يبدو أن الأضواء لها دورة تنسحب فيها عن الفنان، ثم تعود إليه لتضعه تحت دائرتها، ومنذ سنوات عديدة قررت ليلى مراد، أن تعتزل وتخرج من دائرة الأضواء الساطعة التى كانت مسلطة عليها، لكن ها هى تعود مرة أخرى- وبعد أن رحلت ليلى مراد عن عالمنا- لتستقر تحت دائرة الضوء من جديد.
فى السابع عشر من هذا الشهر حلت الذكرى الحادية والتسعون لميلاد ليلى مراد، وقد نسينا أن نحتفل بهذه المئوية لميلادها. والحديث يدور حول المسلسل التليفزيونى الذى يستعد البعض لبدء العمل فيه، رغم اعتراضات المخرج زكى فطين عبدالوهاب، ابن ليلى مراد الذى تقدم ببلاغ إلى قسم شرطة العجوزة فى القاهرة، ضد المنتج الذى نشرت الصحف أنه ينوى البدء فى تصويره قريبا.
وقد قرأنا ما نشر فى العدد الماضى من «اليوم السابع»، عن قيام أحد الباحثين الإسرائيليين بتشويه موقف السينما المصرية من ليلى مراد وغيرها من الفنانين المصريين اليهود، الذين يزعم هذا الباحث أنهم تعرضوا للاضطهاد، وهو زعم يكذبه الواقع، أولا لأن هؤلاء الفنانين ومنهم داود حسنى، وراقية إبراهيم، وتوجو مزراحى، وزكى مراد والد ليلى مراد، ومنير مراد أخوها، هؤلاء مصريون قبل أى شىء آخر.وثانيا لأنهم ظلوا متمسكين بمصريتهم، ورفض معظمهم الهجرة.
وليلى مراد بالذات اسم لا ينسى، ووجه لا ينسى، وصوت لا ينسى، فهى مطربة وممثلة رافقت نشأة السينما المصرية، وتألقت فى عصرها الذهبى، وارتبطت حياتها بحياة كبار النجوم المصريين.
ولدت فى القاهرة، وكان والدها زكى مراد مطربًا أيضًا، وكان ينتمى لمدرسة فى الفن، مزجت بين الأصول الكلاسيكية واللهجة المصرية، ومن أساتذتها سيد درويش، وداود حسنى، وقد تعلمت ليلى مراد من والدها الكثير. وقد بدأت ليلى مراد حياتها كمطربة فى وقت مبكر جداً، إذ كانت فى السادسة عشرة من عمرها، عندما قدمها والدها فى حفلتها الغنائية الأولى سنة ،1932 وكان من ضمن المدعوين للاستماع لها فى هذه الحفلة، أمير الشعراء أحمد شوقى، والمطرب محمد عبدالوهاب.
بعد هذه الحفلة الناجحة توالت حفلات ليلى مراد، ثم انتقلت إلى الإذاعة الأهلية، ومنها إلى الإذاعة الرسمية، لكن نجاحها الأكبر كان فى السينما، والفيلم الأول الذى شاركت فيه هو «الضحايا»، الذى كتب قصته فكرى أباظة، وأخرجه إبراهم لاما، ولعب أدواره الرئيسية بهيجة حافظ، وزكى رستم، وعبدالسلام النابلسى، أما ليلى مراد فقد شاركت فيه بصوتها فقط وغنت لحنا لا يعرف بالظبط صاحبه، والجدير بالذكر أن ليلى مراد لم تكن قد بلغت الخامسة عشرة من عمرها، عندما عرض هذا الفيلم لأول مرة سنة 1932.
بعد ذلك توالت أفلامها التى كانت تنتقل بها من نجاح إلى نجاح، من «يحيا الحب» مع محمد عبدالوهاب سنة 1938، وكانت فى العشرين من عمرها، إلى «الحبيب المجهول» مع حسين صدقى، وكمال الشناوى، وعبدالسلام النابلسى سنة 1955 ،وكانت آنذاك فى السابعة والثلاثين من عمرها، وفى قمة نجاحها، لكنها قررت فى ذلك الوقت أن تعتزل السينما، وإن قدمت بعض الألحان فى الإذاعة، هذا القرار القاسى الذى اتخذته هو سر شبابها الدائم، فنحن لا نراها إلا فى الأفلام التى لعبت فيها دور البطولة وهى شابة، ولا نسمعها أيضا إلا وصوتها مفعم بالحيوية والشباب.ومع أن إغراء العودة للشاشة ظل قويا جداً، فإن إرادتها لم تلن، وظلت ملتزمة بقرار الاعتزال.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة