على عكس المجرم المصرى التقليدى، الذى تملأ أخباره صفحات الحوادث بالصحف المصرية، جاء ظهور منفذ سلسلة الاعتداءات التى تعرضت لها فتيات بمنطقة المعادى، والذى اشتهر إعلاميا وأمنيا باسم "سفاح المعادى"، ليغير الصورة النمطية للمجرم التقليدى، وليطلق التكهنات المختلفة حول طبيعته، والأسباب التى تدفعه إلى مثل هذا النمط المسلسل من الجريمة، الشبيه بجرائم الأفلام الأمريكية..
القاتل المسلسل، هو الترجمة الأمريكية الأقرب دقة لنمط الجريمة التى كان يقوم بها سفاح المعادى، مع اختلاف الظروف، فكلاهما يتبع أسلوبا ممنهجا فى جرائمه، ويجمع ضحاياه صفة مشتركة، دون أن يكون بينهم علاقة مباشرة، وحتى خلفيات الاضطراب النفسى التى تكون فى الغالب دافعا تلك الجرائم، تبدو هى التفسير الأقرب لجرائم "سفاح المعادى"؛ ليصبح بذلك أول مجرم يتبع هذا الأسلوب فى مصر، قبل ظهور التوربينى، الذى ارتكب مجموعة من الجرائم الشبيهة، لكنها كانت أقل تأثيرا فى الشارع المصرى، لارتباط جرائمها بأطفال الشوارع، الذين لم يشعر باختفائهم أحد.
تسببت جرائم "سفاح المعادى" فى حالة من الذعر، انتابت سكان منطقة المعادى، بعد تكرار اعتداءه على فتيات بالمنطقة الهادئة، بصفة عشوائية منذ عامين تقريبا، عن طريق تتبعهن ثم طعنهن بآلة حادة من الخلف، ليفر بعدها هاربا دون أن تفلح محاولات الإيقاع به، وهو ما دفع سكان المعادى، صقر قريش والبساتين، إلى منع بناتهم من الخروج بمفردهن، وضاعف رعب سكان تلك المنطقة تضارب تصريحات مسئولى وزارة الداخلية حول القضية وملابساتها.
التضارب السابق استشعره المواطنون من كلام اللواء عبد الجواد أحمد، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، عندما نفى وجود ما يسمى بـ"سفاح المعادى" حسب تعبيره، ووصف الجانى بأنه شخص غير سوى وله سلوك إجرامى معين، مؤكدا أنه قام باستهداف 3 حالات فقط. وعلى النقيض خرج اللواء على فايد، مساعد وزير الداخلية للأمن العام، ليؤكد وجود "سفاح المعادى"، ويصرح بأن الجانى قام بطعن 4 فتيات بينهن محجبة بمناطق صقر قريش والمعادى الجديدة والبساتين.
التضارب لم يتوقف على التصريحات الرسمية لقيادات وزارة الداخلية فقط، بل امتد إلى وسائل الإعلام المختلفة التى عملت على تغطية الحادث، لتخرج كل منها بقصة مختلفة التفاصيل، وإن كان "السفاح الغامض" هو القاسم المشترك بينها، مما ضاعف مسئولية أجهزة الأمن، بعد أن أربكها أسلوب الجريمة المختلف، فدفعت وزارة الداخلية بأكثر من 1200 عنصر أمنى لمراقبة الشوارع والمنازل فى مختلف أنحاء المعادى. قبل أن تتخذ مديرية أمن القاهرة إجراء هو الأول من نوعه بتجنيدها 50 فتاة للسير فى الشوارع بملابس مثيرة، على أمل أن تتمكن إحداهن من اصطياد السفاح الطليق.
ورغم فشل الأجهزة الأمنية فى القبض على "سفاح المعادى"، إلا أن إجراءاتها المشددة، التى استمرت لأكثر من 3 أشهر متتالية منعته من التعرض لمزيد من الضحايا، قبل أن تختفى أخباره بالتدريج، ويعود إلى منطقة المعادى هدوءها المعهود بنهاية يناير 2007، قبل أن تعلن وزارة الداخلية مساء أمس، الثلاثاء، القبض على "سفاح المعادى"، لتعيد إلى الأذهان ذكراه، التى سيؤرخ لها خبراء الجريمة فى مصر، باعتبارها الظهور الأول لنمط الجريمة المسلسل الذى أصاب الشارع المصرى بالأرق طويلا.
بعد حالة الشد والجذب والتناقض تم إلقاء القبض عليه
سفاح المعادى.. مجرم على الطريقة الأمريكية
الأربعاء، 11 فبراير 2009 05:19 م
سفاح المعادى أثار الرعب فى نفوس الفتيات لفترة طويلة