، الحريات، أذكر منها جيدا أنه حكى عن ترجمة أعمال محفوظ ويوسف إدريس القصصية إلى الروسية، وصدرت هذه الترجمات فى نسخ محدودة، 5000 آلاف نسخة، أو 3000 آلاف نسخة، وطلبوا ترجمة أعمال له طبعوا منها 50 ألف نسخة، وعندما استغرب الأمر أجابه الروس "بضاعتنا ردت إلينا".
ليس هذا فقط ما تطرق إليه زكريا تامر، تحدث أيضا عن حال القراءة والطبعات المحدودة التى تطبع من كتب المبدعين، وقارن بينها وبين حال الكتب التى تباع فى الخارج منها آلاف النسخ، سألته: لكن علاء الأسوانى باع هنا أيضا آلاف النسخ؟ ثم سألته سؤالا آخر: هل قرأت علاء الأسوانى؟ قال: نعم قرأت يعقوبيان، ثم استطرد: علاء الأسوانى حالة استثنائية، هو يتكلم بلسان حال كل الناس.
وسأله العايدى: لماذا لم تكتب رواية فى حياتك؟ طوال مسيرتك حافظت على التزامك بكتابة القصة القصيرة؟ ماذا لو عدت 50 سنة إلى الوراء؟ هل ستختار طريقا آخر؟ هز رأسه نفيا، وقال: عندما يكون عندك سكين، تقتل به الفأر وتقتل به الفيل وتقتل به الأسد، ما الذى يجعلك تغيره وتفكر بسلاح آخر.
وقال: أنا لا أشعر أنى وصلت لطريق مسدود، ولو عاد بى الزمن 50 عاما لن أختار طريقاً آخر.
زكريا تامر لا يقرأ ما يكتب عنه النقاد، أخذ عهدا عن نفسه منذ أن كان كاتبا شابا، بألا يطالع مقالا كتب عن مجموعة قصصية جديدة له، يقول: إذا كتب أحدهم عنى مثلا يمتدح اللغة الشعرية فى قصصى، قد يجعلنى هذا أبتعد عن هذا الأسلوب أو ذاك.
وهكذا عهد إلى زوجته بقراءة كل ما يكتب عنه، ويقول أيضا: أن أحدهم قد كتب عنه مقالا بإحدى المجلات العربية، ورسموا له بورتريه يصلح أن يوضع فى برواز، اقتطع اللوحة من المجلة وبروزها، ولم يلتفت للمقال الذى قرأته زوجته فيما بعد.
يصف زكريا تامر المؤتمرات بأنها فرص جيدة لمقابلة الأدباء الشبان، وهناك دائما فى حقائبه مساحة لكتبهم التى يعود بها إلى أكسفورد.
مشاركة