د. محمد مورو

عناد أم غيبوبة؟

الثلاثاء، 10 مارس 2009 10:35 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدق أو لا تصدق وإليك المفارقة؛ فقد نشرت صحيفة الأهرام المصرية شبه الرسمية فى عدد 28 فبراير 2009 فى الملحق التعليمى بالصفحة الأولى ما يلى:
"الخوف والقلق يسيطران ويحيطان بجميع أراء المشاركين فى استطلاع الأهرام "التعليمى" حول التقويم الشامل، وتسجل الإحصائيات والبيانات أن هناك ما يقرب من 95% لديهم يقين بأن المعلمين سوف يجاملون بعض الطلاب فى تقدير درجات التقويم الشامل، وأن هناك ما يقرب من 39% يرفضون هذا النظام نهائياً خوفاً من الظلم"، وقال المشاركون فى الاستطلاع إن الامتحانات التى سوف تجرى بالجامعات لن تكون دستورية لأنها ستزيد الأسر المصرية قلقاً وخوفاً، حيث سيتم عقد امتحانات للثانوية العامة ترهق الأسرة ثم امتحان للقبول بالجامعات سوف تدخل فيه المجاملات، وأنه لا يمكن تقييم الطالب مرتين من أجل الالتحاق بالكليات، ويرى الكثيرون ضرورة أن نكون عقلاء ومتدبرين فى أمورنا وندرس كل كبيرة وصغيرة قبل البدء فى تطبيق نظام معين حتى يأتى بثماره من أجل أجيال جديدة ناجحة وجادة، لديها القدرة على تحمل المسئولية وتطوير المجتمع ودفعه إلى الأمام.

وفى اليوم بعد التالى مباشرة أى الاثنين 2 مارس 2009، نشرت الأهرام أيضاً فى الصفحة الأولى خبراً يقول "بدء تطبيق النظام الجديد الثانوية العامة عام 2011، النجاح فى التقويم شرط الانتقال للفرقة الأعلى"، وفى تفصيلات الخبر فى صفحة شباب وتعليم رقم 25 من الجريدة، قالت الصحيفة "انتهت الحكومة من إعداد مشروع تطوير نظام الثانوية العامة الجديد، تمهيداً لتطبيقه على الطلاب المقيدين بالصف الأول الثانوى من العام الدراسى 2011-2012، وذلك بدلاً من المقترح السابق ببدء التطبيق عام 2010، وينص المشروع على تطبيق نظام التقويم الشامل على طلاب الصفوف الثلاثة، ولا ينتقل الطالب من صف إلى صف أعلى إلا بعد نجاحه، ويشتمل التقويم على الأداء والأنشطة الصيفية، اختبارات مقننة، كما يتم عقد اختبارات قوى فى نهاية الصف الثالث فقط فى مواد اللغتين العربية والإنجليزية والتربية القومية والدينية، كمادة امتحانية ولا تدخل فى المجموع، ويحصل الطالب على شهادة الثانوية العامة فى حال نجاحه فى التقويم الشامل بما فيه المواد المؤهلة".

وهكذا فإن القرار صدر بعد يومين فقط من نشر الأهرام لنتائج الاستطلاع الذى رفض فيه 93% من المشاركين موضوع التقويم الشامل. فهل هذا نوع من العناد تقوم به وزارة التربية والتعليم، أم أنها حالة غيبوبة بحيث إنها لم تعرف أن الناس بنسبة 93% خائفون من هذا النظام ورافضون له، وهل ينجح نظام يرفضه 93% من الناس، هذا بالطبع بصرف النظر عن القيمة التربوية لهذا النظام التى لا ينكرها أحد، ولا حتى الرافضين للنظام، ولكن هذه القيمة التربوية لا تعمل فى الفراغ، بل يتم تطبيقها على واقع موجود بالفعل.

ورحم الله الإمام الشافعى الذى كان يغير فتواه - برغم ثبات النصوص طبعاً - من عام إلى عام ومن مكان إلى مكان، ويفتى فى الحالة نفسها فى العراق بغير ما يفتى فيها فى مصر، ويغيرها ـ الفتوى - بتغير الزمن، ولا شك أن قداسة النص الدينى أكبر من قداسة الحقائق التربوية، إن كانت أصلاً حقائق تربوية وليست مجرد وجهات نظر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة