من غرائب قضية البث الفضائى، أن كل الأطراف مطمئنة إلى أنها سوف تنتصر على بعضها.. الأهلى واثق من نفسه، والأندية الشعبية واثقة من أن الدولة لن تخذلها.. والقنوات الخاصة أكثر ثقة بأن الأمر لن يتجاوز مُجرد زيارة محدودة فيما تدفعه.. والتليفزيون المصرى شديد الثقة، بأنه ممثل الدولة التى لن تخذله، ولن تدعه يخرج من المولد بلا حمص.. واتحاد الكرة يبحث عن مصدر ثقة، ويتظاهر بالاطمئنان، رغم أننا لا نعرف ماذا يمكن أن يفعل لو اتفق الجميع عليه، باعتباره الحلقة الأضعف فى الدائرة المُغلقة التى يدور فيها الجميع.
ووسط بحر الثقة الذى تسبح فيه كل الأطراف.. بدأت تصدر إشارات لا تعبر عن هذه الثقة، منها أن القنوات الخاصة، تؤكد أنها لن تغلق أبوابها إذا ما حرمها أى نظام جديد من بث المباريات.. فهى قادرة على الاحتفاظ بجذب المشاهدين بالقضايا التى تثُيرها وبالتقارير الخاصة البعيدة عن الملاعب، أو بشراء اللقطات المهمة من المباريات.. ورغم أنها قنوات متنافسة، فإنها تتضامن وتتوحد وتقاتل معًا لمنع بيع الحقوق لقناة واحدة، سواء مصرية أو عربية.. ومنها أن الأندية الشعبية فى المحافظات سارعت إلى عقد اجتماع تطرح فيه رؤية لخدمة مصالحها، رغم أنها مُتأكدة من أن الدولة لن تنساها.. ويبدو أنها نظرت لغيرها أكثر من النظر لنفسها، فأطلقت إشارات أخرى تسعى إلى حرمان أندية الشركات من نفس حصص وعوائد البث.. فهى من وجهة نظرها لا تحتاج أموالا،ً وبالتالى لا يجب أن تحصل على نفس ما تحصل عليه أندية الشركات..
والأهلى لا يحب الضغط علناً إلا عند الوصول إلى المنطقة الحاسمة.. وهو يراقب ويكتفى بالضغط المستتر، وحصر كل ذهنه فى الربط بين قناته التليفزيونية وأى نظام جديد للبث، لأنه يريد استثمارًا أكبر قد لا توفره العوائد المباشرة من النظام الجديد.. وهو فى النهاية غير مستعد لأن يكون مثل الأندية الأخرى، حتى لو كان هناك نظام أوروبى يفعل ذلك ولا يميز الكبار إلا فى حدود ضيقة.
هذا الصراع الخفى الآن وحالة الترقب المقلقة للجميع، مع الشعور المشترك بالاطمئنان الذى تحدثنا عنه فى البداية، يؤكد أن كل الأطراف مقتنعة تمامًا، بأن نظام البث الجديد سوف يهبط عليها بالباراشوت، وسوف تسأل الدولة هؤلاء جميعًا على نسق د.فتحى سرور فى مجلس الشعب: موافقون؟.. موافقة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة