يهل علينا عام جديد وينزوى وينصرف عام آخر بكل ما يحمله من انكسارات وتراجعات وهزائم وفضائح وأحزان.. ولكن تعالوا نتذكر عام 2009 الذى حمل داخل طياته كل ألوان الكراهيات والعداءات والأحقاد بين أبناء المهنة الواحدة والتى وصلت إلى حدود الفضائح بكل ألوانها وأشكالها وذلك بعد غياب الضمائر من ناحية وسقوط الأخلاق الحميدة والعادات والتقاليد المصرية وإهالة التراب على المعانى السامية كلها.. فعلى سبيل المثال لا الحصر بماذا نفسر حالة الهياج والفوضى التى تسود أرجاء الفضائيات الاستهلاكية هذه الأيام وبماذا تفسر مثلاً أن هناك متهمين بكل ألوان القضايا وأيضاً متصارعين بشكل غير مسبوق رغم أن الرياضة ليست هى التى تضمهم فقط ولكن أيضاً يمثلون وينضمون وولاءاتهم لحزب واحد.. نعم هم أبناء الحزب الوطنى الديمقراطى أليس سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة وعضو مجلس الشورى عن دمياط مرشح الحزب الوطنى وأحد قياداته البارزة فى دمياط وهل ينكر أحد أن الإعلامى الكبير أحمد شوبير هو أحد روافد هذا الحزب والمنوط به فى بادئ الأمر وفق اختياره كعضو مجلس شعب عن دائرة طنطا أن يكون لسان حال الشباب وحامل لواء بث الانتماءات داخلهم وهل ينسى أحد أن سمير موسى أحد أعضاء مجلس الشعب أيضاً عن الحزب الوطنى وهناك يختبئ وراء الستار وخلف الكواليس رجل يدعى حمدى شلبى عضو مجلس الشعب عن دمياط أيضاً.. تخيلوا كل هؤلاء أبناء حزب واحد وهم أدوات المعارك ضد بعضهم البعض والعجيب والغريب أيضاً أنهم استعانوا بعضو مجلس شعب أيضاً ولكنه مستقل وليس ضمن صفوف الحزب الوطنى وهو الذى يفند لنا حالياً ويقدم مستندات وأوراق الفساد كما يدعى أو كما يصل إليه من السادة ممثلى الحزب الوطنى والذين يهاجمون زاهر بضراوة كل طبقاً لأغراضه ومصالحه الخاصة جدا بعيداً عن المصلحة العامة لهذا الوطن.. ولأنها الفضائيات التى باتت تستهلك أوقاتاً غير مسبوقة فى حياة المشاهدين وباتت أيضاً لا تفكر كثيراً فى حق المشاهد من المتعة والمعرفة وتحولت إلى تصفية حسابات وضغائن ومصالح وأصبح هؤلاء المتصارعون.. أصحاب المعارك الوهمية الذين يزايدون على جموع الشعب المصرى مدعين أنهم أهل فضيلة وكاشفو فساد ولكن يبدو أن مقولة أمى رحمة الله عليها كانت صادقة عندما كانت ترى معارك الفاسدين «ربنا بيسلط أبدان على أبدان» أو تعود إلى الدعاء الشافى «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين».. نعم نحن أمام حالة من التشفى والغيظ والكراهية والعداء فى هذا الوسط الرياضى الذى أصبح ملعوناً بشكل غير مسبوق ولا ترى أحداً إلا ويتكلم عن الفساد والأوراق والمستندات وأصبحت كلمة النائب العام هى الأسهل فى كل الأفواه.. وأصبح أدعياء الفضيلة يهرشون رؤوسنا وتشعر أن هؤلاء سيشرفون السجون غداً وننتظر دوماً النتائج.. لا تجد شيئاً وسرعان ما يحدث ذوبان أو مصالحات فى الغرف المغلقة بين كل هؤلاء وفجأة تغلق الملفات ويتم إخراس صاحب الصوت العالى فى ظروف غامضة.
ولكن هل سيشهد عام 2010 استكمالاً لحالة الفوضى الإعلامية وتظل تلك الشاشات الاستهلاكية تستكمل مسيرة الزيف غير المبرر والدوشة الشخصية ونجوم الكرة القدامى الذين لا تنتهى أزماتهم ولا تنقضى مصالحهم ولا يشعرون يوماً بمفهوم القناعة رغم حالة اليسر المالى الذى يعيشونه من جراء هذه الشاشات الفضائية.. أزعم أن الجماهير ستنفض قريباً من حول هذه الشاشات لأن معظم الأزمات التى يتم تناولها لا علاقة لها بتلك الجماهير.. الناس فى مصر يريدون من الرياضة وبالأخص كرة القدم.. متعة وحوارات مع نجومهم الذين يتعايشون معهم، الجماهير يا سادة لا تريد أن تقرأ وتسمع عن فساد الفاسدين فى كرة القدم ولكن تريد أن تسمع عن فضائل نجومهم وحكاياتهم وأسرارهم.. الجماهير فى المحروسة زهقوا وقرفوا من السياسة والسياسيين.. لعنوا حالة السواد الإعلامى الذى أصبح أهم سمات البرامج السياسية والصحافة أيضاً.. والكل رحل وذهب ووجد فى كرة القدم ضالته وانفراجة أساريره وراحته النفسية وعلاجه من الأمراض التى صدرها لهم أهل السياسة.. الجماهير تحتاج إلى كرة القدم الترويحية التى يخرج بها المصرى من أزماته اليومية الحياتية التى باتت لا تعد ولا تحصى.. فعندما حول هؤلاء الفضائيون الجدد كرة القدم إلى أزمات ومشاحنات وعداءات لم تعد لها أهمية عند المشاهد وأزعم أنه قريباً جداً سيلاحظ أصحاب تلك المشروعات الوهمية أنهم سيعلنون إفلاسهم لأن السادة النجوم الذين يقدمون تلك البرامج قد أخذوا هذه الشاشات الفضائية لآرائهم الخاصة ومصالحهم ومعاركهم الذاتية بعيداً عن المشاهد أولاً.. وبعيداً أيضاً عن أصحاب هذه الشاشات.. وبعيداً عن صراعات وأزمات 2009 وحالة التردى التى صاحبت المنتخب الوطنى المصرى وخروجه وضياع حلم الوصول لكأس العالم.. يظهر فى الأفق القريب بوادر انفراجات ربما تعطى حلماً جديداً لجماهير الزمالك التى دمرت كرة القدم أوصالها فأهل القبيلة البيضاء عاد إليهم الحلم مرة أخرى وانزاح الكابوس الذى ظل يخيم ويعشش داخلهم وأعطى حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب أوراق الأمل لأبناء الزى الأبيض بعد أن قرر ضم خمسة لاعبين من الزمالك.. وبات الجميع ينتظرون هل يحمل أبناء الزمالك خصوصا ميدو وشيكابالا راية قيادة المنتخب والزمالك إلى حصد البطولات فى العام الجديد على غرار ما فعله أبوتريكة وبركات مع المنتخب والأهلى فى السنوات الماضية واللذان تأكد غيابهما عن صفوف المنتخب.
وهل يواصل 2010 نجاحات الأهلى المحلية وتعود إليه مكانته الأفريقية التى غابت فى ظروف غامضة 2009 ولكن هل أهلى التغيير.. أهلى الشباب الصاعد والمدرب الوطنى وخطة 4 / 4/ 2 قادر على التواصل متربعاً فى العام الجديد.. وعموماً فإذا كنا على أعتاب 2010 وينزاح عنا ستار 2009 فإننا نأمل من المولى عز وجل أن يكون عاماً مباركاً.. فاتحاً لشهية المصريين يحقق لهم كل طموحاتهم ويعيد إليهم ابتسامات وانتصارات وأفراحا وتعود إلى شوارع المحروسة الأعلام المصرية وكلاكسات السيارات والطبول والزفات ابتهاجاً بكل إنجاز حققه المنتخف طوال الأربع سنوات الماضية.. ويبقى أن نبتهل إلى المولى عز وجل وندعو أن يجعل 2010 أكثر تفاؤلاً وأن يهدى ويهذب سلوك الحكام طبعاً حكام كرة القدم حتى تظل اللعبة التى تروح نفوس المصريين وتضمد وتشفى آلامهم وأوجاعهم وتنسيهم الغلاء الفاحش والدروس الخصوصية وأيضاً أنفلونزا الخنازير.