«حزب تغيير الموضوع» من أجمل الجمل التى قرأتها وكاتبها هو الدكتور مأمون فندى، وهى تنطبق تماما على معظم ردود الأفعال على قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السودانى، فمعظم، إن لم يكن كل الذين هاجموها لم يتحدثوا فى القضية الأصلية: هل ارتكب عمر البشير جرائم حرب أم لا؟
لكنهم انشغلوا بالحديث عن مؤامرة غربية، وبعضهم تحدث عن الدور الإسرائيلى، وكلام كثير «مالوش راس من رجلين» وكله خارج القضية الأصلية، وهى: هل الاتهامات صحيحة أم لا، وما هى أدلة النفى لديهم على هذه الاتهامات؟
كما لم يناقشوا بشكل جدى الضمانات التى تكفل محاكمة عادلة من مؤسسة دولية، حتى لا تكون هناك مؤثرات سياسية، إذا كانت واردة، ولكنهم فضلوا أن يتحدثوا عن أشياء أخرى لا علاقة لها بالقضية الأصلية، فهم من «حزب تغيير الموضوع»، ولذلك بذل بعضهم جهدا مضنيا فى محاولة الترويج لمقولة أن يحاكم البشير فى بلده، وكأن النظام الحاكم هناك يسمح بوجود مؤسسات دولة وقضاء مستقل خارج هيمنته، وهذا كما يعرف الجميع مستحيل، ليس فى السودان وحده ولكن فى كل الدول التى تحكمها أنظمة فاشية.
ودعك من أن البشير ظالم أم مظلوم، ولكن مجرد طرح إمكانية محاكمة أى رئيس ينهى إلى الأبد أسطورة أن كل «رئيس حر فى شعبه» يفعل به ما يشاء، فهذا ليس دليلا على احترام سيادة الدول كما يزعم «أعضاء حزب تغيير الموضوع» ولكنه دليل فاضح على الصمت على جرائم ضد الإنسانية، الطبيعى ألا يحتملها ضمير أى إنسان. وما يحدث مع البشير من المؤكد أنه رسالة واضحة لكل هؤلاء المستبدين على وجه الأرض، فإذا حمتهم التوازنات السياسية حينا، فلا يمكن أن تحميهم إلى ما شاء الله.
وأرجوك لا تصدق أن محاكمة البشير وعقابه، لو ثبتت الاتهامات، ستعرض السودان إلى الفوضى، فأولا الاستبداد هو الأصل، والفوضى، إن وقعت، هى إحدى ثماره، فالمنطقى أن نحاول علاج أصل المرض.. ثم دعونا نفكر فى الضمانات التى تحمى السودان من هذه الفوضى، بدلا من تكريس كل هذا الجهد الجبار لحماية رئيس فرد، وليس شعباً بالملايين.
أليس كذلك؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة