أتمنى ألا يكون التفسير الوحيد للاحتجاجات السلمية المتوالية، بأنها دليل قاطع على ضعف الحكومة، فالاحتجاجات لا تتوقف فى دول غنية ولديها حكومات قوية، ولكن التفسير الأهم الذى يجب أن نضعه فى الاعتبار هو أنها دليل على تطور ديمقراطى بطىء، ولكن يبدو أنه راسخ وقوى، ومن مميزاته:
1 - لا يوجد أى ميل للعنف أو التخريب أو حتى الشتائم.
2 - هناك مطالب محددة يتم التفاوض حولها دون أى أوهام.
3 - يتمتع معظم قادة هذه الإضرابات بمرونة، فالأمر لا يتعلق فقط بتوازن حقوق ولكن الأهم هو توازن القوى السلمى، فهذا ما حدث من قبل مع موظفى الضرائب العقارية، والآن مع أصحاب وسائقى المقطورات والصيادلة.
4 - لا يخرجون عن أهدافهم بمطالب لا يقدرون عليها وليست معركتهم، لا يطالبون بمستحيل بالنسبة لهم، مثل إسقاط النظام أو إسقاط وزير، فهذه ليست أولوياتهم، ولا يسمحون بفرضها عليهم من قوى سياسية.
5 - يعرفون أهمية الإعلام بكل وسائله ولذلك اكتسبوا خبرة التعامل الجيد معه.
6 - لا يهمهم كسر خصمهم، وهو الحكومة، ولكن تحقيق أكبر قدر من مطالبهم، ولعلنا نتذكر أن موظفى الضرائب العقارية لم ينشغلوا بإسقاط الوزير، ولكن بأهداف محددة حققوها على مراحل.
وما فوائد هذه الاحتجاجات السلمية:
1 - إنها تعلم صانع القرار فى أى مؤسسة حكومية و غير حكومية، وأن الزمن الذى يأمر فيه القطيع، قارب على الانتهاء، وأن الناس أصبحوا جزءا أساسيا فى أى قرار.
2 - أصبحت هناك طريقة ومتنفس يستطيع الناس أن يحصلوا به على ما يتصورون أنه حقوقهم، وهذا فى الغالب سينهى حالة الإحباط واللامبالاة فى البلد.
3 - هذه الاحتجاجات السلمية هى فى جوهرها صراع سلمى لإعادة توزيع الثروة والسلطة فى البلد، وهذا يحمينا جميعا، فقراء وأغنياء، من هبات فوضوية تقضى على الأخضر واليابس وتخسر فيها كل الطبقات.
4 - كما أنه بمرور الوقت سينتج نخبا تستطيع قيادة النقابات والجمعيات والأحزاب وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنى، بعيدا عن الذين تربوا فى حضانات الحكومة وحضانات الأحزاب التى ليس لها جذور فى الشارع.. وإذا أكرمنا الله وتحقق هذا، ففى الغالب ستنضبط أجندة البلد على إيقاع هموم حقيقية، وليس على «أحن» وحماقات سياسية.
سعيد شعيب
الإضرابات دليل على حيوية المصريين وليس على ضعف الحكومة أو قوتها
الجمعة، 27 فبراير 2009 02:29 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة