يوجد أكثر من 100 ألف امرأة مسلمة تعمل حالياً فى بريطانيا، ولكن لا تزال الكثيرات منهن تشعرن بعدم فهم الآخرين لهن وغياب من يمثل طموحاتهن، والتحديات التى تواجه المرأة العاملة حول النجاح فى وظيفة جيدة والجمع بين الزواج والأمومة مع العمل.
ومن هنا، قامت لجنة المساواة وحقوق الإنسان بالتعاون مع صحيفة التايمز ومجلة إيمل بنشر أول قائمة سنوية للمرأة المسلمة القيادية، تكريماً لمن حققن النجاح أو فى سبيل تحقيقه فى مجالات عملهن، وكان يمكن لأية امرأة بريطانية مسلمة أن تترشح للقائمة من سن 18، حيث يهدف الأمر إلى خلق شبكة للمرأة المسلمة فى بريطانيا، تهدف إلى استفادة النساء من تجارب بعضهن البعض فى مكان العمل، وتعرض الشبكة نماذج للسيدات اللاتى تعملن فى مناصب قيادية، وصنعن اختلافاً إيجابياً فى أعمالهن.
وتقول الصحيفة، إن المرأة العاملة تمثل نسبة صغيرة من الإناث البالغات من السكان المسلمين، البالغ عددهم 768 ألفا، لذا فإن تسليط الضوء على النماذج الناجحة سيكون أمراً مهماً.
وقال تريفور فيليبس، رئيس لجنة المساواة وحقوق الإنسان، إنه يأمل فى أن توجه هذه القائمة الأنظار البريطانية إلى عدد كبير من نساء الجالية المسلمة التى صنعت اقتصاداً قيماً، وقدمت مساهمة اجتماعية لمستقبل إنجلترا.
وتظهر القائمة، أن الجالية المسلمة لا تفكر كلها بنفس الطريقة، فبعض النساء حصلن على مساندة أسرهن لتطلعاتهن، وأخريات كان آبائهن ضرورة ترك المدرسة فى سن 16 من أجل الزواج، والبعض منهن اخترن ارتداء الحجاب، البعض الآخر تذهبن إلى المسجد.
وهناك من تريد الحديث عن الجالية الإسلامية مقابل أخرى لا ترى أهمية لذلك، ولكن كلهن تتفقن على حقيقة ينبغى أن يسلط عليها الضوء، وهى أنه ليس كل النساء المسلمات تعانين القمع والاكتئاب، فهناك الكثيرات ناجحات فى العمل والمجتمع.
فارميدا بى (41عاما)، وهى شريك فى مجموعة الأوراق المالية الدولية "نورتون روز". وتقول "بى" الباكستانية الأصل إنها تحدت رغبة أهلها فى منعها من الجامعة لزواجها من ابن عمها، ويبعث "بى" برسالة لفتيات الجالية المسلمة تقول فيها، إن أى فتاة ستحقق ما تريد حتى لو رفضت أسرتها ذلك.
وتوضح مشعل حسين (36 سنة) مقدمة بإذاعة "بى.بى.سى 1" أنه للأسف هناك صورة غير جذابة عن الجالية المسلمة فى الصحف، فلا يتم التركيز عادة على الأمور الإيجابية.
وتروى سابينا إقبال (33 عاماً)، وهى مؤسس ومدير مؤسسة تربية الأطفال الصم فى بريطانيا، تجربتها حيث توضح أن كونها امرأة صماء ومسلمة هذا يجعلها نموذجاً فريداً لغيرها من النساء الصم فى موطنها الأصلى آسيا.
وتقول، إنها قابلت عدة مضايقات فى الجامعة بسبب هذا الأمر كاد أن يدفعها إلى الانطواء، ولكن دائماً ما كانت تحصل على التشجيع من أسرتها وزوجها وتضيف أنها لم ترتدِ الحجاب، ولكنها على يقين من أنها كانت ترتدى ما هو مناسب لها.
امتياز خالق (44 عاما) مصممة ملابس، وهى إحدى النماذج المسلمة القائدة التى ألقت الصحيفة عليها الضوء تقول: تمنيت أن أصبح مصممة ملابس، ولكننى أعتقد أن المرأة المسلمة عليها النضال أكثر من غيرها فى المجتمعات الأخرى، خاصة إذا كانت تريد أن تشارك فى الفنون الإبداعية.
وتقول بارونيس وارسى (37عاماً) تعمل كوزيرة ظل لتماسك المجتمع والعمل الاجتماعى، أنها فخورة بوجودها ضمن هذه القائمة التى تجمع نساء مسلمات حققن النجاح، وذلك رداً على رجل الشارع الذى يرى ببساطة استحالة نجاح المرأة المسلمة.
وتشير أنها كثيراً ما كانت تتعرض لكثير من الأقوال التى تضايقها، مثل أسئلة بعض الصحفيين "هل أنت مسلمة أولاً أم بريطانية أولاً؟" وكأنهم يريدون أن يقولوا لها أنها لن توفق أبداً بسبب عرقها.
وتشير فريدة فورتن، عميد كلية طب الأسنان وصحة الفم بجامعة الملكة مارى، إلى إخفائها هويتها الإسلامية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمر، كما أن ابنها كثيراً ما كان يواجه مضايقات لكونه مسلماً، وتقول إن منذ سنتين كانت هناك مناقشة بالكلية حول الزى الإسلامى والحساسيات التى تخص الإسلام، وهنا أظهرت أنها مسلمة مما أثار صدمة للحاضرين.
وأوضحت أنها منذ ذلك الحين عزمت على دعم جميع العاملين معها والطلاب من الخلفيات العقائدية والمجتمعية المتنوعة.
أما بشرى صادق (56 عاماً) مديرة أول مدرسة للجالية الإسلامية وقد انتقلت للعيش فى بريطانيا فى عمر ثمان سنوات وتلقت تعليماً بريطانياً، توضح أنها صادفت كثيراً من النظرات السلبية التى كانت تشعرها بأنها لن تحقق إنجازاً كونها امرأة مسلمة، ولكنها الآن فخورة، لأنها تتبوأ مكانة متميزة فى بريطانيا رغم تلك النظرات.
إحدى النماذج أيضا دكتورة جلنار أيبيت، وهى محاضر فى العلاقات الدولية والعلوم السياسية والباحث الرئيسى لمشروع الأكاديمية البريطانية لحلف الناتو والاتحاد الأوروبى لبناء دولة فى البوسنة.
وتقول إن غالباً فى مثل هذه المهنة التى يهيمن عليها الرجال تواجه المرأة تحديات وكونها امراة مسلمة، فهذا زاد من صعوبة الأمر عليها، ولكننى كنت أصر على النجاح وتحقيق الإنجاز كما أننى أقدم نصائح لكثير من الشابات المسلمات وغيرهن.
محمودة ميان، أمين هيئة الإذاعة البريطانية ومحام مفوض للجنة شكاوى الشرطة المستقلة، وتقول إنها كثيراً ما كانت تشعر بالعنصرية فى السبعينيات، ولكن لم تمس هذا الأمر فى مجال عملها، وعملت ميان مع مؤسسة لتعزيز الانسجام الاجتماعى، حيث قابلت مسلمين من شتى أنحاء لندن وشاركوها خبراتهم مما جعلها أكثر تميزاً فى هذا المجال.
أما رضا الساعى ومؤسس ومدير مؤسسة للفن والتصميم الإسلامى ومتزوجة من مصر قامت بقراءة قانون بورصة لندن وقامت بتأسيس نادٍ لنشر الثقافة والفن الإسلامى.
وتقول سلمى يعقوب وهى زعيم حزب سياسى وانتخبت عضواً فى مجلس مدينة برمنجهام، إن أحداث الحادى عشر من سبتمبر كانت نقطة تحول فى حياتها بعد أن رأت حجم كراهية العالم للمسلمين، كما أنها رأت أن الإيمان والقرآن يساء فهمهم بين المسلمين، حيث تعانى المرأة المسلمة من الزواج القسرى وغيره من القمع لذا قررت أن تعمل لتغير من تلك الصور.
وتعتقد ريملا أخطار (26سنة) رئيسة مؤسسة رياضية للمرأة المسلمة، أن هناك الكثير الذى ينبغى القيام به فى سبيل توصيل رسالة سليمة للمجتمع البريطانى عن الجالية المسلمة، وتقول إنها لديها العقيدة التى تميز هويتها، لكنها ليست مختلفة عن الآخرين كونها مسلمة، وترى "أخطار" أن المسلمين قدموا كثيراً من الأمور الإيجابية للمملكة المتحدة.
وتعمل زهيدة منصور فى البنك المركزى البريطانى كمفوض الشكاوى والخدمات القانونية لأمين المظالم بإنجلترا وويلز، وهى ترى أن الدعم الأسرى أمر هام فى مشوار نجاحها، فوالدها كان يشجعها كثيراً فى ذلك الوقت الذى كانت الفتيات المسلمات لا يسمح لهن بالذهاب للجامعة.
وأضافت أن الأقليات الإثنية من النساء تشعرن بالتمييز على ثلاث جبهات: كونهم نساء، وأقليات ومسلمات، ولكنها تعتقد أن الصورة النمطية للمرأة بدأت تتغير، ولكن مازال هناك حاجة إلى مزيد من دعم الأسرة ودعم المجتمع المحلى.
يوجد أكثر من 100 ألف امرأة مسلمة يعملن حالياً فى بريطانيا