أجرت صحيفة "لوتون" حوارا مع إيفلين فيدمر شلومف، وزيرة العدل والشرطة فى سويسرا، التى توقعت تأثيرا سيئا للتصويت بحظر المآذن على الاقتصاد السويسرى.
فى سؤال حول ما إذا كانت تخشى أية عواقب للتصويت ضد بناء المآذن على أمن سويسرا الداخلى، أكدت إيفلين فيدمر شلومف، أنه ليس هناك حتى الآن ما يدل على أن سويسرا معرضة للخطر. وقالت، على الرغم من أن الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية لهذه المبادرة الشعبية قد شهدت جدلا حادا، بل وأحيانا عدوانيا، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تصعيد التهديدات. لاسيما وأن المسلمين الذين يعيشون فى سويسرا يعرفون جيدا نظام البلاد القانونى والاجتماعى ويحترمونه.
وأضافت إيفلين فيدمر شلومف سيكون هناك بالتأكيد بعض الأفراد المتطرفين الذين سيحتاجون إلى تدخل الشرطة، مؤكدة أن السلطات على استعداد دائما للتعامل مع تلك الحالات الخاصة، لاسيما وأنه قد سبق وشهدت البلاد مبادرات أخرى للتصويت فى الماضى، تتعلق على سبيل المثال باللجوء أو الأجانب، الأمر الذى كان بالفعل قد اضطر السلطات إلى توخى الحذر.
وبالنسبة لاحتمال وجود عواقب اقتصادية قد تترتب على نتائج التصويت، تؤكد إيفلين بالفعل تخوفها من العواقب الاقتصادية لهذه النتيجة التى ستؤثر على صادرات سويسرا، كما سيكون لها عواقب أيضا على قطاع السياحة فيها، خاصة وأن عدد الليالى السياحية التى يقضيها السياح من دول الخليج فى سويسرا قد زاد فى السنوات الأخيرة بنسبة 15٪ سنويا. وتشير إيفلين فيدمر شلومف أنها قد حذرت من المخاطر المحتملة للتصويت لصالح هذه المبادرة، ولكن الأمر قد حدث بالفعل، فلا يمكن لأحد أن يشكو الآن وعلى الجميع إذا تقبل هذه النتيجة.
وعن رأيها حول ما إذا كان من الأفضل إبطال هذه المبادرة من البداية، تؤكد إيفلين فيدمر شلومف أنه فى إطار الدستور لم يكن هناك خيار آخر سوى طرح هذه المبادرة لتصويت الشعب. وعلاوة على ذلك فإن الديمقراطية المباشرة تمثل قيمة مهمة جدا فى سويسرا، مشيرة إلى أن الدستور ينص اليوم على أن المبادرات التى تتعارض مع القانون الدولى الإلزامى لا يجب طرحها للتصويت الشعبى، وهنا كما تقول شلومف: "علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كنا ينبغى توسيع نطاق هذا الأمر إلى المبادرات التى تنعارض مع القانون الدولى بصفة عامة. ولكن بالطبع، سيرجع مثل هذا القرار للشعب. وتقوم حاليا لجان البرلمان بدراسة هذه المسألة، خاصة وأن المجلس الفيدرالى يدعم هذه المناقشات، نظرا لما شهدته بعض المبادرات الأخيرة".
فيما صرح برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسى اليوم الاثنين، أنه "صدم قليلا" بتصويت السويسريين لصالح حظر المآذن، معتبرا أن هذا الأمر "يعبر عن عدم التسامح".
وقال الوزير الفرنسى لإذاعة "ار تى ال" إنه "صدم قليلا بهذا القرار السلبى بالنسبة لقلق السويسريين أنفسهم لأنه إذا كنا لا نريد بناء مآذن فهذا يعنى أننا نقمع ديانة".
وأضاف "آمل أن يتراجع السويسريون عن هذا القرار بسرعة"، مؤكدا أن هذا التصويت "يعبر عن عدم التسامح وأنا أكره عدم التسامح".
وقال كوشنير إن بناء المآذن "ليس بالأمر المهم"، متسائلا "هل يشكل تشييد بناء مرتفع قليلا ضررا فى بلد فيه جبال".
وعبرت أغلبية من السويسريين تبلغ 57.5% فى استفتاء أمس، الأحد، عن تأييدها منع المآذن بدعوة من اليمين الشعبوى الذى يرى فى هذه المآذن "رمزا سياسيا دينيا".
وردا على سؤال لمعرفة ما إذا كان يؤيد منع البرقع فى فرنسا، قال كوشنير إنه "لا يعرف".
وأضاف أن "البرقع يشكل مساسا بحقوق المرأة" التى يجب "حمايتها".
وتابع "إنه تقييد لحريتها" و"فى المكاتب العامة أعتقد أنه يجب رفضه، الآن يتجولن بالبرقع فى الشارع، هذه حرية إضافية".
وألقت صحيفة La Tribune de Genève السويسرية الضوء على المخاوف التى بدأت تسيطر على الأوساط الاقتصادية والسياحية فى سويسرا، حيال نتائج التصويت لصالح مبادرة حظر بناء المآذن، خاصة وأن العديد من المواقع على شبكة الانترنت قد دعت المسلمين إلى سحب أموالهم من البنوك السويسرية ومقاطعة منتجاتهم، كما ذكرت الصحيفة على موقعها الإلكترونى.
فقد حذر توماس داوم، رئيس الاتحاد السويسرى لأصحاب العمل، من العواقب المترتبة على نتائج الاستفتاء قائلا : "إن العلاقات التى تمثل أسواق رئيسية للتصدير أصبحت من الآن فصاعدا مهددة. وإن أى إجراءات مقاطعة قد تتخذ ضد سويسرا من شأنها أن تفقد السويسريين لوظائفهم".
كما أشارت من جانبها كريستينا جاجينى، فى رابطة الشركات السويسرية "إيكونومى سويس"، إلى الأضرار المادية التى قد تلحق بسويسرا من جراء هذا الاستفتاء وأعربت عن تخوفها من أن تتعرض سويسرا لما تعرضت له الدانمارك من فقدان مليار فرنكا، "بسبب كاريكاتور واحد أساء للنبى محمد".
تؤكد الصحيفة أن مثل هذه المقاطعة ستكون بمثابة ضربة لسويسرا، التى تقدر حجم صادراتها إلى البلدان الإسلامية بمليارات الدولارات، حيث بلغت فى 2007، 2.5 مليار فرنكا لتركيا، و1.9 مليار لدولة الإمارات العربية المتحدة، و1.5 مليار للمملكة العربية السعودية. وتمثل بشكل عام الدول الإسلامية 5٪ من العلاقات التجارية الخارجية لسويسرا.
وتشير الصحيفة إلى أن شعار أصحاب العمل فى سويسرا بعد هذا الاستفتاء بات "تمنى الأفضل وتوقع الأسوأ". إذ يعلق برنار روجير، رئيس غرفة مقاطعة فود للتجارة والصناعة، والذى أصابه الذهول من نتائج الاستفتاء : "هناك مخاطر من أن المبادرة ستثير ردود أفعال قوية". ويذكر روجير الذى سيتوجه إلى كوالا لمبور، فى ماليزيا، حيث 70 ٪ من السكان من المسلمين، أنه "سيقدم اعتذارا نيابة عن سويسرا".
كما تنقل الصحيفة آسف كريستوف كليفاز، مدير Suisslearning، المهتمة بدعم التعليم السويسرى فى الخارج، والذى يؤكد: "لقد كانت تعطى سويسرا حتى اليوم صورة لاحترام الديانات. أما الآن سيتوجب على تفسير هذا التصويت خارج سويسرا. وسأقوم بتنظيم اجتماع فى المملكة العربية السعودية التى سأتوجه إليها فى يناير المقبل لأوضح أن سويسرا لا تزال كما هى لم تتغير".
وخوفا من عواقب هذا الاستفتاء على مجال السياحة فى سويسرا، سيتم تبنى نفس النهج فى هذا الصدد، حيث سيقوم القائمون على السياحة بإجراء اتصالات بمنظمى الرحلات السياحية فى منطقة الخليج، التى تمثل 2٪ من السياحة السويسرية. وتقول فيرونيك كانل، المتحدثة باسم منظمة Suisse Tourisme أن "الخليج يمثل سوقا فى نمو مزدهر، وربما يتوجب علينا الآن تحديد إستراتيجية خاصة للاتصال به. ولكننا لا نستطيع بعد قياس أثر التصويت على هذه المبادرة على السياحة إلا فى صيف 2010، وفى غضون ذلك آمل أن الدولة ستكون قد نجحت فى أن تشرح للخارج أن حظر المآذن لا يغير شيئا فى ممارسة الإسلام فى سويسرا".
وهى ما بدأت بالفعل سويسرا فى الشروع فيه، لاسيما وأنها قد أعدت أمس، ولأول مرة فى التاريخ، بيانا باللغة العربية، كما أن ميشلين كالمى راى، وزيرة الشئون الخارجية السويسرية، قد انطلقت فى حملة إعلامية موجهة لوسائل الإعلام الأجنبية، حيث كررت مؤكدة على قناتى TV5 و"الجزيرة" أن هذا التصويت "ليس تصويتا ضد الطائفة المسلمة".
وزيرة العدل السويسرية تخشى العواقب الاقتصادية لحظر المآذن
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة