من الصعب تصديق كل هذه المخالفات المروعة، والأصعب هو عدم الرد على جهاز رقابى مهم، رغم أنه أرسل انتقاداته أكثر من مرة، فمن أين يأتى حسن صقر، رئيس المجلس القومى للرياضة، وسمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة، وهانى أبوريدة، رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية بهذه القوة؟! السؤال طبيعى ومنطقى. فما قاله الجهاز المركزى للمحاسبات، ليس فقط مخالفات ولكنها فى الحقيقة قضية فساد كبرى.
فلماذا لم يرد المتهمون.. ومن يحميهم ويجعلهم أقوى من أقوى جهاز رقابى فى البلد؟ ننتظر إجابتهم وإجابة من هو أكبر منهم.
ثمانى ورقات صادرة من الجهاز المركزى للمحاسبات عن أداء المجلس القومى للرياضة واللجنة المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية فى الفترة من 20 يناير 2006 إلى 10 فبراير من العام نفسه، وقتها كان رئيسه حسن صقر، كشفت بين طياتها عن العديد من مخالفات مالية وقانونية صارخة وصلت إلى 40 مليون جنيه، وهو ما جعل الجهاز يرسل 4 خطابات للمجلس القومى للرياضة على فترات متباعدة للاستعلام عنها، دون أن يصله أى رد.
التقرير اعتمد فى بدايته على ذكر المخالفات المالية الخاصة بتذاكر المباريات قبل وبعد وأثناء البطولة، حيث أفاد بأن هناك تذاكر بقيمة 10 ملايين جنيه تم سحبها من مكاتب البريد قبل بداية البطولة بشهر والتصرف فيها عن طريق الباعة المحترفين، سواء حول مقر اتحاد الكرة بالجزيرة أو بعض الأكشاك التى أقيمت فى منطقة استاد القاهرة وشبابيك حول قاعة المؤتمرات، دون وجود أى ضوابط لإحكام عملية الرقابة على طريقة البيع التقرير رصد وجود مرتجع لعدد 104 آلاف تذكرة تبلغ قيمتها 16.3 مليون جنيه خاصة بمباريات المنتخب المصرى رغم الإقبال الجماهيرى منقطع النظير، بحسب الرصد الإعلامى للبطولة، ذلك الرصد هو ما جعل بعض الخبراء يشيرون إلى شبهة بيع تذاكر مجهولة الهوية.
التقرير أضاف أن اللجنة المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية برئاسة هانى أبوريدة خصصت 48 ألف دعوة بقيمة 2.516 مليون جنيه دون وجود أى كشوف لتوضيح طريقة توزيع تلك الدعوات أو الأسماء أو الهيئات التى كان لها حق الحصول عليها. الأمر نفسه تكرر فى نظام بيع التذاكر المجمعة فى المباريات التى لا يشارك فيها المنتخب المصرى، فثمن تلك التذاكر يقل عن ثمن التذاكر الخاصة بمباراة واحدة بما قيمته 987 ألف جنيه، وتكرر عدم وجود كشوف لتوزيعها، مما أعاق لجنة الجرد عن تحديد الكميات التى تم طرحها للبيع.
كشف التقرير عن أن عمليات الاستقبال والضيافة والإقامة والإعاشة للفرق المشاركة والاتحاد الأفريقى والحكام والتى بلغت قيمتها نحو 10.5 مليون جنيه، تم إسنادها لإحدى الشركات عن طريق إجراء مناقصة محدودة، دون إبداء سبب عدم طرحها فى مناقصة عامة، فضلاً عن أن المناقصة تمت ترسيتها على الشركة بالأمر المباشر مخالفة لأحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية. الترسية بالأمر المباشر لإحدى الشركات، كانت بمثابة الضوء الأخضر لارتكاب المخالفات، وجاء بالتقرير أن الشركة قامت بتسكين بعض الفرق المشاركة بالبطولة بفنادق أخرى، خلافاً للفنادق التى تم الاتفاق والتعاقد عليها والتى تضمنتها كراسة الشروط والمواصفات، فضلا عن أن الشركة قدمت فواتير بمبلغ 171 ألف جنيه على اعتبار أنها قيمة إقامة مرافقين للفرق المشاركة بالبطولة، على الرغم من أن الشركة أقرت بمجانية 16 غرفة لمندوبى الفرق المشاركة كما جاء فى خطابها المرسل إلى اللجنة المنظمة للبطولة. ورغم كل المخالفات لم تتخذ اللجنة المنظمة أى إجراء، وقامت بصرف وتسوية كامل مستحقات الشركة التى تبلغ نحو 10.5 مليون جنيه دون وجود ما يفيد بإعداد تقارير متابعة يومية لأعمال الشركة بالمخالفة للشروط الواردة بكراسة الشروط والمواصفات.
تقرير المركزى أضاف أيضا أن اللجنة المنظمة قد حملت الحساب البنكى مبلغ 86 ألف جنيه سدادا لقيمة إيجار المخيمات ببعض الملاعب عن كامل مدة البطولة (عشرين يوماً) على الرغم من إنه تمت إقامة مباراة واحدة باستاد الإسكندرية وانتهاء المنافسات باستاد بورسعيد قبل نهاية البطولة بنحو أسبوع، فضلا عن صرف مبلغ 99 ألف جنيه قيمة توريد بطاقات تعارف لعدد 5500 فرد، على الرغم من أن عدد اللاعبين والإداريين والفنيين للفرق المشاركة يبلغ نحو 500 فرد، وأن عدد المتطوعين للعمل بالبطولة بمحافظات القاهرة والإسكندرية وبورسعيد يبلغ نحو 413 متطوعاً، وركز التقرير على خلو جميع مستندات الصرف الخاصة بهذا المبلغ من أى بيانات عن كيفية تحديد عدد بطاقات التعارف والأفراد الصادرة لهم تلك البطاقات ووظائفهم وعلاقتهم بالبطولة، كما أن اللجنة نفسها تأخرت فى توريد 351 ألف جنيه، هى قيمة المتحصلات النقدية الخاصة ببيع التذاكر لمدد طويلة يصل بعضها إلى ما يزيد على ستة أشهر من تاريخ انتهاء البطولة فى فبراير 2006 دون تفسير. التقرير لم يقف عند ذلك بل أشار إلى أن اللجنة التى يترأسها هانى أبو ريدة لم تحقق الرقابة الفعالة بشأن إيرادات المباريات نتيجة لعدم الاستخدام الأمثل للبوابات الإلكترونية، التى تم تنفيذها بنحو 13 مليون جنيه لإحكام الرقابة على عملية دخول وخروج الجماهير ومنع تسرب أى جماهير لا تحمل تذاكر أو دعوات رسمية.
وليد المليجى، عضو لجنة الشباب بمجلس الشعب، قال إن تلك المخالفات المالية تشير بأصابع الاتهام نحو اللجنة المنظمة للبطولة واتحاد كرة القدم برئاسة سمير زاهر، الذى يحصل على جزء من مكاسب البطولة، والمجلس القومى للرياضة المسئول عن اختيار اللجنة ومتابعتها والإشراف على أعمالها، وكذا التسوية النهائية لحسابات البطولة وإعطاء اتحاد الكرة ما يخصه من أرباح البطولة. أضاف المليجى أن ذلك التقرير بما به من مخالفات يعد من أكبر قضايا الفساد الرياضى، وهو ما أكده أيضا درويش مرعى، أمين سر لجنة الشباب بمجلس الشعب، والذى أضاف أن التقرير ذكر العديد من التناقضات بين الإقبال الجماهيرى الشديد وبين 104 آلاف تذكرة تم إرجاعها، وأضاف مرعى أن الجلسة القادمة للجنة الشباب ستشهد مناقشات حامية وستسفر عن نتائج غير متوقعة.
ومن جانب آخر أكد على العسكرى، مدير عام بالجهاز المركزى للمحاسبات، أن امتناع المجلس القومى للرياضة عن الرد على خطابات المركزى للمحاسبات بشأن المخالفات المالية فى بطولة الأمم الأفريقية لفترات متباعدة تصل إلى سنة ونصف السنة يوضح عجز المجلس عن تقديم أى مبررات للمخالفات التى أوردها التقرير، ضاربا المثل بطول المدة الذى يبين أن المجلس لو لديه تفسير لرد فورا.
لمعلوماتك...
◄500 جنيه ثمن تذكرة الدرجة الأولى لنهائى بطولة الأمم 2006 فى السوق السوداء
المركزى للمحاسبات يتهم صقر وزاهر وأبوريدة بإهدار 40 مليون جنيه
الجمعة، 06 فبراير 2009 12:21 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة