◄الرياضيون يتحاورون فيما لا يفهمون.. وفى الأهلى والزمالك حوار مشترك للتدمير
◄ نحن دولة تحب الحوار لكنها تشترط فى تركيبتها السياسية والاجتماعية وحتى الرياضية ألا يكون حواراً يفضى إلى ديمقراطية أو إلى نتيجة.. أى أننا نحب الحوار من أجل الحوار مثل الذى يعارض من أجل المعارضة.. إذن الحوار الرياضى عندنا مثل الحوار الوطنى مثل حوار «الحوارى» وحوار القصور.. نحن فى حالة حوار مستمرة هى الأعلى سقفًا فى العالم، بدليل أن الشعب يسير فى الشارع أحيانًا «يكلم نفسه» يتحاور معها ولا يريد أحد أن يسكت حتى من باب أنه لا يعرف.
◄ فعندما تسأل رجلاً عن مكان لا تعرفه تجد الرجل لا يعرف أيضًا لكنه ينشئ معك حوارًا تحاولان من خلاله أن تعرفا معا كيف نصل إلى الطرف الثالث الذى يعرف أو لا يعرف المكان.. والمتابع للحوار الذى جرى فى قضية البث الفضائى يرى بشرًا يتحاورون فى شىء لا يعرفونه، وأخيرًا يضطرون إلى علاج أنفسهم فى الخارج فيأتى الخواجات ويقدمون لنا حوارًا جاهزًا نلبسه، ونحن نفتخر أنه ماركة عالمية.
◄ والحوار عندنا متنوع ومتعدد الأشكال والألوان وليس له مثيل فى العالم.. فهو فى الأساس هدف وليس وسيلة.. بدليل أننا عندما نريد أن نرفه عن أنفسنا كبسطاء نطلب بعضنا البعض فى التليفون، وتنتهى المكالمة بدعوة «نقعد فى مكان ونتكلم شوية».. وأحيانًا تكون الدعوة لمجرد الوقوف على الناصية، نتفرج على الناس.. وفى ريف مصر الجميل فسحة الفلاح «إنه يقعد شوية قدام الدار».. وطبعًا على المائدة فى أى دعوة وجبة كرة القدم الدائمة والطبق الرئيسى، الأهلى والزمالك.
◄ والحوار عندما يتعلق بقضية كبيرة لابد أن تأتى الدعوة من صاحب نفوذ.. من شيخ البلد أو العمدة صعودًا إلى الحزب الوطنى الذى كان فى يوم من الأيام على علاقة حب مع الحوار الوطنى.. أى أن الحوار عندنا لا ينشأ تلقائيًا كلما كان كبيرًا.. وعندما حاولت الأندية الشعبية أن تتحاور بمبادرة خاصة منها رفض اتحاد الكرة الحوار.. وعندما عثر الصحفيون المصريون على خواجة من المفترض أنه يحترم الحوار.. فوجئوا بحذائه ممتدا إلى وجوههم كما لو كان «مايك» كاميرا تليفزيون.. وهو سوء تقدير منهم وليس سوء سلوك من مانويل جوزيه الذى جرب كل أنواع الحوار المصرى من دراع وخلع ملابس، ولم يتبق له إلا الحذاء، خاصة وقد عرف بحاسته الشرقية المرهفة أن الأحذية أصبحت معشوقة العرب منذ أن رمى بها الصحفى العراقى منتظر الزيدى الرئيس الأمريكى السابق بوش.
◄ وعندما تدخل «الحارة» التى نعبر بها أدبيًا أو صحفيًا عن «الشعبية» وأحيانًا «الدونية».. ترى الحوار يقف على نفس أرضية أهل جاردن سيتى ومصر الجديدة.. هو عن لقمة العيش والأهلى والزمالك.. لكن فى الحارة تسمع حوارًا خشنًا جدًا عن لقمة العيش الناشفة والمجارى الطافحة والتوك توك الذى أصبح حركته فى أحيائنا الشعبية مثل حركة السحالى والصراصير فى غرف نوم الفقراء المعدمين.. وفى الأحياء الراقية يكون الحديث عن لقمة العيش الطرية وشواطئ مارينا وسيارات المستقبل التى يمكن أن تسير بعصير المانجو.. أما فى كرة القدم فالجميع شركاء فى «الألتراس» هذا التنظيم العجيب السرى والعلنى فى نفس الوقت الذى يجمع أفراده حوار خاص.. يوجد الأغنياء مع الفقراء ويوجد الانحراف يغسل أخلاقه فى بانيو كرة القدم.
◄ ويطاردك الحوار «النشاذ» فى كل مكان.. لا يوجد أحد يريد أن يسكت ويمارس ما يعرفه فقط.. فأنت فى صحيفتك يسألك رئيس التحرير مين حيلعب مع مين بكره؟.. وليه لما الأهلى بيكسب الجرنال بيوزع.. وليه فلافيو مابيحطش أجوال برجليه، اشمعنى رأسه.. وفى البيت وأنت مندمج فى مشاهدة مباراة الأهلى والزمالك تفاجئك زوجتك بأسئلة تقيم بها حوارًا لا تريده ولا هى معنية به لأنها تقيم حوارا يوميا مع المطبخ.. فتسألك عن اسم الفريق اللى لابس أحمر واسم الفريق اللى لابس أبيض.. وليه الحكم لابس أسود!.
◄ ويا سلام على الحوار فى الأهلى والزمالك.. فى الأهلى لا يوجد طرفان يتحاوران.. وإذا التقيا فإنها مرة كل 4 سنوات.. تأتى الإدارة وتقول للجمعية العمومية أنا أدعوك للحوار لكن ممنوع أن تتحاورى مع غيرنا.. وفى الزمالك.. ينام النادى ويستيقظ على خناقة يومية بين نفس الأفراد..هو أقوى وأطول حوار بين بشر فى مصر.. لكن ربما يكون هو الحوار الوحيد فى مصر الذى له هدف، وهو تخريب الزمالك.. هكذا هى المصريين.. من شواطئ مارينا إلى حى الحسين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة