لا يمر أسبوع إلا ويكون فى حوزتك حصاد طريف وعجيب وغريب فى ملاعبنا وحياتنا.. وهذا طبيعى فى أى نشاط لا يحكمه قانون ولا ضمير ولا أخلاق رغم، أننا نصلى ونصوم ويحج بعضنا سنويا أو يعتمر شهريا.. فما لله لله وما للوطن للوطن وما للمزاج للمزاج.. ومزاجنا عال جدا عندما نحب أن نتربص ونتصيد ونتسابق فى الغش والاستهبال والتصنع والنفاق.. لأن إيماننا عميق بأهمية ومتعة المشى فى قطيع، يجرنا رجل واحد يهشنا بالعصا، ويقول لنا شمال فنهاجم الجزائر ويمين فنهادن الجزائر.. وأيضا عشق ركوب الأمواج..
فالرجل الذى يسوق القطيع يطلب منا أن نشتم فى «كورال» فلا يتردد أى منا فى أن يشتم حتى وزير الإعلام الذى قال علنا وبالخط العريض إن ما فعلته الجزائر إرهاب دولة.. ثم يطلب منا أن «نسبل» أعيننا عند الحديث عن العروبة فنبادر جميعا بتسبيل العيون.. وأيضا نحب جدا التزحلق على الرمال.. رغم استحالة الزحلقة على الرمال.. لكن لابد أن نتزحلق على أى شىء نعرفه أو لا نعرفه، لأننا مصابون بحب الفشل.. كان مستحيلا أن نفوز بملف تنظيم كأس العالم، ورغم ذلك مشينا فى القطيع وركبنا الأمواج وتزحلقنا على رمال فدفنا فيها الملف وأخذنا «صفر». وتحدثنا كثيرا عن صعوبة التأهل للمونديال القادم وخطورة مباراة الجزائر فى السودان، ورغم ذلك أرسلنا جمهورا رومانسيا وتزحلقنا فى شوارع أم درمان.. نحن نحب أن نتزحلق ونتعثر ونتعرقل ونتحدى المستحيل، رغم أننا لا نملك حتى القدرة على تحدى الممكن..
وكان أحد مسئولى الأهلى على حق عندما قال لى إن الراحل العظيم محمد لطيف عندما وقف لأول مرة خلف الميكروفون أدخل فى كل بيت الاختيار بين الأهلى والزمالك، وجعل «ست البيت» التى لا تعرف فى حياتها سوى المطبخ وتجهيز الأولاد للذهاب إلى المدرسة مجبرة على الاختيار.. شخص واحد سحب كل الناس فى البيوت فى قطيع يركب الأمواج ويتزحلق على الرمال رغم أن معظمهم لا يعرف الفارق بين محمد أبوتريكة وكرم جابر..
وعندما قال بعض «رعاة» القطيع إن المصالحة الوطنية هى بوابة المصالحة العادلة مع الآخرين فى الخارج.. جرى القطيع فى اتجاه المبادرات والتقطت وسائل الإعلام الصور للناس الكبار فى الأهلى والإسماعيلى يتحدثون عن الحب والود ويرفعون أعلام مصر فى تعبير حى وحقيقى عن مصالحتنا التى تبدأ وتنتهى عند الرؤوس الكبيرة وتترك القطيع «ينطح بعض» ويسير مكرها إلى ما لا يحبه ثم ينتهز الفرصة للتعبير عن نفسه ويضرب مجهولون منه كرسى فى الكلوب أو طوبة فى الأوتوبيس.. وهذا نوع من أنواع التزحلق على الرمال.. لا توجد زحلقة إلا على الجليد ولا يوجد عندنا جليد، إذن لا يجب أن نتزحلق إلا إذا فعلنا مثل دولة خليجية حولت مساحة من رمالها إلى جليد صناعى.. لا يعرف «الرعاة» أن القطيع يجب أن يتغير أولا..
ولأن حياتنا أصبحت «مؤسسة» على أعمدة خرسانية من اللامعقول.. فإن تفاصيل هذه الحياة تقدم لنا يوميا مشاهد من الغرائب والعجائب والطرائف.. وكانت «طرفة» الكابتن سمير زاهر الأبرز الأسبوع الماضى عندما ذهب إلى اجتماع الاتحاد العربى لكرة القدم لكى ينسحب منه.. لماذا لم ينسحب من القاهرة ووفر ثمن التذكرة والإقامة بالفندق وباقى مصاريف الرحلة.. وحتى لو أراد الثأر من الجزائرى محمد روراوة ويسجل عليه موقفا يوازى رفض المصافحة، فإن ذلك كان متاحا له بإصدار بيان من القاهرة..
ثم عشنا «حدوتة» حسام البدرى مع الحكم محمد فاروق واللاعب معتصم سالم.. وهى حدوتة عجيبة فعلا لأن الحكم لم يخطئ حتى يواجه رد فعل.. وعجيبة أيضا لأن الثلاثة يكادون يحلفون بالطلاق على صحة موقفهم..
وبعد ذلك فاجأنا الوزير سامح فهمى بتصحيح أخطائه مع فريق بترول أسيوط وتعويض الإهمال بتوفير طائرة خاصة تنقل الفريق إلى الملاعب البعيدة عن الصعيد، وطبعا من خزينة الدولة فى نفس الوقت الذى يهرب فيه الوزير وقيادات البترول من تهمة إبطال قانونية الدورى المصرى بالإشراف والصرف من أموال الدولة على 3 فرق بترولية.. وينطح القطيع بعضه فى شأن الكابتن حسن شحاتة دون أن يفكر أن المنطق يجعل من التجديد خطوة شكلية لأن عدم الفوز بكأس الأمم الإفريقية سوف يدفع القطيع والرعاة معا إلى «نطح» الجهاز الفنى خارج المزرعة..
ويعطينا الصديق مدحت شلبى درسا فى «أخلاق الصحفيين مع الفضائيات التليفزيونية».. ويصنفهم ما بين عاملين فى هذه القنوات ومبسوطين منها، وبين خارجين من جنتها أو متشوقين وساعين لدخولها وغاضبين منها إلى إشعار آخر.. وهو تصنيف يندرج تحت بند الإهانات التى تعامل معها الكابتن مدحت كما تعامل هو وزملاؤه بفطرة اللامعقول مع مباراة مصر والجزائر.. والأغرب أن الكابتن مدحت مكنش واخد باله من جريدة «اليوم السابع» وهو يوميا ينقل من موقعها معظم أخبار برنامجه بدون ذكر المصدر!
ويظل الكابتن مجدى عبدالغنى يتحدث عن الفضائح التى سوف يكشفها فى اتحاد الكرة بينما يسمعه سمير زاهر وزملاؤه لأن الشراكة فى الفضائح وطيدة وجماعية، ويستحيل أن يتبرع واحد من الجماعة بكشف نفسه.. وهو أيضا نوع من التزحلق على الرمال لأن الحياة علمتنا أن من يضطر إلى السقوط يتمنى أن يسقط معه رفاقه ويسعده أن يهدم المعبد على من فيه.
إبراهيم ربيع
نحن نحب المشى فى «قطيع».. وركوب الأمواج.. والتزحلق على الرمال!!
الخميس، 24 ديسمبر 2009 11:28 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة